فكرة‭ ‬قلقة‮…‬‭ ‬وأخريات‭ ‬أكثر‭ ‬تفاؤلا‮!‬

عبد الحميد جماهري

تبدو‭ ‬تفاعلات‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬تسير‭ ‬باتجاه‭ ‬استبدال‭ ‬حل‭ ‬الدولتين،‭ ‬المستند‭ ‬إلى‭ ‬شرعية‭ ‬قانونية‭ ‬دولية،‭ ‬واحتضان‭ ‬عربي‭ ‬ودولي،‭ ‬ومطلب‭ ‬فلسطيني‭ ‬بحل‭ ‬‮..‬‭ ‬أربع‭ ‬دول‮!‬‭ ‬
هذا‭ ‬فيما‭ ‬يبدو‭ ‬حسب‭ ‬المقترح‭ ‬الذي‭ ‬يكرر‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬الحديث‭ ‬عنه‮.‬
الرئيس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬الذي‭ ‬يحلم‭ ‬بجائزة‭ ‬نوبل‭ ‬للسلام،‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬فرض‭ ‬الهدنة،‭ ‬وبعدها‭ ‬صرح‭ ‬ثم‭ ‬كرر‭ ‬التصريح‭ ‬ثم‭ ‬شدد‭ ‬عليه،‭ ‬‮”‬مصر‭ ‬والأردن‭ ‬سيقبلان‭ ‬بالحل‭ ‬المقترح‭ ‬عليهما‭ ‬باستقبال‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬فوق‭ ‬أراضيهما‭”.‬
تشديده‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬تكذيب لقائدي‮ ‬الدولتين،‭ ‬بل‭ ‬يكاد‭ ‬يكون‭ ‬تهديدا‮!‬
في‭ ‬كلتا‭ ‬الحالتين:عوض‭ ‬أن‭ ‬ينتصر‭ ‬لحل‭ ‬الدولتين،‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تأسيس‭ ‬أربع‭ “‬كانتونات‭” ‬بمثابة‭ ‬دول‭ ‬مرتجلة،‭ ‬كما‭ ‬في‭ ‬حلم‭ ‬قديم‮.‬
‮ ‮) ‬الأمن‮.‬‭ ‬والسلام‭ ‬والديبلوماسية‮…‬
في‭ ‬الأمن‮:‬‭ ‬كشفت‭ ‬ندوة‭ ‬المكتب‭ ‬المركزي‭ ‬للشرطة‭ ‬القضائية‭ ‬عن‭ ‬راهنية‭ ‬التهديد‭ ‬الإرهابي‮.‬‭ ‬كشفت‭ ‬جوانب‭ ‬فظيعة‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬تجنيد المرشحين للإرهاب‮.‬‭ ‬وكشفت‭ ‬تحولات‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬إرهاب‭ ‬القرب‭ ‬‮:‬‭ ‬من‭ ‬تورابورا‭ ‬والعراق‭ ‬‮..‬‭ ‬إلى‭ ‬تيندوف‭ ‬والساحل‭ ‬وجنوب‭ ‬الصحراء‮.‬
‬ومن‭ ‬القرابة‭ ‬الإيديولوجيا‭ ‬للمتطرفين‭ ‬إلى‭ ‬القرابة‭ ‬البيولوجية‭ ‬‮:‬‭ ‬‮(‬الأشقاء‭ ‬الثلاثة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬السوالم‭ ‬‮)‬‭ ‬الشقيقتان في‮ ‬سلا،‮ ‬ثم‭ ‬الأب‭ ‬والابن‭ ‬‮..‬إلخ‮.‬
ولعل‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬تحول‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬إلى‭ ‬قطع‭ ‬غيار‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬السلام،‭ ‬عابرة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭.‬
في‭ ‬السلام‮:‬‭ ‬انتخاب‭ ‬عمر‭ ‬هلال،‭ ‬نائبا‭ ‬لرئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الأممية‭ ‬لتعزيز‭ ‬السلام،‭ ‬لتمثيل‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭ ‬خلال‭ ‬سنة‭ ‬2025‮.‬
‭ ‬ـ‭ ‬إعادة‭ ‬انتخاب‭ ‬المملكة‭ ‬رئيسا‭ ‬لتشكيلة‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬للجنة‭ ‬تعزيز‭ ‬السلام‮…‬
وهو‭ ‬تكريس‭ ‬أممي‭ ‬لوظيفة‭ ‬شبه‭ ‬قارية‭ ‬بحثة‮.‬‭ ‬تضاف‭ ‬إلى‭ “‬بالماريس‭” ‬المغرب‭ ‬في‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬السلام‮.‬
المغرب‭ ‬يملك‭ ‬لإفريقيا‭ ‬مخططا‭ ‬لتنمية‭ ‬السلام‭ ‬المستدام‮.‬‭ ‬سلام‭ ‬يتجاوز‭ ‬خدمة‭ ‬مصالح‭ ‬الدول‭ ‬الراعية‭ ‬له‭ ‬‮.‬فيتحول‭ ‬إلى‭ ‬حرب باردة،‭ ‬بل‮.‬‭ ‬يراهن‭ ‬المغرب‭ ‬عبر‭ ‬الأجيال‭ ‬‮(‬‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬قضيته‭ ‬الوطنية‭ ‬المقدسة،‭ ‬انخرط‭ ‬منذ‭ ‬1991‭ ‬في‭ ‬تربية‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‮)..‬
