خطاب العرش:أفق انتظار (متجدد‮!‬1‮)‬

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com

ما من شك أن‮ ‬مناسبة عيد العرش،‮ ‬والسياق الذي‮ ‬يتم فيه الاحتفاء به،‮ ‬قد رفع،‮ ‬في‮ ‬السنين الاخيرة،‮ ‬من أفق انتظار المغاربة جميعا،‮ ‬عمَّ‮ ‬تعوَّدوه في‮ ‬كل خطاب للعرش طوال العقود السابقة‮.‬
وأصبح‮ ‬،‮ ‬علاوة على ما تعودناه،‮ ‬موعدا لترقب ما سنُحرزه من نصر جديد في‮ ‬قضيتنا الوطنية الأولى قضية الصحراء‮: ‬رسالة اعتراف بمغربية الصحراء‮ ‬من‮ ‬دولة عظمى مثلا‮ ‬أو الاعلان عن جديد في‮ ‬القضية‮ ‬يكون حاسما،‮ ‬أو ما‮ ‬يرافق تعزيز الجبهة الداخلية وفتح طريق التقدم‮ ‬وتثبيت الدور الاقليمي‮ ‬للمغرب ووضعه كقوة إقليمية لها صوتها المسموع دوليا‮!.. ‬
وعموما‮ ‬،‮ ‬تكون‮ ‬النخبة المغربية،‮ ‬في‮ ‬مركز القرار السياسي‮ ‬أو في‮ ‬غيره من فضاءات السلطة أومعارضتها أو في‮ ‬فضاءات انتاج الثروة وانتاج المعرفة،‮ ‬أو في‮ ‬التمثيليات الديبلوماسية في‮ ‬الرباط‮ ‬في‮ ‬حالة تطلع إلى لحظة خطاب العرش‮ ‬،‮ ‬بأفق انتظار واسع‮ ‬يبدأ من ملفات الموقع الجيو ـ استراتيجي‮ ‬للمغرب،‮ ‬وموقفه من القضايا الشائكة،‮ ‬من قبيل قضايا الشرق الأسود والقضايا العربية،‮ ‬ويمتد إلى المعيش اليومي‮ ‬للمغاربة،‮ ‬فقيرهم وميسورهم ومتوسطهم‮ ‬،‮ ‬مروراً‮ ‬بالطاقة والاقتصاد والشراكات الاستراتيجية والتعليم وقضايا المجتمع‮.‬
و المغاربة،‮ ‬في‮ ‬غالبيتهم،‮ ‬ينظرون إلى من زاوية ثنائية لا تنفصل‮. ‬تتعلق الأولى بالقضية الوطنية الأولى،‮ ‬الصحراء،‮ ‬وكل ما‮ ‬له صلة بها،كما سبق أن أضفنا الى ذلك المستجدات الحاسمة،‮ ‬التي‮ ‬تجعل الرباط مركز الحدث وصانعته وليس نيويورك او بروكسيل وحدهما‮ :‬كما هو حال‮ ‬العلاقات الدبلوماسية،‮ ‬الشراكات الجيوسياسية،‮ ‬المواجهات المؤسّساتية في‮ ‬ردهات التنظيم الدولي‮ ‬الأممي،‮ ‬إلى‮ ‬غير ذلك من مواقف تهم الجوارين القريب والبعيد‮. ‬
وتتعلق الزاوية الثانية بالمعيش اليومي،‮ ‬وما‮ ‬يتطلبه من قرارات اقتصادية وسياسية واجتماعية،‮ ‬يبادر إليها الملك في‮ ‬اللحظات الحاسمة من حياة المجتمع‮. ‬وفي‮ ‬التواتر نفسه،‮ ‬يمكن أن نتحدّث عن تقييم الملك العمل الحكومي،‮ ‬والمؤسّساتي‮ ‬عموما،‮ ‬في‮ ‬ضوء ما‮ ‬يُتوافَق عليه أو ما‮ ‬يدعو إليه الملك شخصياً،‮ ‬من قبيل الدولة الاجتماعية،‮ ‬ومدى تحقق قواعدها التأسيسية،‮ ‬والسيادة الغذائية والطاقية والمائية،‮ ‬والإصلاحات ذات الصلة بالمرأة والثقافة والبنيات الحقوقية وتأهيل التعبير المؤسساتي‮ ‬عن حضور مغاربة العالم‮ (‬الجالية المغربية في‮ ‬الخارج‮) ‬في‮ ‬الهندسة المؤسساتية للحكامة المتعلقة بها‮..‬
‬و سيكون من المفيد لنا كمغاربة‮ ‬،‮ ‬و للحكومة‮ ‬بالدرجة الاولى القيام بتمرين‮ ‬تقف‮ ‬من خلاله على ما حققته‮ ‬،‮ ‬وما عطَّلتْه من‮ ‬الاجندة‮ ( ‬الاجندات‮ ) ‬الملكية‮ ‬خلال‮ ‬الولاية الحالية‮. ‬تماما كما هو حال مؤسسات صناعة القرار الأخرى‮.. ‬وليس الهدف من وراء ذلك،‮ ‬البحث عن التعجيز أو رفع السقف بالنسبة للجهاز التنفيذي،‮ ‬لاسيما ونحن ندرك بأن الزمن الملكي‮ ‬يتجاوز الزمن الحكومي‮ ‬لاعتبارات‮ ‬يطول شرحها لكن‮ ‬،‮ ‬للوقوف على الفعل الميداني‮ ‬في‮ ‬قضايا مرهونة بتسريع‮ ‬الوتيرة وبتقريب السقف الزمني‮ ‬المحدد‮ ‬،‮ ‬وخصوصا في‮ ‬المواضيع‮ ‬التي‮ ‬تم توفير‮ ‬كل مقومات‮ ‬المخطط الجاهز‮ ‬لها،‮ ‬كما اعلنه ملك البلاد‮.‬
‮ ‬ونحن نفكر في‮ ‬المغاربة العالم مثلا،‮ ‬والذين كان جلالته قد أعلن مخطط تأهيل أوضاعهم بشكل دقيق أو في‮ ‬التأهيل المؤسساتي‮ ‬ذي‮ ‬الصلة بالمرأة‮ ‬،‮ ‬على قاعدة الدستور‮ .‬
و نشدد‮ ‬،‮ ‬أنه‮ ‬ومن باب الانصاف،‮ ‬ومن باب التبصر‮ ‬والفرز الموضوعي‮ ‬،أنه لا‮ ‬يمكن الخلط بين الاجندات ذات الزمن السياسي‮ ‬الطويل المدى،‮ ‬أي‮ ‬الزمن الاستراتيجي‮ ‬،‮ ‬لاسيما ما‮ ‬يتعلق بالمخططات العابرة للزمن وتتجاوز الولاية السياسية للحكومة ودورة التمثيلية الانتخابية.وبين الاجندات التي‮ ‬تم إعلانها وهي‮ ‬قابلة للتنفيذ في‮ ‬الزمن السياسي‮ ‬للولاية الحكومة‮.‬
من‮ ‬الجيد ومن الجدي‮ ‬،‮ ‬سياسيا‮ ‬وقيميا،‮ ‬أن نعرف‮ ‬الاجندات التي‮ ‬عطلتها الحكومة والتي‮ ‬تفاعلت معها ايجابا،‮ ‬وحققت فيها المبتغى والتي‮ ‬ما زالت تراوح فيها نفسها،كما هو حال تأهيل وتطهير المؤسسات العمومية المكلفة للغاية‮ !..‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 26/07/2025