‭ ‬قراءة‭ ‬في‭ ‬قرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‮:‬‭‬ في‭ ‬مدة‭ ‬المينورسو

عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr

‭ ‬أية‭ ‬قراءة‭ ‬يمكن‭ ‬القيام‭ ‬بها‭ ‬لقرار‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬بتمديد‭ ‬مهمة‭ ‬المينورسو‭ ‬لمدة‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط؟

‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬وجد‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬نفسه‭ ‬أمام‭ ‬مقترحين‭ ‬اثنين‭ ‬حول‭ ‬مدة‭ ‬تجديد‭ ‬مهام‭ ‬المينورسو‮…‬‭:‬
الأول‭ ‬دافعت‭ ‬عنه‭ ‬فرنسا،‭ ‬كدولة‭ ‬عضو‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن،‭ ‬ثم‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬نفسه،‭ ‬انطونيو‭ ‬غوتيريس‮..‬
والثاني‭ ‬دافعت‭ ‬عنه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬بالاقتصار‭ ‬على‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬فقط‮.‬
ويتضح‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬خلفية‭ ‬كل‭ ‬طرف‭ ‬كانت‭ ‬هي‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬المدة‭ ‬الكافية‭ ‬لإنجاح‭ ‬العملية‭ ‬السياسية‭ ‬والشرط‭ ‬الزمني‭ ‬الكفيل‭ ‬بإنضاج‭ ‬المرحلة‭ ‬الجديدة،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬نفهم‭ ‬
تحذير‭ ‬السفير‭ ‬الفرنسي‭ ‬لدى‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬فرنسوا‭ ‬دولاتر‭ ‬أمام‭ ‬المجلس‭ ‬بأن‭ ‬‮”‬تقصير‭ ‬التفويض‭ ‬يبدو‭ ‬لنا‭ ‬فكرة‭ ‬جيدة‭ ‬كاذبة،‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬فعليا‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬العملية‭ ‬السياسية،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬أن‭ ‬تضعف‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‮”.‬
‭ ‬والرد‭ ‬الضمني‭ ‬لمساعد‭ ‬السفير‭ ‬الأمريكي‭ ‬جوناثان‭ ‬كوهن‭ ‬بأن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لن‭ ‬تدع‭ ‬هذا‭ ‬النزاع‭ ‬‮”‬يقع‭ ‬طي‭ ‬النسيان‮”‬،‭ ‬لكنه‭ ‬حذر‭ ‬بأن‭ ‬‮”‬عمليات‭ ‬التجديد‭ ‬المقبلة‭ ‬لن‭ ‬تتم‭ ‬تلقائيا‮”.‬
والواضح،‭ ‬بقراءة‭ ‬التصويت‭ ‬النهائي،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬فيه‭ ‬12‭ ‬صوتا،‭ ‬بما‭ ‬فيه‭ ‬الصوت‭ ‬الفرنسي،‭ ‬مع‭ ‬تمديد‭ ‬المهمة‭ ‬لنصف‭ ‬السنة‭ ‬فقط،‭ ‬مع‭ ‬امتناع‭ ‬ثلاث‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬عن‭ ‬التصويت،‭ ‬أن‭ ‬فرنسا‭ ‬تخلت‭ ‬عن‭ ‬مقترحها‭ ‬لفائدة‭ ‬الصياغة‭ ‬النهائية‭ ‬للقرار‮..‬
وبالتالي،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستخلص‭ ‬من‭ ‬موقف‭ ‬فرنسا‭ ‬بأن‭ ‬مقترحها‭ ‬كان‭ ‬للتفاوض‭ ‬ليس‭ ‬إلا‮..‬‭ ‬
يبقى‭ ‬إذن‭ ‬موقف‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬انطونيو‭ ‬غوتيريس،‭ ‬والذي‭ ‬دافع‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬تقريره‭ ‬المقدم‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬أكتوبر‭ ‬الماضي‭ ‬ذاته‮.‬
مقترح‭ ‬أمريكا،‭ ‬مقابل‭ ‬مقترح‭ ‬الأمين‭ ‬العام‮..‬
وهو‭ ‬المقترح‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬التقرير‭ ‬الذي‭ ‬قدمه‭ ‬غوتيريس،‭ ‬والذي‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬إثر‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذي‭ ‬دعت‭ ‬إليه‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬مناقشة‭ ‬عمليات‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬لأن‭ ‬أمريكا‭ ‬لها‭ ‬وجهة‭ ‬نظر‭ ‬خاصة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المهام‮.‬،‭ ‬أي‭ ‬بعد‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬على‭ ‬التمديد‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬2018‮.‬
