ما‭ ‬تدين‭ ‬به‭ ‬الأمازيغية‭ ‬للملك‭ ‬‮…‬‭ ‬

عبد الحميد جماهري

‭ ‬لتقدير‭ ‬القرار‭ ‬الملكي‭ ‬وخلفياته‭ ‬العميقة،‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المكون‭ ‬الأمازيغي‭ ‬في‭ ‬هويتنا‭ ‬الجماعية،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬نأخذ‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬كثافة‭ ‬الفعل‭ ‬السوسيو‭ ‬ثقافي،‭ ‬في‭ ‬مجمله،‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬تناوله‭ ‬من‭ ‬زاوية‭ ‬وقائع‭ ‬فعل‭ ‬السلطة‭ ‬كما‭ ‬تحدد‭ ‬مفهومها‭ ‬الجديد‭ ‬مع‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‮.‬‭ ‬وبمعنى‭ ‬آخر،‭ ‬فإننا‭ ‬نعيش‭ ‬ثمرات‭ ‬تحول‭ ‬عميق‭ ‬وطويل‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الاجتماعية،‮ ‬وذلك بتحرير الموضوع من المفهوم السلطاني‮ ‬للثقافة الذي‮ ‬يتجاوز في‮ ‬تاريخانيته،‮ ‬قرار‭ ‬السلطة‭ ‬العليا‭ ‬أو‭ ‬انحيازها‭ ‬الصائب‭ ‬والشجاع‭ ‬إلى‭ ‬حقيقة‭ ‬مجتمعية‭.‬
إنه‭ ‬فعل‭ ‬كثيف‮.‬‭ ‬وهو‭ ‬بدوره‭ ‬يكثف‭ ‬هذا‭ ‬التحول،‭ ‬بل‭ ‬نستشرف‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قضية‭ ‬الأمازيغية‭ ‬أن‭ ‬العهد‭ ‬الجديد‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التطورات‭ ‬القادمة‭ ‬منذ‭ ‬بدايته‮.‬‭ ‬والدليل‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬الذي‭ ‬نحن‭ ‬بصدده،‭ ‬في‭ ‬2001،‭ ‬أعطى‭ ‬تعريفا‭ ‬للهوية،‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬سيتأكد‭ ‬في‭ ‬دستور‭ ‬2011‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‮..!‬‭ ‬
1ـ‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬العهد،‭ ‬ربط‭ ‬محمد‭ ‬السادس،‭ ‬بين‭ ‬الدولة‭ ‬الموحدة،‭ ‬الوطنية بالعمق‭ ‬الثقافي‭ ‬‮.‬‭ ‬وظل‭ ‬هذا‭ ‬الترابط‭ ‬حاضرا،‭ ‬بحيث‭ ‬يمكن‭ ‬الجزم‭ ‬بأن‭ ‬التثمين‭ ‬الدستوري‭ ‬أو‭ ‬السياسي‭ ‬التربوي‭ ‬للأمازيغية،‭ ‬باعتبارها‭ ‬خصوصية‭ ‬من‭ ‬الخصوصيات‭ ‬الثقافية‭ ‬المغربية،‭ ‬كانت‭ ‬حاضرة‭ ‬في‭ ‬العرض‭ ‬الملكي‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬الملك‭ ‬في‮ ‬بناء تعاقده‭ ‬مع‭ ‬الأمة‭ ‬المغربية‮.‬
في‭ ‬خطاب‭ ‬2001،‭ ‬وفي‭ ‬تزامن‭ ‬مع‭ ‬القرارات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة‭ ‬ببناء‭ ‬المشروع‭ ‬المغربي‭ ‬الجديد،‭ ‬أعطى‭ ‬الملك،‭ ‬المعنى‭ ‬الجازم‭ ‬في‭ ‬الربط‭ ‬بين‭ ‬كيان‭ ‬الدولة‭ ‬وبين‮«‬‭ ‬الهوية‭ ‬الوطنية‭ ‬المتميزة‭ ‬بالتنوع‭ ‬والتعددية‮».‬
