أفق انتظار واسع مع خطاب العرش 3/2
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
في سجل ما تحقق خلال سنة ، أي منذ خطاب العرش سنة 2017 إلى خطاب العرش 2018 ، هناك الكثير من الخطوات الجبارة ولا شك في ميدان الحكم وفي ميدان التطور الحقوقي والفعل الجيواستراتيجي ، وكذا في مكتسبات البلاد من التحولات العميقة ..لكن سيكون ربما من المفيد أيضا التفاعل مع المستقبل ، بناء على استعصاءات الحاضر…
وانتظار ما الذي تستوجبه المرحلة الحالية من قرارات ، تفوق الاحتفاء المناسباتي بما يقع.
هناك حقائق، نحدسها وأخرى يتم تداولها بشكل مستمر في كل حلقات النقاش العمومي الجمعية
أو الفردية..تكاد تجمع على أن هناك حالة تراخ كبيرة في البلاد، كما لو أن الضجر أصبح سمة السياسة اليومي، مقابل حالة احتقان عميقة ، عبرت عن نفسها بأشكال عديدة، الشارع أحيانا والمقاطعة أحيانا أخرى..وهي أجزاء فقط من جبل الجليد العائم..لم يعد بمستطاع أي كان أن يستمرئ تغليفها بضباب المرحلة.
والوصف الأقل ضررا هو الحديث عن ضبابية سياسية، لا تسعف المتفائل في شحذ الإرادة ولا المتشائم في تفعيل الفكر!
وعلى عكس ما اعتقدنا، وعكس ما سبق في عهود سابقة، بما فيه العهد الجديد قبل 2011 ، لم تتقدم مكونات الحقل الوطني بعرض سياسي تنظيمي تدبيري، يمكنه أن يشكل رافعة معنوية من أجل حيوية جديدة في هذا الحقل المربع!
هناك انتظارية كبيرة، ليست بالضرورة عنوانا للحكمة أو للبطولة، بقدر ما هي مثل «تضرع» سياسي يستوجب الاستجابة…
ولا بأس من التذكير بثابت من ثوابت الحياة الوطنية يتجلى في كون الملكية ظلت تتفادى ، بالعمل مع القوى السياسية ، الوصول إلى لحظة الاستحالة السياسية في الحل السلمي للنزاعات أو للمطالب.. وحتى في الفترات القاسية ، كانت هناك دوما جسورٌ، بعضها مرئي وبعضها غير مرئي، بين الملكية والقُوى الممثلة للطبقات الاجتماعية وللتعاقد الوطني في طابعها الشعبي…وهذا التجاوز الذكي والمرن، حفظ للملكية دورها وقدرتها على تثوير وتطوير البلاد، وكذا سمح للقُوى الوطنية، بأن تظل محاورا جيدا وشرعيا لها ، ودوما حاملا للمشروع الإصلاحي والحرص على استكمال العقد الوطني من جهة الديمقراطية …وديمومة الموسسات..من جهة ثانية.
واليوم، قد يشكل الكسل تهديدا آخر للسياسة والحكامة في البلاد.. والكسل والديمقراطية ليسا طبيعيا أن يتزاوجا في أي مرحلة من المراحل، وإلا تقوت النزعات الاحتجاجية لتحريك الدورة الحيوية للبلاد، أو تنامى وتوحش سقف العدمية ، بأشكالها كلها، وهي في كل الأحوال صيغة مكلفة في تدبير الاستعصاءات…
ومن الغريب أن هذا التراخي أو الكسل الديمقراطي، أعقب مرحلة من أخصب مراحل المغرب، من حيث التمايز السياسي، كما تلا خطوة ملكية جبارة تسير في أفق التاريخ، تمثلت في التجاوب مع مطالب الإصلاح العميق المتفق حوله بأغلبية ساحقة..
ومن هنا، فإن الانتظار الوطني يحمل أيضا إرادة في استكمال وعود ما دعا إليه الملك منذ 2011، واتفقت عليه الإرادة الشعبية..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 30/07/2018