نخبة إنتاج العقدة الجزائرية الثانية! (1/2)
عبد الحميد جماهري
تعتقد النخبة الحاكمة في الجزائر أن المغرب عليه انتظار ما سيسفر عليه الانتقال الديموقراطي، لكي يتحرك في ملف قضيته الوطنية.
ومن يتابع الإعلام الجزائري، سيلاحظ أن حراس المعبد في المرادية، والذي انهار على ساكنيه، ينظرون إلى أي عمل ديبلوماسي مغربي، في القضية الوطنية أو في غيرها، أنه مشبوه، ما دام يتم والجزائر في خضم البحث عن الخروج من أزمتها الكبرى..
– أولا، لا بد من التركيز على أن المغرب، ومنذ بداية الحراك الديموقراطي في الجزائر نأى بنفسه عن أي تدخل وعبر عن ذلك بوضوح الشمس في عز النهار، بل ذهب إلى أن رَسَّم الموقف عبر القنوات المعتمدة دوليا.
– ثانيا، لا يتجاوز المغاربة، حكومة وشعبا، أحزابا ونقابات، السقف الذي يحدده الجزائريون أنفسهم لهذا الحراك، ولو من باب التمني والأخوة الديموقراطية!
– ثالثا، وهو الأهم، عندما فشلت النخبة المدربة في صناعة عقد شعب الجزائر من شقيقه المغربي في إنتاج عقدة من الداخل ، رغم نصف قرن، بدأت تبحث عن عقدة من الخارج تتجلى في تتبع حركة الديبلوماسية المغربية..
كيف ذلك؟
تجتهد، بكل بساطة، في شيطنة أي تحرك يقوم به المغرب، وإن كان من صميم عمله المشروع ديبلوماسيا ودوليا.
وقد كان لافتا للغاية ما كتبته «الجزائر الوطنية» والقومية l’algérie patriotique في عدد نهاية الأسبوع، عندما عنونت مقالة لها كالتالي: ما يحبكه المغرب، والجزائر في خضم تغيير النظام..!
وقد اعتبرت المقالة، في أحد المنابر المأذونة، في قراءة مغرضة وخارج انشغالات الشعبين الجزائري والمغربي في الوقت الذي تمر به الجزائر بوضع سياسي داخلي جد خاص، يبدو أنه يسعى إلى اغتنام فرصة التطورات الجارية لبسط نفوذه في المعادلة الاقليمية وخدمة انتشار أطروحاته الاستعمارية (كذا) «بنفس المناسبة»..
وقد اعتبر جزء من النخبة النظامية وبعد أن فشل في إقناع الشعب الجزائري بنظرية المؤامرة، حتى اعتبار أن الحراك هو من إنتاج المغرب، بعد ان بدأ في البحث عن فرن آخر لطهي نظرية جديدة، هي أن المغرب، يتحرك في القارة والعالم، فيما الجزائر لا تتحرك سوى.. في الداخل..
كما لو أن السليم والبديهي والمنطقي هو أن يعيش المغرب سباتا سياسيا، حتى تسوي الجزائر وضعها وتنطلق في محاربته.
كما لو أن المغرب، بدفاعه عن قضيته، لا يتنافس بشكل شريف والجزائر نائمة في عسل اضطراباتها..
تعتبر النخبة الحريصة على تعميم عصابها على الشعب الجزائري الشقيق أن الديبلوماسية المغربية« لم يسبق لها أبدا أن تحركت في العديد من الجبهات كما تفعل اليوم. وتنسى نفس النخبة الحارسة للنظام المتهاوي أن شهر أبريل هو شهر القضية الوطنية للمغرب على الجبهة الدبلوماسية، وأن الديبلوماسية الجزائرية هي أداة وجود وهم كبير اسمه جمهورية تندوف..
وأن الديبلوماسية الجزائرية تنشط ضد المغرب دفاعا عن الوهم وأيضا ظلما لدولة جارة وشعب شقيق.
في حين أن الديبلوماسية المغربية تنشط للدفاع عن النفس، وليس ضد شعب الجزائر الذي نريده معافى من الأوهام، سواء كانت داخلية أو إقليمية..
تنطلق العقدة المرتقبة من كون الوضع الحالي في الجزائر هو نافذة وفرصة للتواجد في المحيط الإقليمي، والحال أن العمل الذي يقوم به المغرب في محيطه الإقليمي أو القاري بعيد كل البعد عن العقدة الانتهازية، وإن كان من المشروع تماما أن تعمل اي دولة وفق متغيرات المعطيات إقليميا وقاريا، وسيكون من العبث الدفاع عن جدوى العمل عندما يكون من يريد تدميرك في وضع صعب..
لماذا لا يقبل حراس النظام في الدولة الشقيقة أن نتحرك كأي بلد يقرأ محيطه ويتصرف على ضوء ذلك، وإن كان المغرب لا يحتاج إلى وضع ملتبس وغامض في الجزائر لكي يدافع بوضوح واستقامة عن بلاده..
ثانيا، تعتبر نفس النخبة أنه لا بد من قراءة مختلف المبادرات المغربية من زاوية أنه لم يكن أبدا من فرصة لدى المغرب مثل هذه مع وجود «خصم الشرق» كذا، في وضع تأخر عن دوره الهام سابقا في الديناميات الجهوية..
وفي هذه الزاوية تحشر نخبة النظام الجزائري:
تحرك المغرب في ليبيا، والذي يعرف الجميع أنه بدأ منذ سنوات، وكان الجزائريون لم يخرجوا بعد إلى الشارع دفاعا عن «تقرير مصيرهم» السياسي في بلادهم!
كما أن النظام الجزائري بنفسه كان يشتغل في إفشال وإجهاض مجهودات المغرب في الصخيرات أكثر مما كان يبحث مع الأشقاء الليبيين عن حل لمعضلة تم تدويلها وتخريب إمكانيات الحل فيها..
* تحرك المغرب في مجموعة الساحل – الصحراء: وهو تجمع موجود منذ مدة في الأجندة الجزائرية، كما هو موجود كتكتل قاري معتبر، ترى النخبة الموهومة في الشقيقة الجزائر أنه لم يعد ذا بال ويعتبر أن المغرب سيفرض عليه أجندته!
لماذا إذن تحتار هذه النخبة من هذا العمل إذا كان التجمع قد تهاوى وأصبح خبرا بعد عين منذ رحيل القذافي كما كتبوا؟
ما المزعج في الدخول إلى مقبرة مثلا إذا كان الخصم هو الذي يعتبرها منطقة استثمارية؟
هو البحث عن مسوغات العقدة أو الشعور بالتخلف عن مناطق كانت تعتبر محميات.
والحال أن النخبة كان عليها أن تنشغل أكثر بمنطقة قريبة جدا اسمها الجزائر، وما يتفاعل فيها، وأنها أخطأت تقدير مطالبها وحاجياتها ومشاغلها، فكيف ستعرف حاجيات 600 مليون إفريقي؟
* بحث المغرب عن شركاء جدد، ومن ذلك الحوارات التي أجراها ناصر بوريطة، مع وسائل إعلام روسية «سبوتنيك» وجنوب إفريقية..، والحال أن البلدين، روسيا وجنوب إفريقيا، عضوان في مجلس الأمن، الأولى دائمة والثانية ضمن الملحقين من الدول 15..
كما لو أن المغرب عليه أن يترك بلدين من بلدان المجلس الأممي لفائدة الجزائر حتى تتعافى من أزمتها الديموقراطية وتعود إلى مباشرة الحرب الديبلوماسية!
الكاتب : عبد الحميد جماهري - بتاريخ : 23/04/2019