في‭ ‬ذات‭ ‬الخطاب،‭ ‬عرف‭ ‬الملك‭ ‬هاته‭ ‬التعددية،‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬روافد‭ ‬متنوعة‭ ‬أمازيغية‭ ‬وعربية‭ ‬وصحراوية‭ ‬إفريقية‭ ‬وأندلسية‮…».‬‭ ‬ولعلنا‭ ‬نلمس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التعريف‭ ‬حضور‭ ‬المضمون‭ ‬الدستوري‭ ‬القادم‭ ‬كما‭ ‬سيتحدد في‭ ‬2011،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‮.‬
وهو‭ ‬ما‭ ‬يؤكد‭ ‬ما‭ ‬ذهبنا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬كون‭ ‬هذا‭ ‬المفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬للهوية،‭ ‬كان‭ ‬حاضرا‭ ‬قبل‭ ‬موجات‭ ‬الربيع الفِبْرايري‮ ‬وقبل‭ ‬النقاشات‭ ‬الواسعة‭ ‬التي‭ ‬صاحبته،‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬‮«‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬الدستورية‮»‬‭ ‬للدولة‭ ‬المغربية المتجددة‮..‬
‮.‬2ـ‭ ‬قعَّد‭ ‬الملك‭ ‬أيضا‭ ‬الترابط‭ ‬بين‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬وتعددية‭ ‬الهوية‭ ‬‮(‬‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تعرف‭ ‬أغلبية‭ ‬أو‭ ‬أقلية‭ ‬‮):‬‭ ‬معتبرا‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬ديمومة‭ ‬نظامنا‭ ‬الملكي‭ ‬منذ‭ ‬13‭ ‬قرنا‮»‬‭ ‬هو‭ ‬قاعدة‭ ‬تحصين‭ ‬هذا‭ ‬التعدد،‭ ‬عبر‭ ‬تطور‭ ‬تاريخي‭ ‬وطني‭ ‬مكن‭ ‬الهوية‭ ‬من‭ ‬خصوصيات‭ ‬لا‭ ‬نظير‭ ‬لها‮.‬
3‭- ‬دفعة‭ ‬تاريخية‭ ‬‮:‬‭ ‬وضمن‭ ‬حيوية‭ ‬إصلاحية‭ ‬كبيرة‭ ‬وحاسمة‭ ‬أعلن‭ ‬الملك‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الخطاب‭ ‬عن‭ ‬إحداث‭ ‬المعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للثقافة‭ ‬الأمازيغية،‭ ‬ووضع‭ ‬على‭ ‬عاتقه‮«‬‭ ‬النهوض‭ ‬بالثقافة‭ ‬الأمازيغية،‭ ‬ومن‭ ‬ذلك‭ ‬إعداد‭ ‬ومتابعة‭ ‬عملية‭ ‬إدماج‭ ‬الأمازيغية‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬التعليم‮».‬‭ ‬وأوكلت‭ ‬له،‭ ‬منذ‭ ‬24‭ ‬سنة،‭ ‬مهام‭ ‬اقتراح‭ ‬السياسات‭ ‬الملائمة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تعزيز‭ ‬مكانة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والثقافي‭ ‬والإعلامي‭ ‬الوطني‮..‬
ولا‭ ‬يغفل‭ ‬المتتبع‭ ‬كما‭ ‬صاحب‭ ‬القرار‭ ‬أن‭ ‬الدفع‭ ‬بحضور‭ ‬اللغة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مجال،‭ ‬سواء‭ ‬الوطني‭ ‬أو‭ ‬المحلي‭ ‬والجهوي،‭ ‬يعتبر‭ ‬في‭ ‬التقدير‭ ‬الملكي‭ ‬‮«‬تجسيدا‭ ‬للبعد‭ ‬الثقافي‭ ‬للمفهوم‭ ‬الجديد‭ ‬للسلطة‮».‬
4‭-‬لم‭ ‬يتعد‭ ‬الفاصل‭ ‬الزمني‭ ‬بين‭ ‬خطاب‭ ‬العرش‭ ‬‮(‬يوليوز‭ ‬2001‮)‬‭ ‬وخطاب‭ ‬أجدير‭ ‬‮(‬‭ ‬أكتوبر‭ ‬2001‮)‬‭ ‬سوى‭ ‬أشهر‭ ‬قليلة،‭ ‬3‭” ‬أشهر‭ ‬بالضبط‭” ‬ليتبين‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬جديد‭ ‬للهوية‮..‬
