ونكررها من جديد: فرنسا أصبحت أبعد ما تكون عن فهم المغرب!

عبد الحميد جماهري

وجد المغرب نفسه، وهو في عز العمل من أجل إعادة البناء وإيواء الضحايا ودفن موتاه، مجبرا على التذكير بأبجديات التعامل بين الدول، وتذكير فرنسا العظيمة بأولى دروس الديبلوماسية!
-أ-
من التعريفات التي قدمها معجم «لاروس»، وهو فرنسي، للديبلوماسية هو تعريفها بكونها مهارة، حنكة وحذر في السلوك في تدبير قضية شائكة . والمقارنة بين سلوك الخارجية الفرنسية، وهذه المعايير التي وضعتها الحضارة الفرنسية، تبين الفرق: غياب المهارة والتدبير الحذر للقضايا الشائكة، علاوة على تجاوز مدونة السلوك اللائق!
أولا: في الوقائع:
وزيرة الخارجية الفرنسية، كاثرين كولونا، تعلن في حديث لإحدى القنوات الفرنسية، عن »برمجة زيارة للرئيس ماكرون إلى المغرب، بدعوة من جلالة الملك محمد السادس».
نشرت وكالة الأنباء الرسمية المغربية، وكالة المغرب العربي للأنباء، قصاصة من فقرتين اثنتين، الأولى في المضمون الخبري للخروج الرسمي للوزيرة الفرنسية والثانية في الجدل الذي رافقه..
وعليه، قال المصدر الرسمي المغربي: زيارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون «ليست مدرجة في جدول الأعمال ولا مبرمجة». وهو ما يعني بأن الأفق المغربي لا يستحضر بتاتا هذه الزيارة في السياق الحالي.
ولعل الضمني في هذا التأكيد هو تنبيه الدولة الفرنسية إلى أن زيارة رئيسها ليست الأولوية بالنسبة لبلادنا التي تصارع الزلزال وآثاره، وتحدد أولوياتها على هذا الأساس.
ثم إن ملك البلاد يقود عملية عالية الضغط في سياق وطني يراه كل العالم.
وبلغة الآخرين في الدولة الفرنسية: لا يمكن أن يرضي الملك غرور إمانويل ويُمسّح على أنانيته (رحم الله دوفيلبان) المجروحة، ويوقف كل ما يعالجه من أوضاع ترتبت عن الزلزال..
ثانيا: بخصوص الشكل:

للرد على موقف رسمي فرنسي يهم قمة هرم الدولة الفرنسية وزيارته المعلن عنها من طرف واحد.. عبر المصدر الحكومي الرسمي ذاته عن استغرابه لكون السيدة كولونا اتخذت «هذه المبادرة أحادية الجانب، ومنحت لنفسها حرية إصدار إعلان غير متشاور بشأنه بخصوص استحقاق ثنائي هام».
وفي مثل الحالات الديبلوماسية، يكون الشكل هو المضمون أحيانا، ويمكن أن نستأنس هنا بعلماء الرياضيات، الأكثر صرامة إزاء اللياقة واللباقة والحذر، وتشددا مع المنطق، والذين اعتبر أحدهم الحائز على نوبل للرياضيات في 2016″ أن ما يسحرني في الرياضيات أكثر من غيره هو ..الشكل! كما أن المضمون يكون هو الشكل كذلك في حالات عندما يقرر بلد مكان بلاد أخرى.. وفي التشديد المغربي على التوضيحات ما هو أكبر من لعبة ظلال وأشكال وأجندات. هناك ما هو أعمق، هو الاحترام الواجب إزاء الأصدقاء أكثر من الخصوم. ولا شك أن الكثير من القانونيين سيذكرونه بأنه، في الديبلوماسية كما في القضاء، بأن الشكل يغلب على المضمون، ويمكن لأي خطأ في الشكل أن ينسف كل الحجج ومهما كانت صدقية القضية! (أما في الشعر فالشكل ينتصر والمادة تترك مكانها للمعنى، وتلك نثرية أخرى)!
