تقدير موقع: محطات أوروبية، أممية وإفريقية تهم المغرب 1/2
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
أمامنا، في الهنا والآن، ثلاث محطات لا يمكن إغفالها بتاتا، في تقدير الموقع الدولي للمغرب.
هناك حدث أممي، نتجت عنه قرارات لمجلس الأمن.
وحدث أوروبي، يتعلق بقرارات أيضا للمفوضية الأوروبية،
وحدث إفريقي، مرتبط بإنشاء منطقة التبادل الحر القاري..
كيف يمكن أن نقرأها، مجتمعة أو كل واحدة على حدة، من زاوية المصلحة المغربية سلبا أو إيجابا أو هما معا؟
المفوضية الأوروبية تقرر تجديد اتفاقية الصيد البحري، وبذلك تنتهي كل التخوفات المغربية، التي كانت، عن حق، تتوجس من انطلاق مسلسل يعيد النظر في كل ما تحقق في القارة.
وأهم تلك التخوفات، والتي طالما عبرنا عنها، تحويل الملف من ملف سياسي يدخل في نطاق العمل الأممي، أي المسار الأممي، إلى مسار قانوني قضائي، والسعي إلى قوضنة الملف«judiciarisation» بتوريط القضاء الأوروبي..
ثانيا، يمكن أن نبرز التوفيق في التدبير المشترك مع المفوضية في الوقت اللازم، وهنا لا بد من التذكير بأن المغرب، كان قد أحسن الاختيار بالدخول في تقاسم تكتيكي مع المفوضية..من أجل توحيد الموقف.
القرار الأوروبي، يعيد التأكيد بالملموس، وليس بالتأويل الدعائي، على احترام تام لمسار الملف أمميا.
بالنسبة للقرار الأوروبي، يتبين بالملموس أن التكتيك المغربي في إصدار موقف موحد مع المفوضية الأوروبية عبر بلاغ مشترك عقب الحكم الذي أصدرته المحكمة الأوروبية، كان تكتيكا ناجحا، وأعطى نتائجه، ومهد الطريق للقرار الذي اعتمدته بخصوص تجديد اتفاق الصيد البحري…وهو ما يعني عدم تغيير هذا الاتفاق، وبالتالي فالحكم القضائي، فشل في تغيير معايير التعامل مع الملف، وقد كتبنا وقتها أنه كان لافتا أن الموقف المعبر عنه، جاء مشتركا مع المفوضية الأوروبية، عقب إعلان الحكم، باعتبار المفوضية هي المخولة، مؤسساتيا ودستوريا في أوروبا، بمتابعة التفويض الممنوح لها من لدن مؤسسات الاتحاد بخصوص الاتفاقيات مع المغرب.
والواضح أن الموقف المشترك يتجاوز طابعه التكتيكي المباشر، إلى ترسيم وحدة الموقف.
فقد جاء البلاغ ليؤكد في العمق، أن الاتحاد كمؤسسة بلدان والمغرب كبلاد وطرف في اتفاقيات التعاون الاستراتيجي، يوجدان في نفس الخندق، من خلال تبيان أنهما يقدمان نفس القراءة، إذ لم يتقدم أي طرف في معادلة المغرب – الاتحاد الأوروبي بقراءة خاصة به، أي كلاهما تشبث بقراءة مشتركة، لا المغرب تقدم وحيدا، ولا المفوضية الأوروبية قدمت قراءة منفردة، وهو ما يعني أن المستقبل افترض تعاملا مشتركا مع القرار بما جعله تحديا لهما معا…
ومن عناصر المستقبل المشترك المتفق على حيثياته، والذي مهد للقرار الحالي:
– مواصلة الشراكة الاستراتيجية، والحفاظ عليها وتعزيزها والحرص على الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري.
– مواصلة تعزيز حوارهما السياسي والحفاظ على استقرار علاقاتهما التجارية.
مع التأكيد على «عزمهما الحفاظ على تعاونهما في مجال الصيد البحري».
والواضح أن الطرف المعني أكثر بتطبيق الحكم، إذا ما كان فرضيا واجب تطبيقه، أعلن أنه سيعمل على استقرار العلاقات التجارية من جهة، والتعاون في مجال الصيد البحري كموضوع للحكم من جهة ثانية…
* الحكم، في القراءة الإيجابية من الطرف المغربي، استند إلى هذا الاستشراف، وهو ما يعني أنه لا يلغي، ولا يمنع، ولا يشكك في قدرة المغرب على إبرام اتفاقيات في مجال الصيد البحري، وإلا ماكانت الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي المكلفة بالشؤون الخارجية وسياسة الأمن، نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، لتقبل بتوقيع بلاغ يتحدث عن تأكيد التعاون في هذا المجال، والحفاظ على الشراكة الاستراتيجية…
* الحكم أيضا، تجاهل خلاصات المدعي العام، والذي كان قد رافع على قاعدة أن الاتفاق البحري غير شرعي، ولا حق للمغرب في التوقيع. وقد كان وزير الصيد البحري، قد عبر عن رأي المغرب بهذا الخصوص، إذ قال عزيز أخنوش إن محكمة العدل التابعة للاتحاد الأوروبي، أكدت بخصوص اتفاق الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، أنها لم تساير رأي المدعي العام، الذي طلب منع الصيد، وتلك إشارة إلى ما كان …المدعي العام للمحكمة الأوروبية قد أعلنه في بداية يناير 2018 من كون الاتفاق « باطل» بسبب انتهاكه «حق شعب الصحراء في تقرير المصير» في مسايرة واضحة لأطروحة البوليساريو…
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 24/03/2018