اختار‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬السادس‭ ‬موقع‭ ‬أجدير‭ ‬الجبلي‭ ‬الأطلسي،‭ ‬الذي‭ ‬يتصادى‭ ‬مع‭ ‬أجدير‭ ‬الأخرى،‭ ‬أجدير‭ ‬الحسيمة،‭ ‬الموقع‭ ‬الريفي‭ ‬المتوسطي،‭ ‬التي‭ ‬رأى‭ ‬فيها‭ ‬البطل‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬عبد‭ ‬الكريم‭ ‬الخطابي‭ ‬النور‮..‬‭ ‬للإعلان‭ ‬عن‭ ‬تصوره‭ ‬أو‭ ‬ثورته‭ ‬الثقافية‭ ‬الأمازيغية‮.‬

في‭ ‬أجدير‭ ‬خنيفرة‭ ‬وضع‭ ‬الملك‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬المؤسساتية‭ ‬لما‭ ‬يراه‭ ‬للأمازيغية‮.‬‭ ‬ودخلت‭ ‬القرية‭ ‬الجميلة،‭ ‬المحاطة‭ ‬بالأرز‭ ‬الأطلسي‭ ‬التاريخ‭ ‬الثقافي‭ ‬والسياسي‭ ‬للبلاد‮.‬‭ ‬وحضر‭ ‬اسمها‭ ‬حيث‭ ‬ما‭ ‬توجد‭ ‬الثروة‭ ‬الثقافية‭ ‬والإنسانية‭ ‬الأمازيغية‭ ‬موضع‭ ‬نقاش‭ ‬مجتمعي‮.‬‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬وفي‭ ‬غيرها‮.‬
في‭ ‬خطاب‭ ‬أجدير‭ ‬تأسس‭ ‬وتكرس‭ ‬خروج‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬باب‭ ‬مسدود‭ ‬في‭ ‬اللغة،‭ ‬وقعت‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة،‭ ‬وصارت اللغة بسببه،‮ ‬بؤرة‭ ‬توتر،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬أخرى‭ ‬مثل‭ ‬قضية‭ ‬المرأة‮..‬
في‭ ‬خطاب‭ ‬أجدير‭ ‬‮:‬
‮-‬صدر‭ ‬الظهير‭ ‬الشريف‭ ‬المحدث‭ ‬والمنظم‭ ‬للمعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للثقافة‭ ‬الأمازيغية؛
ـ‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬إقرارنا‭ ‬جميعاً‭ ‬بكل‭ ‬مقومات‭ ‬تاريخنا‭ ‬الجماعي،‭ ‬وهويتنا‭ ‬الثقافية‭ ‬الوطنية‮..‬
ـ‭ ‬الأمازيغية‭ ‬ملك‭ ‬لكل‭ ‬المغاربة‭ ‬بدون‭ ‬استثناء،‭ ‬وهو‭ ‬توضيح ضروري‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬نقل‭ ‬إجباري‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬ينزلق‭ ‬التعاطي‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬نزعة‭ ‬تفتيتية‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬شرط‭ ‬وجود‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬الشعب‭ ‬دون‭ ‬غيرها‮.‬‭ ‬سواء‭ ‬بالانحياز‭ ‬المنغلق‭ ‬أو‭ ‬الرفض‭ ‬المستتر‮!‬
ولن‭ ‬نبالغ‭ ‬إذا‭ ‬قلنا‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التأكيد‭ ‬استباق‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدوائر‭ ‬التي‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬سياجا‭ ‬يخص‭ ‬قسما‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬المغاربة‮..‬
ـ‭ ‬النهوض‭ ‬بالأمازيغية‭ ‬شرط‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬المشروع‭ ‬المجتمعي‭ ‬الديمقراطي‭ ‬الحداثي،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فهو‭ ‬مشروع‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬لا‭ ‬يُغيِّب الماضي،‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬يسكنه أيضا،‮ ‬بل‭ ‬ينفتح‭ ‬على‭ ‬الديموقراطية‭ ‬والحداثة‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬الهوية‭ ‬ومصالحتها‭ ‬مع‭ ‬عصرها‮.‬
‭-‬5‭ ‬الدستور‭ ‬والتعريف‭ ‬الثقافي‭ ‬للـ«نحن‮»‬‭ ‬الجماعية‮:‬‭ ‬في‭ ‬التصدير‭ ‬للدستور،‭ ‬ما‭ ‬يشبه‭ ‬استعادة‭ ‬كاملة‭ ‬لما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬خطاب‭ ‬2001،‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬تحديد‭ ‬طبيعة‭ ‬الدولة‭ ‬الأمة‭ ‬وحقيقتها‭ ‬الثقافية‮.‬‭ ‬وهكذا‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬نص‭ ‬2011‭” ‬‮«‬المملكة‭ ‬المغربية‭ ‬دولة‭ ‬إسلامية‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬كاملة،‭ ‬متشبثة‭ ‬بوحدتها‭ ‬الوطنية‭ ‬والترابية،‭ ‬وبصيانة‭ ‬تلاحم‭ ‬مقومات‭ ‬هويتها‭ ‬الوطنية،‭ ‬الموحدة‭ ‬بانصهار‭ ‬كل‭ ‬مكوناتها،‭ ‬العربية‭ ‬‮-‬‭ ‬الإسلامية،‭ ‬والأمازيغية،‭ ‬والصحراوية‭ ‬الحسانية،‭ ‬والغنية‭ ‬بروافدها‭ ‬الإفريقية‭ ‬والأندلسية‭ ‬والعبرية‭ ‬والمتوسطية‭”…‬
ويتجدد‭ ‬التأكيد‭ ‬في‭ ‬الفصل‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تنصيصه‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأمة‭ ‬المغربية‭ ‬تستند‭ ‬في‭ ‬حياتها‭ ‬العامة‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬جامعة،‭ ‬منها‭ ‬‮«‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬متعددة‭ ‬الروافد‮».‬‭ ‬كما‭ ‬فصل‭ ‬الفصل‭ ‬الخامس‭ ‬في‭ ‬ترسيم‭ ‬اللغة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬بالتنصيص‭ ‬مجددا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يلي‭”‬‮«‬تعد‭ ‬الأمازيغية‭ ‬أيضا‭ ‬لغة‭ ‬رسمية‭ ‬للدولة،‭ ‬باعتبارها‭ ‬رصيدا‭ ‬مشتركا‭ ‬لجميع‭ ‬المغاربة،‭ ‬بدون‭ ‬استثناء‮.‬‭ ‬يحدد‭ ‬قانون‭ ‬تنظيمي‭ ‬مراحل‭ ‬تفعيل‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمي‭ ‬للأمازيغية،‭ ‬وكيفيات‭ ‬إدماجها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التعليم،‭ ‬وفي‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬العامة‭ ‬ذات‭ ‬الأولوية،‭ ‬وذلك‭ ‬لكي‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬مستقبلا‭ ‬بوظيفتها،‭ ‬بصفتها‭ ‬لغة‭ ‬رسمية‭”.‬