-ب-
جاء الانزلاق الديبلوماسي، كنقطة في بحر من الانزلاقات التي اجتهدت فيها فرنسا ماكرون، والمغرب يعيش زلزاله العاطفي والأرضي والنفسي.. وطوال الأسبوع الذي قضاه المغاربة في صراع مع الطبيعة وجنونها، اتسمت السلوكات الرسمية الفرنسية بأربع لاأخلاقيات غير سليمة بالمرة:
أولا: ميل الرئيس ماكرون إلى تولي شؤون الزلزال من خلال التويتر! وبذلك جعل من رد فعله السريع، كما يسمح به تويتر، تعويضا عن الأساليب المعتادة في تدبير العلاقات بين القادة في حالات الكوارث.
ثانيا: تعمد المرور إلى السمعي البصري، والفيديوهات المباشرة، في تجاهل للسلم السيادي في التعامل بين الدول، فلا يمكن أن يتجرأ زعيم دولة على مخاطبة دولة أخرى إلا في حالة ما تحققت في نفسه ثلاث مقدمات”
-أنه يتصرف بمقتضى تفويض سيادي من الدولة المغربية
-أنه يتصرف بالرغم من المقتضى السيادي لهذه الدولة كما حدث في هايتي وفي غيرها في 2010.
-أو أنه يعتبر أنه يتصرف بموجب حق التدخل الإنساني، باسم الاستعجال الأخلاقي الإنساني، والذي يسمح لدولة مثل فرنسا أن تتواصل مع الشعب بدون المرور بدولته، وهي التي كانت الدولة الوحيدة في العالم التي أنشأت كتابة الدولة للعمل الإنساني في 1988! بدعوى تجاوز »حق اللامبالاة إزاء الكوارث الذي تعطيه الدولة المكلومة لنفسها!..
ثالثا: تحريك الأذرع الإعلامية بما فيها تلك المحسوبة على القطاع العمومي، من أجل خلق حالة تباكٍ غريبة، ترمي إلى تأليب المغاربة ضد حكومتهم، والزلزال مازال في يومه الثاني بالكاد، والإسراع بتضخيم العجز الكامن في الدولة المغربية إزاء الكارثة، وتعميم الشعور بالإحراج الأخلاقي في وجه النظام الذي يعاند فرنسا ..
رابعا: التجريح الشخصي في رمز السيادة المغربية، بما أعاد إلى الأذهان والذاكرة الجمعية للمغاربة، سلوك الإدارة الفرنسية العتيقة أيام نفي محمد الخامس ومناقشة الاستقلال بدونه. ولم تنتبه الإدارة إلى أن أسلافها قد منحوا المغرب ،الاستقلال (الاستقلال والحرية) فرفضوه بدون ملك المغرب.! وسيكون على ماكرون الذي يحبذ دوما الدخول الى معترك الذاكرة، أن يدرك ما سيترتب عن ذلك مستقبلا!
-ج –
تبدو فلتة ماكرون أكبر من استسلام إلى نرجسية سياسية نزقة،بل أسلوبا مضمرا في عقليته،كلما تعلق الأمر بزيارة المغرب.نذكر بالفيديو الذي ا انتشر في أكتوبر الماضي. فقد أعلن عن زيارته إلى المغرب وهو فرح يغادر قاعة للرقص، ولعلها المرة الأولى التي نتابع مباشرة “»باليه« ديبلوماسي” بعد نهاية العرض الراقص، وخارج القاعات! .
ويمكن القول إنه، حتى ولو كانت العلاقات سليمة وبغير ضغط ولا خدوش، فإن أسلوبا من هذا النوع يثير الحيطة الديبلوماسية لأي بلد كان..
بالنسبة للوزيرة كولونا، فإنها تذكرنا بما قاله المسرحي والكاتب شيلر :كلما أرادت أن تثير الإعجاب، ارتكبت انزلاقا.
