نسبة النمو… وروحه!
عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr
عندما خطب ملك البلاد أمام البرلمان وضع منطقا إيجابيا للعمل الحكومي، وهو يُعدّدُ النقط الإيجابية التي يسجلها الاقتصاد الوطني، بالرغم من الجائحة.
ويستفاد من منطوق الخطاب الملكي ومعناه أن بلادنا حققت شرطا مريحا لبداية عمل الحكومة، وذلك بالمنجزات الإيجابية من قبيل ارتفاع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بما يقارب 16 % وزيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج، بحوالي 46 % والتحكم في التصخم بنسبة 1 % وارتفاع الصادرات والاحتياط المريح من العملة الصعبة علاوة على تحديد نسبة النمو في 5،5 لهذه السنة، وهي النسبة ذاتها زائد 20،0 التي أكدها صندوق النقد الدولي.
غير أن الحكومة وضعت سقفا أقل، بل حددت النسبة، في المعدل العام، في حدود 4 %!
لا يمكن الاكتفاء باعتبار نسبة النمو مسألة تقنية، ورقمية، وإجرائية، بقدر ما أنها تكشف الروح التي تحرك صاحبها وواضع هذا السقف المنخفض كمعدل عام للولاية الحكومية.
أولا: للبقاء في هذا السقف المنخفض، لا بد أن الحكومة تقر بأن النسبة في لحظة ما ستصل إلى 2،5 % باعتبار أن 5،5 + 2،5 تساوي 8، وقسمتها على اثنين تحقق للحكومة نسبتها(4 %)
وهذا التمرين الفكه والفكاهي هو في الحقيقة، للدلالة أن الحكومة تدخل بروح أقل طموحا وتستعد لإنجاز أقل من الإنجاز الوارد بالنسبة للسنة التي نودعها.
والحال أن خطاب الملك دعا صراحة إلى أن تشكل هذه الولاية التشريعية، منطلقا «لمسار إرادي وطموح»، ولا يستفاد من مقترح الحكومة في بدايتها أنها طموحة..
ثانيا: النموذج التنموي الجديد ذاته، والذي شكل عصب التصريح الحكومي ينصح بنسبة نمو لا تقل عن 5 %، وبالتالي فإن التصريح الحكومي سيكون أقل من أفق النموذج التنموي، طوال الولاية التي تتولاها الأغلبية الحالية..
كيف يكون النموذج التنموي هو عصب البرنامج الحكومي، وفي الوقت نفسه تحاول الحكومة إنجازه بنسبة نمو أقل من التي يراها التقرير نفسه؟
إن الوظيفة الرئيسية للنموذج التنموي، ذات صلة وثيقة بنسبة للنمو، بل إنها تكمن في تحديد أو تفسير الوصول إلى نسبة نمو معينة على مدى طويل!
ثالثا: إقرار النسبة المعلنة لن يكون كافيا حتى بالنسبة لإنجاز الوعود التي قدمتها الأغلبية والأحزاب المكونة لها.. وبالتالي فطموحها ومنجَزُها لن يسعفا في البلوغ إلى المستوى المطلوب، ولن يسعفا في تحقيق وعود الحكومة نفسها..
وخلاصة القول في مضمار نسبة النمو المطلوبة، هي أن جلالة الملك يريد والنموذج التنموي يريد وصندوق النقد يريد والحكومة لا تريد…!
الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 14/10/2021