جنوب إفريقيا والصحراء: كل الطرق تؤدي إلى زوما!

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
4 مكامن قوة يتأتى منها موقف جاكوب زوما حول القضية الوطنية..
قيمة التحول الحاصل في جنوب إفريقيا إزاء قضية الصحراء، الذي أعلنه اليوم الحزب المعارض رمح الأمة، الذي تأسس كحركة مسلحة على يد نيلسون مانديلا بالرغم من أنه موقف ليس الموقف الرسمي للدولة الآن، تكمن:
* أولا، في قوة الشخص نفسه جاكوب زوما الذي جاء من خلاله إعلان الموقف:
– يملك الرجل البالغ من العمر أزيد من 80 سنة شرعية تاريخية ونضالية كعضو مؤسس للجناح المسلح ضد الميز العنصري، اعتقل 10 سنوات إلى جانب نيسلون مانديلا في 1963، وهناك سيتعلم القراءة والكتابة (عصامي يعني). ولعله آخر رجال الحركة التحررية في البلاد، كما أنه رجل كان من الرعيل الأول في بناء الدولة الجنوب إفريقية متعددة الأعراق.
– عاش المنفى بعد خروجه من السجن بين الموزامبيق وزامبيا حيث شغل منصب مدير مخابرات المؤتمر الوطني واستطاع بناء وتنظيم الجناح المسلح بها.
– وعند عودته سنة 1990 كان ضمن الوفد الذي باشر التفاوض مع حكومة البيض أيام (دوكليرك) وكان من بين أول المنفيين العائدين.
-سنة 1991 تولى نائب الأمين العام للمؤتمر الوطني بطلب من نيلسون مانديلا الذي كان الزعيم البارز له.
– انتهى رئيسا للدولة من 2009 إلى 2018، أي تسع سنوات، وقبلها تولى منصب رئاسة الجمهورية من 1999 إلى يونيو2005 إبان الرئيس تابو مبيكي .
بعد ذلك بسنتين، أي 2007، انتخب رئيسا للمؤتمر الوطني الإفريقي وظل على رأسه إلى 2017 .
– والرجل أساسا هو الذي هندس التقارب مع المغرب في لقاء ملك البلاد في قمة 2017 في أبيدجان بعودة العلاقات الديبلوماسية وفتح السفارات.
* ثانيا، من قوة ورمزية حزبه:
– فهو يوجد على رأس الحزب الجديد الذي يحمل الاسم الأصلي لنضال البلاد ضد الأبارتهايد (رمح الأمة)
– وهو القوة السياسية الثالثة بعد أقل من سنة على تأسيسه بما يعنيه ذلك من تجذر في المجتمع الجنوب إفريقي.
– هو القوة الرئيسية في المعارضة،
ثالثا، تكمن القوة في السياق الذي يأتي فيه التحول، قاريا وداخل جنوب إفريقيا، سيشكل منعطفا كبيرا في النقاش الوطني والقاري حول الصحراء…
– حيث إن حزب زوما يلتقي مع حزب آخر في الائتلاف الحكومي وهو التحالف التقدمي (الحزب الليبرالي سابقا ) في الموقف الإيجابي من قضيتنا الوطنية. وهو ما يمكن أن يدفع الحكومة إلى تغيير موقفها..
-تكسير جدار الطابو السياسي الذي ضُرب على قضية الصحراء داخل الطبقة السياسية، والتي كانت تسير نحو اعتماد نفس العقيدة لدى الجزائر، أي جعل مناهضة المغرب جزءا من الشرعية السياسية الداخلية، وهو ما يعد بحد ذاته نصرا حقيقيا، وتكسير الاحتكار الإيديولوجي الذي كان يمارسه حزب المؤتمر الوطني في قضايا الشؤون الخارجية..
– ثاني شرخ كبير في المحور الذي كان قائما من الجزائر إلى بريتوريا مرورا بنيجيريا، بعد أن استطاع المغرب أن يكسر هذا المحور بربط نيجيريا بأفق قاري ودولي كبير جدا عبر أنبوب الغاز الأطلسي.
رابعا: تكمن قوة الموقف في التأطير التاريخي والمبدئي له، كما ورد في تصريحات زوما … وفي الورقة التأطيرية التي نشرها، واعتمدت فيها مقاربة تاريخية وجيوسياسية ..
-حيث تأسس على الاعتراف التاريخي بانتماء مناطق الجنوب للتراب الوطني.
-الربط بين حركة تحرير الصحراء وحركة تحرير جنوب إفريقيا .
– الاعتراف التاريخي والأخلاقي بالدعم المغربي لحركة التحرر في جنوب إفريقيا ومنه قول زوما إن مانديلا تلقى تكوينه هنا في المغرب..
وهو في عمقه خطاب تأسيسي ينسف المسوغات الإيديولوجية لموقف مناهضة الحق المغربي وينقله إلى داخل القوى المعادية له، لا سيما في أوساط المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم المتحالفة مع الجزائر.. ويشكل موقفا من داخل السردية نفسها التي تعتمدها جنوب إفريقيا..
-أخيرا وليس آخرا، يربط الموقف الجديد بين الحق التاريخي والتوجه نحو المستقبل، بين طرفي القارة جنوبها وشمالها، عوض تأسيس الاستشراف المستقبلي على تنافس تناحري بينهما، وهو أمر يجعل للبلدين (عند ضبط الأوتار) وجودا دوليا قويا .. وأملنا في ذلك قوي بما أنه هدف أسس له جلالة الملك منذ اعتلائه العرش: إفريقيا التحررية بمضامين التنموية والمستقبلية لا بالسبات الإيديولوجي المتقادم.
ولعل الوعي الحاصل لدى زوما وحزبه ينبني على مبادرات مشتركة في قطاعات الطاقة والفلاحة والانتقال الرقمي، واقتراح اتفاقية تبادل حر..
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 17/07/2025