ولي أن أعود إلى ما كتبته في دجنبر 2022، وقتها كتب العبد الفقير لرحمة ربه: »يبدو أن فرنسا لم تفهم المغرب بعد! وهو ما دفع الديبلوماسية المغربية لكي تكشف لباريس الحقائق الـ 4؛
وقتها لم يفوت وزير خارجيتنا بوريطة مروره أمام الغرفة الثانية للبرلمان، ، لكي يعيد على مسامع المتابعين، عمق الهوة بين فهم فرنسا للأزمة والخروج منها، وفهم المغرب لها وتأسيس أفق جديد على مخرجاتها. وكانت أزمة ما دون الزلزال والكارثة، كانت محصورة عند العقل الفرنسي في التأشيرة.فقد شدد بوريطة على أن »الفيزا ليست بوابة لابتزاز الدول، مع التشوير على أن هذه مسألة سيادية .
وفي الواقع فهي ليست المرة الأولى التي يبدي فيها وزير الخارجية رأيه المضاد للوزيرة الفرنسية.. وهو لم ينتظر مغادرتها أرض الوطن ليسر برأيه للمغاربة وممثليهم في الغرفة الثانية، بل قال لها الحقائق الأربع les quatre vérités. كما يحلو للفرنسيين قول ذلك، وهي بين ظهرانينا.
ومن يذكر اللقاء الصحافي بين وزيرة الخارجية الفرنسية ونظيرها المغربي، يبقى في فهمه شيء من حتى..! فقد تراءى بالواضح أن هناك سوء فهم لم تخفه اللغة الديبلوماسية، وهو سوء فهم لا يعني، بالضرورة، القطيعة كما في شكلها السابق، بقدر ما يحيل على تفاوت في المقصود من إنهاء الأزمة بين البلدين.
1ـ الحقيقة الأولى: كان هناك تفاوت بين ما فهمته الوزيرة الشِّيراكيةالفرنسية من وجود جفاء أو برودة أو أزمة صامتة، ومن ثمة نهايتها، وبين ما يعنيه صنوها المغربي من طبيعة الخلاف.
والواضح أنها حصرت نهاية الأزمة في إنهاء مشكلة الفيزا.
ولهذا بدا لها بأن إعادة »المشاغل« القنصلية إلى سابق عهدها برفع قرار »”التحصيص”« المعلن من طرف الإيليزيه في شؤون التأشيرة، هو بحد ذاته عودة إلى طبيعة العلاقات السابقة. وكأن المضمر في قولها : طيب إذا كنتم غاضبين لأننا لم ندعكم تزورون متحف اللوفر، فتعالوا )
في حين أن ناصر بوريطة كان يدفع نحو فهم أعمق لطبيعة العلاقات التي يجب أن يسير نحوها البلدان الشريكان، وإعادة تعريف الطبيعة الاستراتيجية للشراكة بينهما.
لهذا تبدو عودة فرنسا إلى الوضع التأشيري السابق، وإعادة التأكيد على الموقف المعروف من قضية الصحراء، غير كافية من وجهة نظر المغرب.
الأمر لا يتعلق بإطفاء حريق و.. كفى الله البلدين شر الأزمات!
والدليل في ذلك: كل ما قاله بوريطة في الندوة الصحافية.
ففي الوقت الذي أعلنت الوزيرة الفرنسية العودة إلى الوضع السابق، قنصليا، واعتباره المفتاح السحري لعودة المياه إلى مجاريها، كان الوزير المغربي حريصا على التأكيد أن قرار تأزيم الفيزا كان قرارا فرنسيا سياديا، كما أن قرار رفع »الحصيص« أيضا سيادي ولا يهم المغرب في شيء. وبمعنى آخر، فإن المغرب لا يقف عند هذه النقطة ولم يطرحها على بساط النقاش الثنائي، كما فعلت دول مغاربية أخرى اعتبرت أن عودة الماضي القريب هي نصر «مجيد»..
إذن ليست التأشيرة وحدها معضلة.
2 ـ الحقيقة الثانية: قدمت الوزيرة دعم باريس للحكم الذاتي »الواضح والثابت« باعتباره، بحد ذاته، تقدما!
وكان بوريطة في الواقع صريحا بأن هذا الموقف الواضح يجب ألا يبقى ثابتا، كما تريد باريس، في نقطة الغموض والتوازن الملتبس.
بالفعل قالت الوزيرة إن المغرب يمكنه أن يعول على فرنسا في دعم قضيته الوطنية.
