كم توفي أمس من الناس على الطرقات؟

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

نبذل مجهودا مضاعفا مع الحكومة لكي لا تنهار جديتنا، ونحن نراها تنقلنا من حالة عادية إلى سرعة الارتباك بقرار منع الوصول إلى عدة مدن مغربية، عشية عيد..
ولكي نستطيع أن ندعي بأننا لم نغضب من هوايتها في تدبير جائحة، وهي تخبرنا في السادسة مساء بأن منتصف الليل توقيت آخر للسفر المبتغى… في الصيف الكورونيالي، يكاد القرار يكون مثل رعد،
مثل صيب من السماء
مثل الأحجية،
مثل مزاج عاصفي في ليل صحراوي
أو كسيل من عل في سهوب النجود العليا…
تفكر الحكومة في قرارات الحجر المشدد، مثل أرنب باغتها الضوء في مفترق الطرق بين غابتين، ولا ترى داعيا لكي تفسح للناس متنفسا من الوقت ومن المكان لكي يتدبروا أمرهم…
وتحول الأرنب إلى صياد يطلق النار، من كمين مستتر، كما يليق بمن باغتتها المعطيات…
ومعضلة الحكومة في المغرب دائما هي اختيار الساعة التي تتحدث فيها إلى المغاربة ببلاغ ..
الأنهار البشرية التي تحركت دقائق فقط بعد إعلان القرار الحكومي بمنع التنقل من وإلى عدة مدن، منها الدار البيضاء الكبرى، دليل على أن ثقة الناس في حكومة تفكر فيهم، اهتزت ولم تثبت أمام قرارها.
فهل يمكن للحكومة أن تملك الشجاعة وتعلن لنا، عن عدد القتلى بسبب حوادث السير الذين راحوا بسبب الحركة غير المسبوقة والتسابق الطرقي الذي مارسوه في الذهاب إلى عائلاتهم أو أقاربهم؟
هل يمكنها أن تعلن بلا تورية ولا إخراج، عن عدد القتلى لكي نقارنهم بالذين توفاهم الله بسبب الجائحة، في نفس الفترة وفي نفس السياق؟
هل يمكنها أن تستخلص، ولنا بعض تخمينات مبنية على اتصالات مع من يهمهم الأمر في مدن بعينها، حجم الخطأ، لا في القرار، بل في إخراجه وتنفيذه وإعلانه؟
هو ذا الإطار العادل في الحكم على القرار..
لقد ظل المغاربة ملتزمين حقا، بالحجر على حرياتهم، وذهبوا إلى أن فلسفوا ذلك، ورأوا أن المسؤولية، اليوم، أهم من الحرية ..
ودستروا امتثالهم للخطة الوطنية، بالرغم من أن الدستور هو صك حريتهم المثلى والمواطنة المسبوكة في قالب القانون..
المغاربة لم يحتجوا على القرارات، ولا حتى تلك التي لا تعجبهم، المغاربة أبانوا عن نضج كبير وعن هدوء، إلى أن اتخذت الحكومة، على عجل، قرارا ألزمتهم به بعد ساعات فقط من إصداره…
لم يكن حبره قد جف، وسال الدم في الطرقات أيها السادة…
سينتبه الناس، إلى أن القرار هذا ليس هو المفارقة الوحيدة في تدبير الجائحة..
فالعيد بذاته موضوع تضخم بلاغي من طرف الحكومة وهي تعدد رؤوس الأغنام في كل نشرة، ولكنها في الوقت نفسه تعدم كل شروط التمتع به، في طقوسه..
وكل من يريد ان يحافظ عليه، عليه أن ينفضه من إبداعاته الألوفية التي طبعتها عبر قرون من الزمن..
ولذلك سارعت الحكومة إلى تعطيل الطريق التي تؤدي إلى الأضحية..
لا سماء يوم العيد
لا قصة ترويها الأمهات للأطفال الذين سيكتشفون العيد لأول مرة بإدراكهم..
لا شيء، كما هو حال الذين يريدون أن يصدقوا قرار السياحة الداخلية، في بلاد تمنع السفر كلما سنحت لها الفرصة…
لا أعتقد بأن هناك ما يجعلنا ندافع عن جدية القرار، إذا كان شكله غير ملائم..
ولا عن جدواه في ما سيأتي من الأيام..
لأن قرارا خاطئا، قد يقود الناس إلى عدم اعتبار قرارات أخرى..
وكل ما يتراكم يشعرنا بالفعل بأن الأمر يخضع لمزاج صيفي، كما رعود وبروق عاصفية…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 28/07/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *