مدير ديوان الجنرال بتشين يصدر كتابا عن «مافيا الجنرالات» في الجزائر… : أحداث أكتوبر 1988
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
يمر هشام عبود، وهو يتحدث عن تشكيل نادي الأحد عشر جنرالا، على الذين يتحكمون في مصير الجزائر، بتدقيق في مساراتهم الشخصية وتكوينهم واللحظات الأساسية في مسارهم وتمكنهم من دواليب القرار.
وهو مسار فيه «بورتريهات» للقادة، الحي منهم والميت، وأغلبهم ما زال في مركز القرار، أو اختفى ليعود إلى حيث كان أوأقوى من ذلك بكثير..
وينتقل بعد ذلك إلى فصل، يكشف عنوانه عن قسوة كبيرة في التقدير، والشعور بما يحدث في بلاد هذا الصحافي المخضرم، بين الحياة المدنية والعسكرية/…
الفصل عنوانه«وصول زمن الخديعة«، وهو الزمن الذي تلا زمن التصفيات السياسية في هرم الدولة، بعد أن تم إبعاد جزء من قادة الثورة، أو مساعدة بعضهم على الانتحار!!، أوتحويل مساراتهم إلى الدبلوماسية بعيدا عن عاصمة الدولة.
وقد استفاد قادة المنشقين عن الجيش الفرنسي من هذا الفراغ الذي أعقب التصفيات، الفراغ الذي كان نتيجة «مأدبة» الثورة وهي تأكل أبناءها….
غير أن الحديث الأكثر إثارة في الكتاب، هو ذاك الذي يتعلق بتفسيره لأحداث أساسية عاشتها الجزائر.. وأهمها الحدث الأكثر تمييزا، الذي ستليه أحداث أكثر ترويعا، وهذا الحدث هو ما وقع في أكتوبر 1988.
كانت الأحداث ذات سبب اجتماعي مباشر، هو بذاته أثر للتحولات الاقتصادية التي جاء بها برنامج محاربة الندرة، أو«قلة الشي» بلغة الجزائريين والانفتاح على السوق وفتح الداخل للسلع وما إلى ذلك.. هذا الحدث الاجتماعي وضع حدا لشعارات الحكم الجديد، مع الشاذلي بنجديد الذي طالما ردد على مسامع المواطنين أن الجزائر في منأى عن الأزمة الاقتصادية العالمية وقتها. وقد أجبرته الظروف على تغيير الشعار بحيث أصبح يدعو إلى العمل والصرامة لضمان المستقبل.
ويحكي الكاتب عن لحظات صاحبت الأزمة، ومنها ما رواه عن الوزير الأول عبد الحميد إبراهيمي، «الملقب بحميد لاسيونس»، الذي كان قد ألقى حجرا كبيرا في بركة الجزائر ومافيات السياسة، عندما تحدث عن «26 مليار دولار من أموال الدولة تم اختلاسها وتحويلها من طرف الجنرالات والضباط». وهو ما كان قد خلق زوبعة كبيرة وقتها.. وهو كان يريد بذلك تبرئة ذمته من فشل سياسته التي عرفت وقتها بإعادة بناء المقاولات الجزائرية/…
وقد عصفت به الأحداث، وكان من أبرز الذين طوحت بهم رياحها العاصفة.. عاصفة «الحكرة»»، التي أصبحت من بعد مصطلحا مشتركا، بل عالميا، لوصف الغضب الممزوج بالبؤس والإحساس بالمهانة..
وتعبيرا منهم عن هذا الغضب، حول الجزائريون مدرجات الملاعب إلى منابر سياسية للتنفيس عن الغضب ضد السلطة. حيث كانت الشعارات والأغاني المرتجلة المنسابة تردد من طرف الآلاف ضد الرئيس وأسرته ورجاله.. وشيئا فشيئا ترسمت القطيعة وبانت ملامحها بين الحاكمين والمحكومين.
وقد كانت قطيعة أخرى تتأسس في دوائر الحكم، بين الرئيس ومحيطه، حيث أن الولاية الثانية، عرفت انغلاقه على نفسه وتفويض السلطات إلى المحيطين به، فانقطعت علاقته مع وزرائه، ومع جبهة التحرير الوطني، الحزب الوحيد الذي كان هو قائده الأول وانضافت إليها قطيعته مع حقائق البلاد…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/04/2018