وفي هذا الباب اعتبرت الخارجية المغربية أن فرنسا كانت من الدول السباقة الى دعم الحكم الذاتي، لكنها اليوم في المشهد الأوروبي والدولي العام صارت متأخرة بالنسبة لدولة في وضع “شريك استراتيجي.”
قال بوريطة إن المغرب لم يعتبر أبدا أن موقف باريس »سلبي، بل على العكس من ذلك«، مذكرا بأن فرنسا، التي تدرك أهمية قضية الصحراء المغربية بالنسبة للشعب المغربي وللقوى الحية للبلاد، كانت »سباقة منذ البداية إلى تقدير ودعم مخطط الحكم الذاتي«، لكن الوضع تغير، وفرنسا يجب أن تتقدم نحو الحل.
ومن اللافت للنظر أن المغرب يدفع فرنسا إلى موقف واضح أكثر ومتقدم أكثر، يسير مع المتغيرات الدولية التي صنعها المغرب بذاته.ومنها البراديغم الدولي الجديد حول القضايا الوطنية الذي دبره المغرب مع مدريد وبرلين، والتحاق عاصمة الاتحاد الأوروبي بروكسيل بهما، ثم البراديغم الجوهري المتمثل في اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء.
وهنا من المفيد التشديد على أن رد المغرب ارتكز على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار ما حدث »خلال الثلاث سنوات الأخيرة«، من تطورات جوهرية في موقف البلدان القريبة من فرنسا، سواء على المستوى الجغرافي أو السياسي.
وهو ما يعني دفع فرنسا إلى مسايرة الدول هاته، ومنها الولايات المتحدة وألمانيا وإسبانيا وأزيد من عشر دول أوربية وازنة..
وبالنظر إلى التحقيب المعتمد، فما بين السطور هو أن فرنسا لا يمكنها تجاهل ما حدث في دجنبر 2020 باعتراف أمريكا ترامب بمغربية الصحراء، وامتداد الموقف إلى أمريكا بايدن، ثم تجاوز أزمتين كبيرتين بين مدريد وبرلين لفائدة المغرب، ولو كان ذلك سببا في غضب الخصم الإقليمي للمغرب في صحرائه، وهو الجزائر..
يستفاد من هذا الثبات نوع من الجمود، سبق أن نبهت إليه هيلوييز فايي، Heloise Fayet الباحثة في المعهد الفرنسي للعلاقات الخارجية، التي نشرت دراسة عن الموقع الاستراتيجي الفرنسي في المنطقة، والتي تحدثت عن »ركود الفكر الاستراتيجي الفرنسي«، ولعل أحد أهم مظاهره هو اعتبار الموقف المعلن من 2007، موقفا مازال يستجيب إلى تطورات قضية الصحراء المغربية.
3 ـ الحقيقة الثالثة: هناك الحاجة إلى التكيف مع هذه التطورات في قضية الصحراء ومحيطها الإقليمي والجيوسياسي، والأهم أن فرنسا مطالبة بالدفع نحو الحل، وليس البقاء في وضعية التوازن المريح … والمريب!
ومن هنا جاءت الدعوة صريحةً لكي تلعب فرنسا دورا أكبر من هذا لكي تصحح خطأ كانت إحدى القوى الاستعمارية من صناعه، وقال بوريطة »من الضروري أن تساهم بلدان قريبة من هذه المنطقة، والتي لديها اطلاع جيد على هذا الملف، في تحديد أفق للحل (للنزاع حول الصحراء المغربية)«.
4 ـ الحقيقة الرابعة: مستقبل العلاقات القريبة المدى والبعيدة مرتبط، ولا شك، بتحيين جدول الأعمال ومضامينه. وإذا كان من المنتظر أن المغرب سيدبر الملف الفرنسي من نفس الزاوية التي دبر بها الملف الإسباني، فإن مضامين التدبير وطرق تصريفه لا شك أنها ستكون ذات طابع خاص .. وهناك تفاوتات في الواقع، حسب منطلقات كل طرف.
ففي الوقت الذي أكدت وزيرة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، على المبادئ العامة، وإعلان النوايا من قبيل :
= الإرادة المشتركة في الانخراط في شراكة متفردة وعصرية ونموذجية.
