البوليزاريو: الاستقلال الآخر الذي نحبه لهم!
عبد الحميد جماهري
هل تحظى البوليزاريو بما يكفي من الثقة الجزائرية لكي يسلحها نظامها العسكري بما تريد من الأسلحة، ويمنحها حق خوض الحروب؟
يقول الخبير الإسباني في شؤون المغرب الكبير، بيدرو كانالايس، إن «الجزائر تراقب وتتحكم وتسلح وتطعم البوليزاريو وتحتضنه فوق ترابها، لكن لا تعطيه حرية الحركة ولا تمنحه الاستقلالية التامة لتشكيل حركة بالفعل مستقلة عنها».
من مفارقات المطالبة باستقلال الصحراء أن الجهة التي تدعيها ليست مستقلة!!!
وما زلت أذكر أثر هذه المفارقة عندما سمعتها أول مرة من الكاتب الأول السابق للاتحاد الاشتراكي الأستاذ محمد اليازغي عندما قال إن المطلب الحقيقي هنا هو المطالبة باستقلال البوليزاريو عن الجزائر، وإعطائها استقلالية القرار لكي نعرف حقيقة الأمر ويسمح لمن احتجزوا في تندوف بالحركة. وقد اتضح من خلال رحلات العودة، الجماعية أو الفردية، إلى أرض الوطن للكثيرين من الأطر والمؤسسين والأفراد الفاعلين، أنه عندما أتيحت لهم حرية الاختيار اختاروا المغرب…
لكن العساكر الجزائريين يفضلون البقاء في قمرة التحكم، لهذا ينوعون التهديدات… ومن ذلك، العمل داخل المغرب من خلال عناصر تزعزع استقراره الداخلي بواسطة عمليات إرهابية..
ونحن لا ننسى أن مشروعا من هذا القبيل كان قد تم التفكير به من طرف عتاة العناصر الحاكمة في منتصف الثمانينيات، أيام الشاذلي بن جديد، وكان يقضي العمل على زعزعة استقرار المغرب ونسفه عبر عمليات داخل الحدود.
والذي كشف عن ذلك هو خالد نزار، العسكري الذي نسبت له فظاعات العشرية السوداء، والتي راح ضحيتها عشرات الآلاف من الجزائريين.
اعترف بلسانه في شريط مصور منشور على شبكات التواصل الاجتماعي أن الجزائر أعدت خطة استباقية لدفع المغرب على التراجع عن تشييد الجدار الأمني عبر خلق حالة من عدم الاستقرار بالداخل المغربي بالاستعانة بميليشيات البوليساريو الانفصالية لإجبار المغرب على عدم تحريك قواته جنوبا لتأمين تشييد الجدار…
هذه الخطة تم عرضها على وزير الدفاع حينئذ الشاذلي بن جديد، الذي صار رئيسا للدولة ودشن في عهده مرحلة جديدة وتأسس اتحاد المغرب العربي، فوافق عليها لكن حكام قصر المرادية أوقفوا تنفيذها!!!
وهو نفسه الذي عاد مجددا من المنفى إلى صدارة المشهد في محاولة ترميم الجزائر القديمة… «القوة الضاربة»…!
وتتزامن التهديدات الحالية مع تقوية المغرب لمعبر الكركرات وتأمينه النهائي بما يشبه الجدار الثاني مجددا…
وأعتقد بأن الأمر يأتي في سياق إحياء هذه الخطة.. كما تعودنا من العسكر الحالي، الذي يحيي كل ما هو قديم، بما في ذلك ذكريات الماقبل التاريخية!!
والتهديدات بشن هكذا أعمال إرهابية محاولة للاستفادة من تواجد المخابرات الجزائرية في قلب النشاط الإرهابي المسلح والانفصالي كما هو الحال في مالي… وتسخير النزاعات العدوانية في حساباتها المصلحية.
ومن المحتمل أن الكثير من الخلايا (كالتي تم تفكيكها في طنجة مؤخرا) تتم تهيئتها لهذا السبب، على أساس العمل تحت يافطات الإرهاب…، والدعوات الصادرة من بعض الوجوه والقيادات الانفصالية على أساس هذا العمل، هي قضية لم تفارق العديد من المجانين في الجبهة وفي الدولة الجزائرية….
والحصيلة أن عناصر البوليزاريو يوجدون بين كماشات عديدة، منها عدم ثقة الجيش فيهم ثم التسخير، والاستعمال الإرهابي والاحتجاز في تندوف، كل ما لا يمكنهم التحرر منه إلا بالعودة إلى المغرب، والتحرك داخل الحكم الذاتي..غير ذلك يبقى عبودية واستغلالا واحتجازا وتسخيرا ..ولم نعد نقول مرتزقة،لأن النظام الجزائري يعاملهم على هذا الأساس …كميليشيات فاغنر!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 16/11/2021