القدس والمغرب: الغضب والعمل ثم السلام !

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

على طاولة مجلس الأمن الدولي، يوم أمس الخميس، طلب عربي فلسطيني بعقد اجتماع طارئ حول ما يقع في القدس من تنكيل وانتهاكات وشراسة عدوانية طافحة ضد المصلين وضد كل فلسطين والعالم الإسلامي والعالم الحر. وهو طلب، تحمله في الواقع كل الضمائر الحية التي هالها ما يقع لأبناء فلسطين في الشهر المبارك.
ويوجد المغرب في قلب هذا المسعى العربي الفلسطيني، بكون ممثله في الأمم المتحدة عمر هلال كان إلى جانب سفير فلسطين في الندوة الصحفية التي عقدت لهذا الغرض أول أمس الأربعاء..
ليس في الموقف أي اشتراط ظرفي، مهما كان شرسا، ولا هو تقدير سياسي مرحلي، بقدر ما أن المغرب في الموقع الذي جُبِل عليه أي نصرة الشعب الفلسطيني، وتعزيز مقومات صموده، واستعمال الديبلوماسية من أجل الحل العادل . كما أنه موقف، يتجاوب مع موجة عمق متجذرة في الوجدان المغربي الشعبي، ولا يمكن أن يكون المغرب الرسمي إلا معبرا عنها بالوضوح الأخلاقي والسياسي والديبلوماسي المطلوب.
ويقف المغرب موقفه المنسجم مع هويته الكفاحية، لأنه، كما كتبنا مرارا اختار موقعه منذ كانت القضية الفلسطينية ثم منذ كانت قضية القدس في عمق المواجهة، بالنار أو بالتفاوض. وهو جزء من تاريخ الغضب، منذ قمة منظمة المؤتمر الإسلامي، التعاون الإسلامي حاليا، في 1969، والتي أسقط من أجل نجاحها رفض استقلال موريتانيا! باعتراف من الفلسطينيين ويكفي العودة إلى تصريحات الرئيس الفلسطيني الحالي محمود عباس في الموضوع…
والمغرب أيضا جزء من الغضب الفلسطيني، العربي الإسلامي الإنساني، كما أعربت عنه الكثير من الأصوات بمن فيها الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس، ضد الذي يحدث مع مجيء حكومة بنيامين نتانياهو، والتصعيد الذي رفضته المجموعة الدولية.
يوجد المغرب أولا من خلال الموقف الشديد والغاضب، المعبر عنه في بلاغ المملكة الذي عممته وزارة الخارجية، والدعوة إلى رفض الهجومات، ثم إدانتها والدعوة إلى وقفها في أفق أرحب للحل الذي يمكنه وحده تجاوز الوضع الحالي، ويخلق شروط ميلاد دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس العنيدة في قدسيتها والمقدسة في عنادها…
ثانيا، المغرب يدعم المقاومة على الأرض، من خلال دعم صمود المدينة وأهلها، والسنة التي نحن بصددها تقدم صورة عملية ملموسة وصادقة عن هذا الدعم الميداني الفعلي، الذي يعبر عن خط سياسي واستراتيجي، روحي وإنساني في الوقوف ضد تهويد القدس والتنكيل بأبنائها، عبر التعزيز الدائم والمستمر لشروط المقاومة، وهو ما يطلبه شعب الجبارين من القوى المساندة له والضمائر العاملة من أجل حقوقه.
ثالثا، ظهر سفير المغرب إلى جانب السفير الفلسطيني في الأمم المتحدة، إلى جانب سفراء مصر والإمارات العربية المتحدة وموريتانيا والأردن، وهي التي تملك الآن ورقة العلاقات مع تل ابيب، ويمكنها أن ترفع الورقة الحمراء في وجه الحكومة المتعصبة الحالية.. وتفعيل ديبلوماسية التأزيم، وهي رسالة أعتقد أن المغرب وجهها ومعه الدول التي دعت إلى جلسة لمجلس الأمن يوم أمس الخميس، ولا يمكن أن تغفلها دولة إسرائيل كما لم يغفلها الفلسطينيون، على حد تعبير السفير الفلسطيني رياض منصور، “أنهم معنا هنا بكل هذه القوة هو شيء نقدره حقا وهو أبلغ تعبير. هم معنا. هم مع فلسطين، ونحن نقدر ما يفعلونه من أجل القضية الفلسطينية”. وهناك إلى ذلك الموقف الأمريكي، الذي تم التعبير عنه، وهو ما يجعل العمل على الواجهة الثنائية، بين المغرب وأمريكا ورقة إضافية لوقف التنكيل بشعب الساجدين في المسجد المبارك وما حوله. وليس هنا ما هو مستعجل أكثر من وقف الهجمات، والضغط من أجل تحمل المجتمع الدولي مسؤوليته بوضع القضية الفلسطينية في قلب الأولويات التي يجب معالجتها.. نظرا إلى أن جدول أعمال الشرق الأوسط اليوم ، طغت عليه قضايا جعلت الألم الفلسطيني يتدحرج ترتيبُه على لائحة الاهتمام، وهو أمر لا يمكن أن يتم بدون تأجيج الوضع، ولا يمكن أن نتصور بأنه سيظل قائما.
القضية الفلسطينية هي أم القضايا، وهي سرة الروح عند العرب والمسلمين ومحبي السلام .. وهذا هو الثابت البنيوي، والاجتهاد في طريق الوصول إلى الحل ..

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 07/04/2023