المغرب‭ ‬ربط‭ ‬بين‭ ‬الأمن‭ ‬والسلام‭ ‬‮(‬‭ ‬بين‭ ‬عملية‭ ‬الاستعلام‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب‭ ‬مثلا‭ ‬‮(‬‭ ‬وبين‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬‮:‬
تنعدم‭ ‬حظوظ‭ ‬الأمن،‭ ‬حيث‭ ‬تنعدم‭ ‬حظوظ‭ ‬السلام،‭ ‬كما‭ ‬تنعدم‭ ‬حظوظ‭ ‬الحياة‭ ‬‮..‬‭ ‬وننتقل بعد‭ ‬ذلك‭ ‬إلى‭ ‬السلام‭ ‬الديموقراطي‮..‬
‬ولهذا‭ ‬تحضر‭ ‬معادلة‭ ‬جمهورية‭ ‬إفريقيا‭ ‬الوسطى‭ ‬كدرس‮.‬‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬النزاعات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬طور‭ ‬ذلك،‭ ‬يتم‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬المرافقة‭ ‬الديموقراطية‮..‬‭ ‬والانتقال‭ ‬من‭ ‬سلام‭ ‬سلبي‭ ‬مبني‭ ‬على‭ ‬توازن‭ ‬القوى،‭ ‬كما‭ ‬تغذيه‭ ‬الحرب‭ ‬الباردة‭ ‬غير‭ ‬المعلنة،‭ ‬إلى‭ ‬سلام‭ ‬إيجابي‭ ‬مؤسس‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬الديموقراطي‮..‬
هناك‭ ‬فكرة‭ ‬مضمرة‭ ‬إيجابية‭ ‬للغاية‮:‬‭ ‬كل‭ ‬الحروب‭ ‬الدائرة‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭ ‬لا‭ ‬تمنع‭ ‬من‭ ‬نضج‭ ‬شروط‭ ‬الديموقراطية‭ ‬أو‭ ‬السلام‭ ‬الديموقراطي‮.‬‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬أوروبا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬سابق‮..‬‭ ‬وفي‭ ‬ذلك‭ ‬توظيف‭ ‬تجربته‭ ‬الروحية‭ ‬وذكائه‭ ‬الأمني‭ ‬وإيمانه‭ ‬بالعلاقات‭ ‬السلمية‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فعل‭ ‬ناجع‭. ‬
‬الديبلوماسية‮:‬‭ ‬أتابع‭ ‬زيارة‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬والشؤون‭ ‬الأوروبية‭ ‬والتجارة‭ ‬الخارجية‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الثقافية‭ ‬البلجيكي،‭ ‬برنارد‭ ‬كوينتين،‭ ‬وأرى‭ ‬من‭ ‬ورائها‭ ‬أوروبا‭ ‬باعتبار‭ ‬بروكسيل‭ ‬عاصمة‭ ‬الاتحاد‭ ‬ومؤسساته‮.‬‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نغيب‭ ‬من‭ ‬تحليلاتنا‭ ‬أن‭ ‬أوروبا،‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التوتر‭ ‬مع‭ ‬أمريكا‭ ‬ترامب،‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تبحث‭ ‬عن‭ ‬طرق‭ ‬سيارة‭ ‬جديدة‭ ‬وتتجه،‭ ‬في‭ ‬السياق الحالي‭ ‬نحو‭ ‬إفريقيا‮.‬
وعليها‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬الباب‭ ‬والطريق‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬القارة‭ ‬السمراء،‭ ‬وتجد‭ ‬بالأساس‭ ‬التأمين‭ ‬الضروري،‭ ‬بالسلام‭ ‬أو‭ ‬بالاستعلامات‭ ‬أو‭ ‬بالبعد‭ ‬الروحي‭ ‬لهاته‭ ‬العلاقات‮.‬‭ ‬والمغرب‭ ‬يوفر‭ ‬هذا‭ ‬العرض‭ ‬المتكامل،‭ ‬مع‭ ‬السعي‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬شرط‭ ‬السلام‭ ‬الديموقراطي‭ ‬وليس‭ ‬السلام‭ ‬‮«‬الإمبراطوري‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬كانت‭ ‬تعرضه‭ ‬‮«‬بروسيا‭ ‬الإفريقية‮«‬‭…. ‬سابقا،‭ ‬أو‭ ‬جوارها‭ ‬المتآكل‭ ‬بسبب‭ ‬عودة‭ ‬السلطة‭ ‬وتفكك‭ ‬الدولة‮..‬‭ ‬

 

الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 01/02/2025