الهولوكست: اتقوا الله في وطنكم ..وانسحبوا!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
منذ ثلاثة آلاف سنة
حررنا تاريخنا العبري من عقدة الهولوكست الحديثة
ولم نتعلم متأخرين، رجاحة التسامح والتعايش
كان خبزنا، المغربي
بطعمه اليهودي والإسلامي
والمسيحي..
يطهى في فرن واحد
وكانت شهيتنا
في الطعام
وفي اللباس
وفي التجاور واحدة
وكنا مغاربة
بلا عقد
وبلا حروب
لا يفصلنا عن التضرع
وعن لله
وعن اللبن
وعن الرغيف شيء..
ومنذ الأربعينيات من القرن العشريني الصعب، حررنا محمد الخامس، من عقدة المحرقة،
ولم يدفع بأبنائه اليهود إلى الفاشية
ولا إلى أمها النازية
وحافط للبلاد على تعددها، وأيضا للشجرة على كل أنسابها..
وكان بطلا
بنا جميعا
وكان سيدنا جميعا
وكان درسا في لغة لا ينطقها سوى القلب
والتراب
والهواء المنعش..
ومنذ ثمان سنوات أيضا، حررنا في الدستور هويتنا
وتعمدنا في كل جهات لله الموحدة،
مغاربة بصلوات متعددة..
لا داعي إذن لكي يجعل أي كان من نصب الهولوكست واحتيال التجار المشبوهين، سؤالا مغربيا، في الهوية
وفي السماحة وفي التعايش
لكن السؤال الأكثر إيلاما:ماذا لو أن الألماني، القادم بتاريخه الملتبس والمتوشح بالشبهات، لم يختر بناء نصب للهولوكست،
واختار أن يبني لنا فخا كبيرا ويحفر مصنعا للأسلحة؟
كان من الممكن ألا يصنع أسطورة واهمة
ويصنع الأسلحة؟
كان من الممكن أن يتغطى بالمحرقة
وينشر الغبار والأبخرة، وما تبثه المذخرات المصنعة في الأقبية؟
كان من الممكن أن يغامر بأي فضيحة أخرى، لاسيما وهو يعمل طيلة سنة كاملة
بإثني عشر شهرا
وثلاثمائة وخمسة وستين يوما…
هكذا نحن، لا نخاف من ثلاثين قرنا
ولا من قرن
ونندهش لسنة واحدة فقط..
تصوروا أن السيد الذي رحلوه أخيرا ظل طوال سنة كاملة
بليلها ونهارها
بقضها وقضيضها
بنياطها وعياطها وشفاعة من قريشها..
ببياضها وسوادها
ولا أحد في السلطات التي تقف عند كل منعطف
وعند كل كوخ إذا عنّ لصاحبه أن يزيد في طول ظلال الجدار
أو في ارتفاع البنايات بقدم عن سطح الأرض
السلطات التي تنبت مثل الفطر كلما نوى فقير
مجرد نية
أن يزيد سقفا لأبنائه
أن يفرغ للجدار قليلا من الظلال
أو قليلا من الآجر..
هذه السلطات، كانت لا تعرف ببناء على مساحة… قرية بكاملها.
بعد نسف الهولوكست
لا بد من أن يُبنى نصب آخر:
نصب بأسماء المسؤولين كلهم
من سفيرنا في برلين
إلى مقدم الحومة
نصب كبير
يشرح بالمناسبة كيف يمكن أن تنصب على شعب
طوال سنة كاملة
بعقدة أنت حر منها
حر وحر وحر…
لا بد من نصب بأسماء كل الذين مرت بهم ملفات هذا النصب
والاحتيال
...
أيها السادة لا تسألوا لماذا يجربون فينا عقدة الآخرين
ذلك لأنهم يعرفون أن الرشوة تنخرنا
ولامسؤولية لها أهرامات وليس مسلات أن نصبا في بلادنا
وأن اللامبالاة تجزنا..
هل أدركتم الآن لماذا يغضب ملك المغاربة
وأمير المؤمنين كلهم من الإدارة
والمسؤولية
ولماذا صرخ ذات خطاب:
بعض الفاعلين أفسدوا السياسة، وانحرفوا بها عن جوهرها النبيل.
وإذا أصبح ملك المغرب غير مقتنع بالطريقة التي تمارس بها السياسة، ولا يثق في عدد من السياسيين، فماذا بقي للشعب؟
لكل هؤلاء أقول :كفى، واتقوا لله في وطنكم… إما أن تقوموا بمهامكم كاملة، وإما أن تنسحبوا.فالمغرب له نساؤه ورجاله الصادقون.«
ونقول لكل من كانت له يد في الأمر:
اتقوا لله في وطنكم .. وانسحبوا!
لقد جئتم بالفتنة
لولا لطف لله
وزرعتم كل أسبابها بسبب الفساد
وبسبب الجهل بتاريخكم..
نقول لكم مع ملكنا:
اتقوا لله في وطنكم .. وانسحبوا!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 02/09/2019