لا حرب في الصحراء ولا استفتاء…الجزائر في عزلة -2-

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

اعتادت الجهات المناوئة للمغرب أن تجعل من اللجن التابعة للأمم المتحدة، من قبيل اللجنة 24 واللجنة الرابعة منصات للترويج المغرض للمبادئ العامة التأسيسية لهذا المحفل الدولي، ولطالما جعلت منها مكبر صوت لدعواتها المتعلقة بتقرير المصير، من زاوية واحدة وتأويل واحد يخدم أجندتها… متعمدة في الكثير من الأحيان لي عنق الحقائق وتفسير القرارات الأممية كما تشاء، ومنها قرارات محكمة العدل الدولية ومفهوم تقرير المصير الذي لا يفيد سوى الاستفتاء.
ومن هذه الزاوية يعد قرار اللجنة الرابعة بإقبار الاستفتاء إقبارا لأطروحة بكاملها تغذيها الجزائر….
فاللجنة التي تنهي أشغالها بقرارات وتوصيات، وتحيلها على الجمعية العامة للأمم المتحدة بكامل هيئاتها، هي لجنة تغيرت قناعاتها في الآونة الأخيرة، كما أنها تقدم لنا مقدمة عما سيكون عليه مناخ الاجتماع السنوي الخاص بالصحراء في أكتوبر الجاري، وهي بذلك تكون قد قطعت حبل السرة الذي يربطها بالأطروحة والدعاية الجزائريتين، وقد كان عمر هلال مصيبا للغاية لما كشف عنن تهافت منظومة المحاججة التي تقوم عليها أطروحة واسطورة الجزائر النظامية إزاء المغرب…
في الواقع ما هو منتظر هو خروج الملف المغربي نهائيا من هذه اللجنة ليبقى بين أيدي مجلس الأمن وحده لا غير…
النقطة الثانية في مرافعة المغرب، تتعلق بتعميق عزلة النظام الجزائري ومن معه أمام العالم بخصوص الالتزام بقرارات الأمم المتحدة في القضية، فلا يمكن معارضة قرارات بعينها والقبول بقرارات أخرى…
والنظام الجزائري، وهو يسير عكس التيار الذاهب بزخم نحو الحل السياسي، يكون يعاكس الإرادة الدولية، التي تجسدت على مستويين:
الأول، في تكريس مقترح الحكم الذاتي المغربي كأفق وحيد للحل، وعليه صارت مفاهيم مثل الاستفتاء والانفصال والدولة في خبر كان.
ثم المستوى الثاني، تفنيد وجود حالة حرب، بعد التخلي عن وقف إطلاق النار من طرف الجزائر وصنيعتها، وبالتالي انتفاء شرط عودة المنطق الأممي إلى بداية الصراع، والبحث عن تجديد قرار وقف إطلاق النار ، ومعه تجديد قرار الاستفتاء ….
الواضح أن قرارات مجلس الأمن لاسيما الأخيرين 2602 و2654، تسير بشكل نهائي نحو الحل السياسي المتوافق عليه، ويفرض وجود الجزائر كعنصر أساسي في موائد الحوار السياسي، ورفضها للمسلسل السياسي، ثم رفضها للحضور في موائد التفاوض السياسي يجعلها في عزلة، ثم تبتعد أكثر من حيث التحدث إلى المنتظم الدولي في الموضوع، وبذلك تكون القضية في طور الحسم سواء حضرت أو غابت..
فالكرة عادت من عمق التاريخ لتلطم وجه النظام الجزائري حيث لا ينفع الهروب، كما أن المستقبل، بمقدمات الحاضر، لا يجعل لها من موقع سوى المساهمة في الحل عبر الإقرار بالحق المغربي وليس سواه…

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/10/2023