على هامش حدث الداخلة..الثابت والمتحول!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
بعد شهر من إعلان اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، تم افتتاح القنصلية بالداخلة. والذي تابع الحفل والكلمات التي ألقيت فيه، سيشعر منذ الوهلة الأولى أن الحدث تم تسجيله في الدائم والثابت ، وليس في العرضي والحدثيevenementielبالرغم من حملته المشهدية، من خلال صورة للمسؤول الأمريكيبالدراعية…
في الزمن الأمريكي، تعيش البلاد الأطلسية على تفاعلات تستأثر بانتباه العالم وتفاصيل تثبت من خلالها أمريكا أنها دولة مؤسسات ومتانة ديموقراطية يمكنها أن تقاوم أيا كان، بمن فيهم الرئيس.
ولعل في هذا الباب، رسالة ضمنية لمسناها في ماقاله رئيس دبلوماسيتنا ورئيس دبلوماسية أمريكا المساعد،أي أن المغرب لم يختر دولة الحزب الواحد أو الحكم الفردي، ولم يختر دولا لا يغادر فيها الرؤساء المقاعد إلا بالانقلابات أو الموت.
فهو لم يختر، كما قال مسؤول رفيع المستوى، دولة كوريا الشمالية مثلا، لكي يراهن على دعمها، ولازيمبابوي، بل اختار من البداية المعسكر الديموقراطي، سواء في أمريكا أو القارة الإفريقية أو في أوروبا.
وعليه لا يبقى رهين الأغلبيات الحاكمة، يتقلب مع تقلبها ويضع يده على قلبه كلما غادر نصير أو داعم مقعد القيادة.
إنه يراهن على معسكر الديموقراطيات، التي تفهم جيدا رسائله، عندما يرسخ المؤسسات ويتحدث عن الثوابت..
إنه لا يراهن على الأغلبيات، بقدرما يراهن على الدول!
وهو معطى جوهري، وفيه أيضا نص الجواب على من يتساءل : ماذا بعد وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض.؟.
ولعل الذين تابعوا ردود الديبلوماسية المغربية إلى حد الساعة لم يغفلوا كيف أنها لم تدخل في هذا التدافع الذي يريده خصوم المغرب وبعض أبنائه، من الذين قد أوجسوا في أنفسهم خيفة، …لأنهم يعرفون بأن معسكرنا يعرف التناوب على السلطة، وليس مرتبطا بالأشخاص في القضايا الدولية.
زمنيا، وضع السيد ديفي كيشنر الحدث في صيرورة دائمة تمتد لقرنين.
عندما يربط بين الاعتراف والافتتاح والاستقلال الأمريكي الذي اعترفنا به في 1777…
هناك الثابت إذن، وهناك المتحول، والذي لايسري بالضرورة على الحدث الذي نحن بصدده.
ولعل الاسبانيين أحسنوا التعبيرعندما تحدث بوديموس، في شخص رئيسه، عن الموقف من التطورات في الكركرات. وقتها ردوا عليه بأن الأمر قضية دولة وليس قضية أحزاب ولا …..حتى حكومة!
وهم الأدرى بالملف وبالشؤون الدولية، رغم موقفهم الأخيرمن الاعتراف بسيادتنا على صحرائنا.
في الحدث أيضا، رسائل، كما قالت مقدمة النشرة في القناة الثانية يوم أمس الاثنين..
والرسالة الجوهرية، أن المغرب حليف استراتيجي، تتم معه التعاقدات الكبيرة للغاية:
اتفاقية عسكرية إلى حدود 2030، اتفاق تبادل الحر، مكافحة الإرهاب، التعاون الامني، الشراكة في السلام، إلى غير ذلك من الثوابت الكبرى في الاستراتيجيات الدولية..
ويضاف إلى ذلك، تحول ممرالكركرات إلي مضيق جديد، للتجارة الدولية وللاقتصاديات. وقد انتبه المغرب إلى ذلك منذ عقدين من الزمن عندما تطورت علاقاته وعاد إلى عائلته المؤسساتية، بالرغم من حروب الخصوم..
ولعل الشراكة الاستراتيجية متأتية من قوة المغرب وقدرته على «تسويق وتصدير »استقراره، مما جعله حليفا موثوقا به ومخاطبا حقيقيا في الملفات الحارقة.. ومن لا يملك الاستقرار، لا يمكنه أن يساعد في خلقه. ومن تراخت مؤسساته وتهاوت قوته الأمنية، لا يمكنه أن يلعب دور الريادة الإقليمية والقارية، وهذا تعرفه الولايات المتحدة، الدولة وليس الرئيس والحكومة فقط….
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 12/01/2021