= تعميق العمل المشترك والمضي قدما بوتيرة جيدة لفائدة حوار قائم على الاحترام، والتبادل المفتوح، والروح البناءة.
= التكيف مع الانتظارات المشروعة للمغرب، الذي يتغير ويتطور، والتنويه« بالشراكة المتفردة والعصرية والنموذجية والاستثنائية التي تجمع البلدين«.
في هذا الوقت دعا وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج،«إلى علاقة مغربية – فرنسية متجددة، تتلاءم مع التطور الذي شهدته المملكة، بفضل الرؤية المستنيرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس«…
وهو ما صار يقتضي »تجديد ومواءمة هذه العلاقة الثنائية«..على قاعدة تغييرين اثنين:
أولهما، ما شهده المغرب من تطور ملحوظ على الصعيد الداخلي؛
ثانيهما، تعزيز حضوره على الساحة الدولية وتنويع شراكاته. وهذه نقطة أساسية يجب أن يدرجها المحاور الفرنسي في منظومته التفكيرية “»لوجيسييل”« logiciel، ولا يعتبر بأن المغرب يجب أن يظل محمية تخضع للإرث ما بعد “فرانسافريقيا”!
ثالثا، أعتبر بأن اللقاء هو ترتيب لما هو أعلى »للتحضير للمواعيد المقبلة، بما في ذلك
لقاءات على أعلى مستوى في الدولة«.
وعليه فإننا نعود إلى خطاب 20 غشت 2021 لنحدد بوصلة هذا اللقاء من خلال ما ورد في الخطاب إياه، وقد ربط فيه جلالته بين تدبير الملف الإسباني والملف الفرنسي، وقال حرفيا:«
“وإننا نتطلع، بكل صدق وتفاؤل، لمواصلة العمل مع الحكومة الإسبانية، ومع رئيسها معالي السيد Pedro Sanchez، من أجل تدشين مرحلة جديدة وغير مسبوقة، في العلاقات بين البلدين، على أساس الثقة والشفافية والاحترام المتبادل، والوفاء بالالتزامات.
وهو نفس الالتزام، الذي تقوم عليه علاقات الشراكة والتضامن، بين المغرب وفرنسا، التي تجمعني برئيسها فخامة السيدEmmanuel Macron، روابط متينة من الصداقة والتقدير المتبادل«.
ونتوصل الى أن مخرجات القمة القادمة لا بد أن تسير في نفس الاتجاه مع ما لكل علاقة من تميز وفرادة، ليس في طبيعة العلاقة مع المغرب بل أيضا في طبيعة العلاقة بين باريس والعواصم الأوروبية الشبيهة بها…
هل ما زلنا في زمن ذلك الخطاب؟
إن تغيير معطيات الواقع يتطلب تغييرا في معطيات عميقة في العلاقة مع المغرب، ولا يخفى علينا أن الجديد هو الهجوم المضاد من نخبة فرنسا المستنيرة على مواقف ماكرون المتجمدة، وتصاعد الدعوة الى الالتحاق بالديموقراطيات في العالم بدعم سيادة المغرب..
وأمام فرنسا أن تختار:
هناك شهر أكتوبر القادم موعد اجتماع مجلس الأمن الدولي حول القضية، وبالتالي فرز مواقفها: إما الانتصار لمغربية الصحراء وفهم واقع المغرب الجديد، وإما مواصلة اللعب الغامض، لفائدة الطرف المناهض لها وهو موقف بحد ذاته.
ثانيا: على الوزيرة أن تذهب أبعد من محاولة استعادة الرأي العام الفرنسي الذي هاجم ماكرون على سياسته المغاربية، وتحدث كبار رجالات دولة فرنسا بمنطق معارض، واللعب الغامض على هذه الاستعادة بتقديم المغرب كما لو كان البلاد الذي تعاند من أجل مواصلة الأزمة، وتحقيق التفاف ما، حول رئيسها بعد أن بلغت تناقضات حاضنته اليمينية (بل حتى الخضر) حول قضايا التدبير الإقليمي لديبلوماسيته، درجة كبيرة
ننتظر ونرى ..

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 18/09/2023