البعد الأوروبي للقمة المغربية الإسبانية

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

القمة المغربية الإسبانية التي تنطلق، زوال اليوم، ذات أهمية بالغة، باعتبارها أولا، أول قمة بعد سبع سنوات من الغياب، أي منذ حكومة اليميني ماريانو راخوي، وهي ثانيا، قمة بعد الأزمة التي عصفت بالعلاقة بين البلدين في 2021، وهي بالتالي قمة لبناء علاقة ثقة وطيدة تسير نحو المستقبل، من خلال صناعة نموذج رفيع من الجوار الأورومتوسطي البناء.. لبلدين يملكان معا واجهة أطلسية تميزهما عن باقي بلدان حوض المتوسط وشمال إفريقيا، وهو ما يجعلهما حارسين ملحميين لبوابة المتوسط في لحظة تحول جيواستراتيجية كبيرة…
في الجدول الدولي للعلاقات، التي تحظى بنقاشات مستفيضة في الأدبيات الجيوسياسية، تمثل إسبانيا جنوب الشمال، ويمثل المغرب شمال الجنوب…
لقد وضع بيدرو سانشيز المعادلة الأوروبية المغربية في قلب العلاقات الثنائية، ولهذا قال:
«إن مصلحتنا الحفاظ على أفضل العلاقات، ليس من أجل إسبانيا فحسب، ولكن أيضا من أجل الاتحاد الأوروبي‫….‬ والحقائق والواقع يؤكدان أهمية المغرب بالنسبة لإسبانيا وأوروبا». وأكد أنه «سيدافع دائما عن الحفاظ على علاقات جيدة مع المغرب». هذا الحرص الإسباني على البعد الأوروبي في العلاقات المغربية الإسبانية يأخذ قوته الدلالية من السياق الحالي، الذي ورطت فيه نخبة إيديولوجية وسياسات منافقة البرلمان الأوروبي، ورطة غير مألوفة نجمت عنها توصية غريبة عن المناخ العام الذي يربط الكيان الأوروبي بالمغرب‫.‬
كما أن الاشتراكيين الإسبان الذين يتولون رئاسة الاتحاد الأوروبي، ينطلقون من أهمية المغرب للقارة العجوز، بشكل جماعي أو بشكل فردي يهم كل دولة من الدول 27 المكونة للاتحاد الأوروبي‫.‬
البعد الاقتصادي وازن، وضاغط على الطبيعة الضاغطة للعلاقات بين أوروبا والمغرب، ‬باعتبار أنه في قلب العلاقات مع أوروبا، باعتبارها الشريك التجاري والمستثمر الأول للمغرب، علما أن 60 ٪ منها تعود لإسبانيا‫..‬
الإسبان يدركون أن هناك حاجة استعجال، عبر عنها الديبلوماسي الإسباني غوستافو دي اريستيغي، بوضوح كامل، وعنوانها السعي الحثيث نحو اندماج أورومغربي لاقتصاديات الطرفين، والمغرب في هذه الشبكة هو الدولة الشريكة التي تحظى بمرتبة عالية ورفيعة كدولة من خارج الاتحاد الأوروبي، أي أرفع وأعلى مستوى ممكن بدون أن يكون عضوا، ولعل ما يحسن بنا الختم به هو العبارة التي قالها الديبلوماسي أعلاه ومفادها : « هناك بطبيعة الحال دول، في سياق التنافس الحتمي الذي لا محيد عنه، ليست سعيدة للغاية بأن تكون إسبانيا، وما هي إلا القوة الرابعة في منطقة اليورو، أكثر أهمية في التبادل التجاري الثنائي بين الاتحاد الأوروبي والمغرب‫..‬أكثر أهمية من دول اقتصادها أكبر من الاقتصاد الإسباني، مثل فرنسا وألمانيا أو إيطاليا».
من المناسب جدا للمغرب أن يكون له صديق يثق فيه، ويدافع بوضوح عن الصداقة، ويدفع ثمنها السياسي والأخلاقي الواجب دفعه‫..‬. ‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 01/02/2023