تفاصيل المشروع الدولي لزعزعة استقرار المغرب
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لا أنكر أنني وقفت، للوهلة الأولى، مصدوما للغاية وأنا أقرأ تصريحات المحامي المعتمد من طرف المغرب في قضية «بيغاسوس» الافتراضية، الأستاذ أوليفييه باراتيلي، وهو يعرض علينا خبايا الهجوم على البلاد، ولخصه في وجود مشروع دولي عملاق لزعزعة الاستقرار.
صدمت، كما يليق بمن يكتشف بأن الأمر يتعلق بزلزال سياسي يمس كيان الدولة المغربية، بحيث أن المحامي أطلق قنبلة وسط قضية يراد فيه للكذب أن يصنع وقائع الهدف المضمر من ورائها خلق مناخ مناهض للمغرب من جهة ومساعد على تقليم أظافره، ولما لا المس بنظامه وبوحدته، من جهة ثانية؟
لقد أطلق الأستاذ القنبلة ليكشف حقيقة ما هو المطلوب من وراء قضية مفبركة..
1 – العنصر الظاهر من هذا المشروع حاليا، هو بيغاسوس.. وبالرغم من أن المدة التي مرت على هذه الكذبة العملاقة قد بلغت 19 شهرا، إلا أنه لم يقم أي دليل على وجود التهمة ووجود إثباتاتها، ومع ذلك فإن الأساطير المزعومة تبدو»ذات جلد صلب» كما تقول العبارة الفرنسية المسكوكة.
2 – إن الأدوات التي استعملت في استهداف المغرب وفي محاكمته، كلها لم يستمع إليها عند دفاعه عن نفسه، كما لم تثبت الأطراف الأخرى ما ذهبت إليه، بل انقلبت الآية ولم تعد «البينة على من ادعى»، بل أصبح المغرب هو المطالب بتقديم حجج براءته!!! في تجاوز منكر لكل متخيَّل من فبركة..!
وبالرغم من كل الإجراءات القانونية التي اتخذها المغرب،فقط «صمد» «التلاعب الكبير بالمعلومات» و»الإشاعة الهائلة» التي استهدفت المغرب ومؤسساته.
3 ـ بالرغم من الصدمة يتضح أن التصريح الكاشف، في المخيال السياسي والإدراك الحالي كذلك، هو رجع الصدى لما حذر منه جلالة الملك في القمة المغربية الخليجية في أبريل 2016، والذي تحدث فيه عن « محاولات تغيير الأنظمة وتقسيم الدول».
وهذه التهديدات المنطلقة من عداء للدول هي «في الحقيقة، محاولات لإشعال الفتنة، وخلق فوضى جديدة، لن تستثني أي بلد». بالنسبة للمغرب، فهذا المخطط الذي تحدث عنه ملك البلاد منذ سنوات سبع، هدفه «وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية، ومحاولة ضرب التجارب الناجحة لدول أخرى كالمغرب، من خلال المس بنموذجه الوطني المتميز»، ومقوماته، وتحالفات جديدة تسعى إلى إعادة ترتيب الأوراق، كما نشاهد في شرق المتوسط وشمال إفريقيا، ومعاقبة البلاد التي تختار تنويع علاقاتها بناء على حرية القرارات والاختيار.
ولعل جلالة الملك كان يستشعر ـ بناء على تحليل دقيق وذكي وعلى معطيات توفرت له ـ أن «المغرب ليس محمية لأحد» قد يثير التسريع الظالم للمشروع التي تحدث عنه المحامي..
3 – لنتأمل هذا المقطع من الخطاب على ضوء ما يحدث اليوم في البرلمان الأوروبي، والساحة المفتوحة ضد المغرب :»إن الوضع خطير، خاصة في ظل الخلط الفاضح في المواقف، وازدواجية الخطاب بين التعبير عن الصداقة والتحالف، ومحاولات الطعن من الخلف.» ويتضح بالفعل أن المخطط يتخذ أشكالا عديدة لكن في قلبه «ازدواجية الخطاب والطعن من الخلف».
ولن نحتاج إلى رسم للتفسير.
4 – من مقومات هذا المخطط استهداف مؤسسات المغرب، الأمنية منها والديبلوماسية والسياسية، والدفع نحو التشكيك في الأجهزة الاستعلاماتية (عبر بيغاسوس واتهام الأجهزة الداخلية وعبر إرشاء البرلمانيين باتهام الاستعلامات الخارجية) ومحاولة التأثير في مجريات الأمن الحدودي للمغرب من خلال تلفيق التهم ونشر المعلومات المغلوطة حول الوضع في الصحراء وعلى الحدود (قبل وبعد تطهير الكركرات)..
ويتبين أن المحاولات التي تم نسفها وكانت تنسج في البداية بمشاركة ألمانية وأخرى إسبانية، كما كان حال الاستهداف في التقرير الاستخباراتي الإلماني الشهير.
اليوم بعض عناصر هذا المشروع تآكلت أو انقلبت لفائدة المغرب كما في حالة ألمانيا وإسبانيا، لكن أطرافا أخرى ما زالت تصر على الاستمرار في المشروع وتغيير تكتيكاته… ونوعت أدواتها، وصارت الحرب مفتوحة سرا وعلانية ومن أدواتها الافتراء، كما حدث في زمن ما من نهاية الحرب الباردة وفي بداية الحرب الساخنة في الخليج.. وللموضوع بقية!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/02/2023