الأيام الخمسة التي غيرتنا!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
– يا شباب، زيّنوا حريتكم بالمسؤولية.
– لا تكونوا حصان طروادة للمجرمين.
– أعطوا الفرصة للسياسة لتجيب عن المطالب.
– لا توجد دولة تتحاور تحت النيران.
– أوقفوا الاحتجاج مؤقتًا حتى يطهِّر الأمن الفضاء العمومي من التخريبيين.
وعندما يحاول اللصوص سرقة حقكم في الاحتجاج السلمي، يكون الأمن هو حليفكم في الدفاع عن حريتكم في التظاهر !
أعترف بأنني كنت ساذجًا وأنا أميل إلى تقديس الشباب المتقدم تحت راية زورو. زيد.
كنت أتصور بأنهم يخرجون إلى نزهة ديموقراطية اجتماعية ليحملوا صوتي وصوت أمثالي |( من جيل .. انْقص!) إلى حيث يمكن التقاط الأصوات بشكل جيد، وأني أميل إلى أن أجعل منهم لاقطا هوائيا للحيوية والحرارة..!
لم أستحضر مكر المتربصين، لم أستحضر مكر الجبناء الذين يدفعون المرحلة نحو الانفجار..
وقع ما لم يكن في الحسبان العام، ولكن ما لا يمكن استبعاده أيضا لولا كثير من العفوية في النظر إلى ما يقع..!
كنت أتوقع أن يظل التنازع بين الحق الدستوري في التظاهر، وبين الحق القانوني في منعه..
وأن النضج المغربي سينتصر إلى الحق الدستوري أكثر من الحق القانوني..
انتقلنا إلى معادلة أصعب: بين الفعل الإجرامي وبين القانون!
والذين كانوا مجهولين تعرفنا عليهم بأفعالهم:الفعل يعرف صاحبه حتى ولو اختبأ وراء شاشات الكون كلها!
أخطأت في التفاؤل: هل هي الشيخوخة؟ هل هي السذاجة الضلالية التي تجعل الأحفاد دوما على حق؟ هل هو شعاري القديم؟
وقع أخطر حادث في المغرب، من تحت غطاء الاحتجاج…
الحركة الاحتجاجية، التي توافق الجميع. أحزاب وجمعيات وأجهزة أمن وحكومة، على مشروعيتها، تحولت إلى حصان طروادة لدخول الوحش إلى الساحة..
لقد قلنا ما يكفي في مديح الحق في الاحتجاج، قلنا ما يكفي في تمجيد الحرية والشبيبة المتمردة، وعلينا أن نقول الحق كله في الدفاع عن المؤسسات.. والبلاد وأمنها وممتلكاتها.
صورة بنك ما يُحْرق ترهيب لرجال الأعمال علاوة على تدمير صورة الاستقرار والقوة والصلابة الاقتصادية..
صورة جماعة تحترق، مس عميق بما تحيل عليه…من ديموقرطية واختيار حر..وتهديد لمؤسسة يجب إصلاحها لا تدميرها!..
علينا التأكيد على كون ممارسة الحق في الاحتجاج والتظاهر والتجمع لا يمكن التمتع به وممارسته كحق إلا في إطار احترام التعبير السلمي؛
لنا أن نعيد القول بأن قوة الدولة ضرورية، لاسيما بالنسبة لشعب وبلد ما زال يصارع من أجل تحصين وحدته الترابية وتحصين وجوده في وضع متقلب وفي سباقات عداء مزمن ..
وليس من مصلحة البلاد أن تسوق مشاهد الحريق والتدمير، وترتعش في تسميتها بمسمياتها..أعمال إجرامية تستوجب المتابعة والجزر باحترام تام لما راكمناه من حرية وتحرر واحترام المحاكمة العادلة للمتورطين وقد سجلوا أنفسهم..قبل أن يسجلهم الأمن!
لقد دبر المغرب لحظتين غاية في التوتر هما الربيع العربي 20 فبراير والحرب على غزة والعدوان الذي سعى إلى إبادة الشعب الفلسطيني، ولم يحدث أي تصادم بين التزامات الدولة وتدبيرها للفضاء العمومي وبين المتظاهرين الناضجين.( ما يزيد عن سنتين ). وهو ما يطرح علامات استفهام حول السعي إلى التخريب والتدمير والهجوم لنسف كل أشكال الحوار الممكنة بهذه الحدة.. ويبقى الاحتجاج والحق في التظاهر مضمونين دستوريا ولا يمكن التنازل عنهما.كما لا يمكن إسقاط بند المسؤولية المشتركة على سلميته!..
محاولات السطو على الأسلحة في لقليعة وتمنصورت.من مقر الدرك الملكي..يوكد أنه لا يمكن أن نترك الاحتجاج السلمي عرضة لكي يصير غطاء لمحاولات السطو والاستيلاء على السلاح… ولا أن نقبل بأن يكون الاحتجاج السلمي بسقفه المنخفض فخا للاستدراج من أجل غايات خطيرة منها الاستيلاء على السلاح…شيء ما أكبر من الصحة والتعليم ومحاربة الفساد..
القيادة العامة السرية والمجهولة للاحتجاج يجب أن تتخذ قرارا بوقف التظاهر وإلا فهي تدفع نحو المجهول..فعلا!
ومحاولاتنا الساذجة لقراءة الوضع من جهة الدينامية المدنية للغضب وحدها لم تعد تكفي…ولعلها ستصبح تبريرا لامسؤولا…لما هو أخطر!
الفرصة يجب أن تعطى للسياسة كي تجيب عن المطالب…لا أحد يتحاور تحت النيران! ورجال الأمن ليسوا أعداء في فترات الغضب، بل على المحتجين أن يوقفوا الاحتجاج مؤقتا حتى يطهر الأمن الفضاء العمومي من التخريبيين، بل أن يعتبروا، وعندما يحاول اللصوص سرقة حقهم في الاحتجاج السلمي، يكون الأمن هو حليفهم في الدفاع عن حريتهم في التظاهر !
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 03/10/2025