مارادونا: بالقلب عاش وبالقلب مات، لكنه بالقدمين صار خالدا!

سأذكر قدميه، كما يذكر آخرون وجه الطوطة،
نذكرها وهي ترقص في الملاعب
وهي تدخل التاريخ ، وتجعل منها اللاعب الذي دخل بقدمين راقصتين إلى قلوب الكثيرين.
رقص أيضا على حافات قلوبنا، عندما اهتز لأحواشنا الصحراوية، في العيون.
الغيفاري
المعجب بتدلل بكاسترو كوبا،
والصديق اللامشروط لمادورو، الذي خاصمونا أحيانا كثيرة،
لم يتردد في الرقص في جنبات ملعب العيون الرياضي،
ثم يدخل قلوبنا بقدمين راقصتين..
هو الذي تجول أيضا في كل الأفواه، ملايين الأفواه جاب العالم، بقدميه
أعرف بأني كنت معجبا به، كالملايين، لكن الذي رفع الإعجاب إلى موقف أدبي، وشعور لغوي مسرور، كانت المقالة التي كتبها الشاعر محمود درويش عنه.
وجدت أنه استدرج شاعر المأساة
إلى أسطورة فرحة..
كما لو أنه يقرأ فعلا نصا لفريديريك نيتشه..
كان عِلْم قدميه فرحا، كما يشاء فيلسوف الأسطورة وشاعر التراجيديا.
في لقاء بينه وبين الفلسفة والشعر، كنا نقيم نحن أيضا ذلك الجيل الذي لم يغفر لكرة القدم، أنها قادت الشعوب إلى المدرجات، ولم تقدمهم إلى الشوارع الثائرة.
نحن الجيل، الذي فضل الاديولوجيا على الحياة، لم ننتبه إلى أن أبناء القاع الاجتماعي يعيدوننا إلى الحياة بفضل كرة القدم التي كنا نعقد لها محاكم خاصة ..
هو الذي حول اسمه إلى راية للأرجنتين، أقنعنا في النهاية بأنه يمكن أن يغضب من الكنائس التي تطلي السقف بالذهب ولاتهتم بالفقراء،
وأن القضايا القلبية، لا يمكن أن تلغيها الذهنيات
أكانت يسارية جامدة أم دينية هاربة..
بالقلب عاش
مع الفقراء والمعدمين، ومع القضايا العادلة.
وبالقلب مات،
في العزلة والمصحات والخطأ الطبي
لكنه بالقدمين صار خالدا !
كانت اللغة الواصفة في الإذاعات والشاشات، تعلن عجزها، بياضات كثيرة لا تصلها عباراتها المسكوكة فينوب الصراخ عن الكلمات،
وتفسح حبال الصوت مساحتها لشساعة الانبهار
واللَّغْونات اللامفهومة
شيء ما.. فيها كان يذكرنا بصيحات بوجميع
أو همهمات السيد
وتموجات السنتير..
شيء ما.. فيها يدل علينا
وعلى
قرابة بين القدمين وأصوات الغيوان، في ذلك المزيج السماوي
من الفرحة والتوق والتسامي …
علمنا أيضا أن الرقص
جزء من كرة القدم
وأن كرة القدم جزء من الرقص!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *