هل بدأ مغرب الحكم الذاتي؟ 2/2

عبد الحميد جماهري

وفي ‬هذا الباب قدّم المغرب في‬ شخص وزيره في‬ الخارجية ‬تصويباً دقيقاً، ‬معناه: نعم «‬لحلّ ‬يكون مطابقاً للقانون الدولي ‬والمبادئ الدولية»، ‬لكن «‬لا ‬يجب استغلال هذه المبادئ الدولية بشكل ‬يعرقل التقدم نحو الحلول». ‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬وروسيا،‬ التي‬ تترأس مجلس الأمن حالياً، والعضو في ‬مجموعة الأصدقاء، ‬لا ‬ينتظر ‬منها المغرب أن توافق ‬على الحلّ المتّفق عليه فقط، ‬بل أن تعمل من‬ أجل الوصول إليه بما لها من علاقات مع الأطراف الأخرى أو بالانتصار إلى الحلّ المتطابق مع الاتجاه العام عالمياً.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬
وفي ‬السياق نفسه، ‬يمكن أن نقرأ قراءةً إيجابيةً ‬بنود الاتفاق بين الطرفَين المغربي‬ والروسي، ‬الموقّع ضمن‬ الشراكة الاستراتيجية المعمقة، ‬والتوافق ‬بينهما على الاحترام المتبادل لسيادة البلدَين .‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬…
وبالنسبة إلى المغرب‬،‬هذا الزخم الدبلوماسي‬ منعطف ‬استراتيجي لتفعيل مقترح الحكم الذاتي ‬للصحراء تحت السيادة المغربية.‬‬‬‬‬‬‬
ومع أن القرار ‬الوارد نصّه في ‬المسودة ‬يعد انتصاراً تاريخياً، فإن بعض تفاصيله أثارت تعليقات‬،‬ بل تخوّفات جزء من المحللين وصناع الرأي، ولا ‬سيّما منها الحديث عن «‬ضمان حكم ذاتي ‬حقيقي ‬داخل الدولة المغربية… ‬مع ضمان حقّ تقرير المصير لشعب الصحراء الغربية».‬‬‬‬‬ ‬
والحال أن مقترح الحكم الذاتي‬ كما قدّم إلى مجلس الأمن ‬يضمن هذا الأفق ‬بشكل واضح ‬نصّاً وروحاً،‬ لا سيّما ‬ما‬ ينصّ عليه (‬بالتوالي)‬ البندان ‬27‬ و29: «‬يكـون نظـام الحكـم الـذاتي‬موضـوع تفـاوض،‬ ويطـرح على الـسكّان المعنيين بموجب استفتاء حرّ، ‬ضمن استشارة ديمقراطية. ‬
ويعد هـذا الاستفتاء، ‬طبقا للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة وقـرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن،‬ بمثابة ممارسة حرة مـن لدن هؤلاء السكّان ‬لحقّهم في ‬تقرير المصير».
‬كما‬ ينص ‬على «‬مراجعـة الدسـتور المغـربي ‬وإدراج نظـام الحكـم الـذاتي‬ فيـه،‬ ضـماناً لاستقرار هذا النظام وإحلاله المكانة الخاصة اللائقة به داخل المنظومة القانونية للمملكة».
والسؤال الذي‬ يطرح ضمنياً يتعلق بما بعد ترسيخ الوحدة الترابية‬،‬ ويتفرّع منه: كيف سيدبّر المجتمع الدولي ‬التغير الحاصل‬ في ‬المنطقة؟ وما الذي‬ سيتغيّر في ‬المغرب نفسه؟‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬… ولعلّ المهمة الأولى ‬ستكون ‬النظر في ‬مصير الجبهة الانفصالية وأنصارها «‬بعد موافقة الأطراف على مشروع نظام الحكم الذاتي»‬.
‬وفي‬ هذا الباب، ‬يقترح المشروع المغربي ‬إنشاء «‬مجلس انتقالي ‬مكوّن من ممثلي ‬الأطراف (‬يساهم) ‬في‬ تدبير عودة سكّان المخيمات إلى الوطن ونزع السلاح والتسريح وإعادة إدماج العناصر المسلحة…‬وكذا في ‬أي ‬مسعى ‬يهدف إلى إقرار هذا النظام وتطبيقه، ‬بما في ‬ذلك العمليات الانتخابية».
تليها التغيّرات التي ‬ستحدث في ‬مغرب «‬الحكم الذاتي»، الذي‬ سيعمل في «‬تثوير» ‬الفهم العام للدولة، تراباً وشعباً وجهازاً، ‬وفي بنية اتخاذ القرار والمضي في طموحات التراب ‬الوطني ‬برمّته.‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬ … وهو موضوع للمستقبل. ‬‬

نشر ب«العربي الجديد»

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 27/10/2025