فرنسا: أنجع مثال على نجاح فلسفة ” الانتقال من التدبير إلى التغيير”

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com

‬فرنسا‭ ‬‮:‬‭ ‬أنجع‭ ‬مثال‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬فلسفة‭ ‬‮«‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬التدبير‭ ‬إلى‭ ‬التغيير‮».‬‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستخلصه‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬الأزمة‭ ‬مع‭ ‬باريس،‭ ‬والخروج‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬رحب‮.‬

فالأزمة‭ ‬في‭ ‬العقل‭ ‬الديكارتي‭ ‬تساعدنا،‭ ‬في‭ ‬الرياضيات‮ ( ‬وهي‮ ‬رياضيات ديبلوماسية‮ ‬هنا)على‭ ‬تطوير‭ ‬الفهم‭ ‬والانتقال‭ ‬إلى‭ ‬حل‭ ‬المعضلات‮.‬

وفق ذلك،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬قد‭ ‬دفع بدوره إلى‭ ‬ذلك‭ ‬بشكل‭ ‬من‭ ‬الأشكال‭ ‬‮:‬

أولا،‭ ‬عمل‭ ‬المغرب‭ ‬بمبدأ تأزيم‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشركاء‭ ‬إيجابيا‭ ‬لدفعها‭ ‬إلى‭ ‬التفكير‭ ‬بندية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ :‬

ـ جيل‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬العلاقات،‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا والهند والبرازيل وانجلترا،‭ ‬

ـ تطوير‭ ‬التواجد‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬،‮ ‬بدلا عن فرنسا‭ ‬ودفعها‭ ‬إلى‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوضع‭ ‬الجديد‭ ‬‮:‬‭ ‬أولا‭ ‬قامت بمحاولة‭ ‬نفي‭ ‬الواقع‭ ‬واستصغار‮ ‬المغرب‭ ‬وعدم‭ ‬التسليم‭ ‬بريادته،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬مرحلة‭ ‬ثانية،‭ ‬‮ ‬الاعتماد على التكتيك‭ ‬الغامض‭ ‬مع‭ ‬ابتزاز‭ ‬المغرب‭ ‬بواسطة‮…‬‭ ‬الجزائر‮.‬‭ ‬‮ ‬النزوع‭ ‬إلى‭ ‬الواقعية‭ ‬والعقلانية‭ ‬‮«‬الديكارتية‭ ‬الديبلوماسية‮«‬‭ ‬إذا‭ ‬شئنا‮.‬

ـ‭ ‬المغرب‭ ‬أزم‭ ‬فرنسا‭ ‬كذلك‭ ‬بتحقيق‭ ‬تطور‭ ‬يفوق‭ ‬دعم‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وذلك‭ ‬بتطوير‭ ‬موقف‭ ‬أمريكا‭ ‬ودعمها المباشر‮…‬‭ ‬للسيادة‭ ‬المباشرة‭ ‬ووضوحها في‭ ‬الوقوف‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬المغرب،‭ ‬وبذلك‭ ‬طور‭ ‬المغرب‭ ‬المعادلة‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬وأصبح‭ ‬فاعلا‭ ‬قويا‭ ‬في‭ ‬المحيط‭ ‬الأورو‭ ‬متوسطي‮..‬‭ ‬

وقد‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬خطاب‭ ‬ذكرى‭ ‬20‭ ‬غشت‭ ‬في‭ ‬2021،‭ ‬عندما‭ ‬قال‭ ‬الملك‭ ‬إن‭ ‬الشركاء‭ ‬التقليديين‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬المغرب‭ ‬تغير،‭ ‬وهو‭ ‬لم‭ ‬يتغير إزاء اصدقائه بل‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬لم‭ ‬يفهموا‭ ‬طبيعة‭ ‬التطور الذي‭ ‬حصل‮.‬

ـ فرنسا‭ ‬،‭ ‬بواسطة‭ ‬ديبلوماسية‭ ‬الأزمة‭ ‬أو‭ ‬الصدمة‭ ‬انتقلت‭ ‬إلى‭ ‬الموقف‭ ‬السليم‭ ‬واختارت‭ ‬موقعها‭ ‬البديهي‭ ‬واختارت‭ ‬الرهان‭ ‬الحقيقي‮.‬‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬تعرف‭ ‬تقلبات،‭ ‬والعروض الوحيدة،‮ ‬جيوسياسيا وجيو اقتصاديا التي‭ ‬تستحق‭ ‬هذا‭ ‬الوصف‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬المغرب‮..‬

‮ ‬ومن جهة أخرى،‮ ‬تغيرت ديبلوماسية البلاد من ديبلوماسية ملكية،‮ ‬معروفة عالميا بأنها عادة ما تكون دفاعية،‮ ‬تقريبا مسالمة بشكل مبالغ‮ ‬فيه،‮ ‬إلى ديبلوماسية هجومية،‮ ‬تضع بوضوح منطق العلاقات المبنية على الندية وعلى منظومة قيم الثقة الشفافية والاحترام المتبادل والوفاء بالالتزامات،‮ ‬وهو ما‮ ‬يعتبر إكراها أخلاقيا فرضه المغرب على حليف ظل‮ ‬يعتبر بأنه في‮ ‬مستوى أعلى قليلا‮ .. ‬

ولماذا لا حاضنا للتبعية من طرف واحد‮..‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.com - بتاريخ : 29/10/2024