ما يجب أن نقرأه في الاعتراف الامريكي 3/3

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

بعض الحروب تخاض وتربح ،
حيث لا يوجد….. العدو

بعض الحروب تخاض وتربح ، حيث لا يوجد….. العدو.
لنقل نحن الخصم، تلطفا في اللغة، لا تلطيفا لحقيقة العداء..
هي حكمة حربية ظاهريا، لكنها تتحول إلى أسلوب ديبلوماسي، بالنسبة للمغرب، ترادف السلام كهدف وكفلسفة.
يبدو لنا هذا مدخل ضروري لوضع المشهد من أجل فهم الثلاثية الموضوعاتية في الاتصال بين جلالة الملك ودونالد ترامب..
ففي اتصال ملك البلاد برئيس الولايات المتحدة المنتهية ولايته، تبين أن هناك ثلاثية ديبلوماسية في المشاورات، من التبسيطية السياسية التعامل معها بشكل متفرد، ولو إجرائيا..
ونشهد في هذه التراتبية، هدفا يربط بين أضلاعها. جاءت العتبة الأولى متعلقة بإعلان اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية….
وكان الضلع الثاني، في الثلاثية، هو وضع القضية الفلسطينية العادلة وما يدور حولها، من استئناف العلاقات بين تل أبيب والرباط.
وأخيرا، التطورات الإيجابية المسجلة إلى تحقيق المصالحة الخليجية المنشودة….
والواضح، أن المغرب يوجد في تقاطع هذه الطرق السيارة الثلاثية برمتها، تاريخيا وراهنيا، وفي ترتيب خرائط المستقبل وتحديد جدول أعمال الأجندات القادمة.
في قضية الخليج، لابد من بداية القصة من أصلها: في 2016 ، كانت القمة الخليجية المغربية قد انعقدت في الرياض، وشكلت مناسبة للملك محمد السادس، لكي يقدم «أطروحة» المغرب وقراءته للتقلبات الدولية، ولا سيما في الدائرة العربية .
وكمرتكزات الأطروحة الغربية في تلك القمة، والتي كانت تحدد توجهاته الديبلوماسية كانت هي :
* وجود شراكة استراتيجية، بين المغرب والخليج، والقمة تمثل رسالة أمل
* الخريف العربي وخرابه ودماره ومآسيه الإنسانية ، بهدف وضع اليد على خيرات باقي البلدان العربية .
* وجود تحالفات جديدة، لإعادة ترتيب الأوراق في المنطقة.
*وجود مؤامرات تستهدف المس بالأمن الجماعي بما لا يحتاج إلى تحليل. وهي لن تتوقف..
* اعتبار المغرب أمن واستقرار دول الخليج العربي، من أمنه .
* بعد تمزيق وتدمير عدد من دول المشرق العربي، استهداف غربه. وآخرها المناورات التي تحاك ضد الوحدة الترابية للمغرب.
بطبيعة الحال، وضع الملك في القمة كل الأوراق، من أجل تفكير مشترك في الرد الجماعي، وهو أمر سيتبين من بعد أن الاتفاق لم يحصل حوله.
وتباينت الآراء، لاسيما في قضية حصار قطر والصراع بينها وبين باقي الدول الخليجية، ورأينا كيف أن المغرب حاول التغيير من طبيعة النزاع والدخول في توازن ناجع بين المصالح لقطع الطريق على تحالفات مسيئة وتروم خلق أسباب تراجع دور مجلس التعاون الخليجي أو حشره في معادلات لا تخدم مصالحه.
وبعد فترة لا تقل عن سنتين، تبين أن تطورات الأوضاع تسير في اتجاه المغرب، وتبين صواب مقاربته.
وهو لم يصح فوق كل الأسطح بالقول أنه كان على صواب، بل أعاد التأكيد في الاتصال بترامب، على ضرورة أن تسير «التطورات الإيجابية المسجلة إلى تحقيق المصالحة الخليجية»
وذلك بهدف
* استتباب الأمن والاستقرار بمنطقة الخليج العربي،
* تحقيق الأمن العربي الشامل
*النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية .
والواضح الآن أن دول الخليج، التي تحولت إلى مركز سياسي وديبلوماسي بعد عقد من مرور الربيع العربي بالمنطقة، لا بد من أن تكون حاضرة في أي ترتيب للقضايا الأساسية، سواء بالنسبة للمغرب أو بالنسبة للدائرة العربية والشرق أوسطية..
وهذا الدور، يتكامل مع دور المغرب، الذي يوضع اليوم وغدا اقتصاديا واستراتيجيا في ملعب الكبار إقليميا، بما يعزز التكتل العربي لأية خدمة عربية مشتركة وعلى رأسها فلسطين والمتوسط ..
بالنسبة لقضيته الوطنية، فالمغرب، في الانشغال الخليجي سبق له في القمة المذكورة، أن قدم ترابط الأمنيين، العربي والوطني، واليوم، لنقلها بكل وضوح، يربح معركته الوطنية بخوض الحرب حيث لا يوجد الخصوم:
في الميدان حيث حسم المعركة ميدانيا، وبالتمثيليات الديبلوماسية.
وفي الاعتراف الأمريكي، وفي الدائرة الخليجية، خصوصا والعربية لاحقا.

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 16/12/2020