سرح مخزونك. ماذا عن المخزون الاستراتيجي السيد رئيس الحكومة؟
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
لقد تقدم الوزراء بشكل منفرد عوض جواب جماعي، كما أن المنظومة الشاملة أصبحت معالجات قطاعية مبتسرة ومجزأة .. لا ترقى إلى ما هو موضوع كسقف لمسألة سيادية بهذا الحجم.
ولا شيء عن البقية:
المفارقات الأخرى كانت في لغة الحديث التي تراوحت بين التهديد والقطعية!
في التهديد، غامر العبد الفقير لرحمة ربه و«جْبَدْتو»! وهو خاطبنا بوضوح بأن من «جبده» لا يلومن إلا نفسه..!
أمري لله وقد «جَبدْتُه جَبْدةً» سوف لن ترضيه.
في القطعية، وهي ربما أقسى وأكثر ألغازا، سمعناه يقول: «ما يقال حول هوامش الربح كذب».
غادر رئيس الحكومة خشبة البرلمان، وبقيت العبارة عالقة يتردد صداها في الأجواء بلا أدلة: اعتبر رئيس الحكومة أن ما يقال حول هوامش الربح في قضية المحروقات مجرد كذوب..
وفي وقفة البرلمان اكتفى الرئيس أن أصدر حكمه، كما لو كانت الفتوى التي لا يطلب أحد من الفقيه تعليلها.. ولم يخرج من جيبه ولو ورقة واحدة يشهرها في وجه المدعين، وهم بالملايين، أولئك الذين يرَوْن في كل لتر من الغازوال هامشا للربح من البترودولار!
رئيس حكومة عندما يقول للعموم،إن هوامش الربح في المحروقات كذوب، ولم يقدم لنا الكذابين الآخرين، ولا ما يثبت أننا بالفعل نصدق الكذوب ..
لا دليل يُخْرسنا ولا معطيات، يمكن أن تفحمنا وتغلق مناقرنا حتى لا نرفعها كلما شممنا رائحة الغازوال!
ولا نرى فيه وفي غيره من النفطيين أناسا «مُرفَّحين ترفيحة» من لا يحب أحدا أن «يجبده»!
الرئيس كان عليه أن يقول باللغة السياسية المؤسساتية إن تقرير لجنة برلمانية في 2018 حول أرباح «غير مستحقة» جنتها شركات توزيع المحروقات منذ تحرير الأسعار، وعلى رأسها مجموعة «إفريقيا» التي يملكها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والمجموعة الفرنسية «توتال» والبريطانية-الهولندية «شل»…. تقرير كاذب ..والبرلمانيون الذين شاركوا فيه كاذبون، لكنه تأخر أربع سنوات وهو زمن يجعل الكذب عندما لا يُفنَّد في حينه… حقيقةً!
وقد كان عليه أن يطالب الشركات بالدخول إلى البورصات، ويطالب التي مِنْها في البورصة أن تقدم أرباحها السنوية، منذ فترة التحرير إلى الآن أو على الأقل منذ بداية الأزمة!
لم تكن أمامه معادلة واحدة فيها الربح وحده بل كان أمامه مطلب سياسي واقتصادي بحجم الأزمة الحالية ومداخل إصلاحه متعددة:
= تسقيف الأسعار
= هوامش الأرباح الفاحشة
= تضارب المصالح
وقد كان وزير، زميل سابق لرئيس الحكومة في الحكومة التي كان فيها رئيس الحكومة عضوا في الحكومة …اوووف: قد أقر في المذكرة الموجهة لمجلس المنافسة آنذاك بانفجار أرباح الموزعين، ولا شك أن السيد رئيس الحكومة قد «ضرب الطاولة بملء كفيه« عند الاطلاع عليها كوثيقة مرفقة برأي المجلس حول طلب التسقيف..!
الخلاصة الخالصة:
لم نلمس خطة في «إحداث منظومة وطنية متكاملة»، بل أجوبة متفرقة وقطاعية معزولة عن بعضها البعض..عكس ما دعا إليه ملك البلاد..
ولم نلمس خطة «تتعلق بالمخزون الاستراتيجي للمواد الأساسية، لاسيما الغذائية والصحية والطاقية» بل مجهودات وزارية في الإقناع بنية العمل القادم والتصورات التي تطبخ حتى تنتهي الحرب!
ولم نلمس خطة في«العمل على التحيين المستمر للحاجيات الوطنية»، بل سمعنا تعليلات وهجومات، منها أن القانون المتعلق بمدة التخزين لم يشتغل منذ عقدين..
(علاش عشرين عام بالضبط يا سيدتي الوزيرة؟)
وأن مخزوننا لم يعد يتعدى … 19 يوما من الغازوال!
وأننا في طور الإعداد لمجلس الأمن الطاقي..
فهل هذا ما يسمى منظومة متكاملة وخطة شاملة وبنية حكامة جيدة؟
ربما، فأنا لا أعرف الجواب، أو لم أعد أغامر بمعرفة الجواب منذ أن عرفت أن من «يجبد» رئيس الحكومة لا يلومن إلا نفسه!
ولي أمل في أن تلقي أغنية جيل جيلالة مفعولها:
سرح مخزونك
سرح مخزونك وانعم له بالفكاك….
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 22/04/2022