ـ‭ ‬دستر‭ ‬المغرب،‭ ‬كذلك،‭ ‬الشكل‭ ‬المؤسساتي‭ ‬لحماية‭ ‬هاته‭ ‬الهوية‭ ‬اللغوية‭ ‬والثقافية،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إنشاء‭ ‬‮«‬مجلس‭ ‬وطني‭ ‬للغات‭ ‬والثقافة‭ ‬المغربية،‭ ‬مهمته،‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص،‭ ‬حماية‭ ‬وتنمية‭ ‬اللغات‭ ‬العربية‭ ‬والأمازيغية‮»..‬‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬لحد‭ ‬الساعة‭ ‬تنزيل‭ ‬هاته‭ ‬الآلية‭ ‬الضامنة‭ ‬للتناول‭ ‬المؤسساتي‭ ‬المقنن‭ ‬لهذه‭ ‬المهمة‭ ‬الحضارية،‭ ‬مع‭ ‬الأسف،‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬مرور‭ ‬14‭ ‬سنة‭ ‬على‭ ‬اعتماد‭ ‬الدستور‮!‬
وهكذا،‭ ‬نحن‭ ‬أمام‭ ‬تأخير‭ ‬في‭ ‬تأخير،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬تقوية‭ ‬الهيكلة‭ ‬الدستورية‭ ‬للمسألة‭ ‬الثقافية،‭ ‬لم‭ ‬تتأتَّ‭ ‬سوى‭ ‬بعد‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الحياة‭ ‬الحرة‭ ‬للمغرب،‭ ‬وينضاف‭ ‬إليها‭ ‬عقد‭ ‬من‭ ‬الزمن‭ ‬الدستوري‭ ‬الجديد‭ ‬لخصاص‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‮!‬
وهو‭ ‬تأخر‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬بعد‭ ‬التصويت‭ ‬بالإجماع،‭ ‬يوم‭ ‬الاثنين‭ ‬10‭ ‬يونيو‭ ‬2019،‭ ‬على‭ ‬القانونين‭ ‬التنظيميين،‭ ‬الأول‭ ‬خاص‭ ‬بتحديد‭ ‬مراحل‭ ‬تفعيل‭ ‬الطابع‭ ‬الرسمي‭ ‬للأمازيغية‭ ‬وكيفيات‭ ‬إدماجها‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬والحياة‭ ‬المهنية،‭ ‬والثاني‭ ‬بالمجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للغات‭ ‬والثقافة‭ ‬المغربية‭…‬
في‭ ‬الدسترة‭ ‬ربحنا‭ ‬تحدي‭ ‬الإطار‭ ‬الجامع‭ ‬للنقاشات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬بحيث‭ ‬إن‭ ‬المكونات‭ ‬السياسية‭ ‬والثقافية،‭ ‬صارت‭ ‬تحتكم‭ ‬في‭ ‬هويتها‭ ‬الثقافية‭ ‬وتعريفها‭ ‬وتحديدها،‭ ‬إلى‭ ‬النص‭ ‬الدستوري‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬التعريفات‭ ‬العامة‮…‬‭ ‬من‭ ‬خارج‭ ‬الدستور‭ ‬والمتعالية‭ ‬عليه‭ ‬لأسباب‭ ‬تاريخية‭ ‬وأخرى‭ ‬دينية‮..‬
ولنا‭ ‬أن‭ ‬نضيف‭ ‬كذلك‭ ‬بأن‭ ‬الوطنية‭ ‬الواعية،‭ ‬‮(‬‭ ‬أو‭ ‬الوطنية‭ ‬الدستورية،‭ ‬patriotisme constitutionnel‮)‬‭ ‬تشجع‭ ‬على‭ ‬بروز‭ ‬المواطنة‭ ‬الديمقراطية‮.‬‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الإحساس‭ ‬بالانتماء‭ ‬المشترك،‭ ‬يسهل‭ ‬إقامة‭ ‬الديمقراطية،‭ ‬والتي‭ ‬تقوي‭ ‬بدورها‭ ‬من‭ ‬التضامن‭ ‬بين‭ ‬المواطنين‭ ‬عوض‭ ‬الزج‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬الطائفية‭ ‬والتناحر‭ ‬الهوياتي،‭ ‬والاستحالات‭ ‬الثقافية‮..‬
إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تمثل‭ ‬مناسبة‭ ‬السنة‭ ‬الأمازيغية‭ ‬فرحا‭ ‬إضافيا‭ ‬للمغاربة‭ ‬وليس‭ ‬سببا‭ ‬للتشنج‭ ‬الهوياتي‮.‬‭ ‬جميل‭ ‬أن‭ ‬نفرح‮..‬‭ ‬بلغة‭ ‬عمرها‭ ‬من‭ ‬عمر‭ ‬المغرب‭ ‬2975‮:‬‭ ‬عاما‭ ‬‮!‬‭ ‬
أسوكاس امباركي

 

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 14/01/2025