نحن‭ ‬نعرف‭ ‬الآن‭ ‬أننا‭ ‬نستقر‭ ‬في‭ ‬الخيار‭ ‬الأمريكي‭ ‬الذي‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬مهام‭ ‬حفظ‭ ‬السلام‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مقلصة‭ ‬بل‭ ‬وحتى‭ ‬ملغاة‮…‬،‭ ‬كيف‭ ‬ذلك؟
في‭ ‬التفسير‭ ‬الذي‭ ‬قدمته‭ ‬مندوبة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬المستقيلة،‭ ‬نيكي‭ ‬هايلي،‭ ‬في‭ ‬الانتداب‭ ‬السابق،‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬ثلاثة‭ ‬عناصر‭ ‬في‭ ‬تقدير‭ ‬الموقف‭ ‬من‭ ‬المينورسو‮:‬
‮-‬‭ ‬المينورسو‭ ‬طال‭ ‬أمدها‭ ‬وفشلت‭ ‬في‭ ‬مهمتها‭ ‬في‭ ‬الاستفتاء‭.‬
‮-‬‭ ‬أنها‭ ‬انتهت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصبحت‭ ‬أقدم‭ ‬مهمة‭ ‬أممية‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬أي‭ ‬هدف‭ ‬سياسي‭.‬
‮-‬المطلوب‭ ‬إنهاء‭ ‬مدتها‭ ‬حتى‭ ‬تستطيع‭ ‬الأطراف‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬محك‭ ‬قصير‭ ‬الأمد‮…‬‭ ‬وبالتالي‭ ‬فرض‭ ‬واقع‭ ‬أمر‭ ‬يستوجب‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬حل‮..‬
‭ ‬مبررات‭ ‬نيكي‭ ‬هايلي‭ ‬في‭ ‬أبريل‭ ‬الماضي‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬التصويت‭ ‬الأمريكي‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬التبريرات،‭ ‬أو‭ ‬الخلاصات‭ ‬التي‭ ‬توصل‭ ‬إليها‭ ‬جون‭ ‬بولتون‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬سنتي‭ ‬2005‭ ‬و2006‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬والذي‭ ‬صار‭ ‬اليوم‭ ‬المستشار‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لدى‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬والذي‭ ‬يمثل‭ ‬قوة‭ ‬تفكير‭ ‬وضغط‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬العم‭ ‬سام،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬تأثيره‭ ‬القوي‭ ‬في‭ ‬رسم‭ ‬معالم‭ ‬الديبلوماسية‭ ‬الأمريكية‮..…‬
السؤال‭ ‬هو‭ ‬‮:‬‭ ‬هل‭ ‬التقليص‭ ‬انتصار‭ ‬لأطروحة‭ ‬الانفصال‭ ‬،‭ ‬كما‭ ‬تريد‭ ‬الآلة‭ ‬الدعائية‭ ‬المعادية‭ ‬التلويح‭ ‬به،‭ ‬وهل‭ ‬التمديد‭ ‬إلى‭ ‬سنة،‭ ‬بالمقابل،‭ ‬انتصار‭ ‬للدفاع‭ ‬المغربي؟‮..‬
الواقع‭ ‬أن‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬القضية‭ ‬هنا،‭ ‬تقني،‭ ‬وهو‭ ‬نقاش‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفاوض‭ ‬في‭ ‬غالبيته‮..‬
فالمغرب،‭ ‬مثلا،‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬حرجا‭ ‬في‭ ‬المطالبة‭ ‬بإنهاء‭ ‬مهام‭ ‬الشق‭ ‬المدني‭ ‬في‭ ‬المينورسو،‭ ‬الذي‭ ‬ثبت‭ ‬فشله‭ ‬بخصوص‭ ‬الاستفتاء،‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬موضوع‭ ‬نقاش‭ ‬أممي‮..‬
كما‭ ‬أنه‭ ‬عمد،‭ ‬عند‭ ‬لحظات‭ ‬الأزمة‭ ‬والتوتر‭ ‬مع‭ ‬الأمانة‭ ‬العامة،‭ ‬إلى‭ ‬تقليص،‭ ‬بل‭ ‬طرد‭ ‬العناصر‭ ‬المدنية‭ ‬من‭ ‬أراضيه،‭ ‬بدون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لذلك‭ ‬رجع‭ ‬الصدى‮..‬
وبالتالي‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬وجود‭ ‬المينورسو‭ ‬نفسه،‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬تغيرا‭ ‬في‭ ‬المعادلة‭ ‬بالنسبة‭ ‬للبلاد،‭ ‬فماذا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتغير‭ ‬في‭ ‬القضية‭ ‬إذا‭ ‬زاد‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬نقص‭ ‬نصف‭ ‬عام؟
‭ ‬الأمر‭ ‬الثاني،‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الجواب‭ ‬يكمن‭ ‬في‭ ‬السؤال‭ ‬الآخر‭ ‬‮:‬‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬المدة‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحسن‭ ‬من‭ ‬شروط‭ ‬التفاوض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحل،‭ ‬وتسمح‭ ‬للمبعوث‭ ‬الشخصي‭ ‬بأن‭ ‬يقوم‭ ‬بعمله،‭ ‬وتمكن‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬من‭ ‬إنضاج‭ ‬مساهماتها‭ ‬طبقا‭********* ‬للمرحلة‭ ‬الجديدة‮..‬؟
وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحال‭ ‬فإن‭ ‬الأمر‭ ‬الأهم‭ ‬هو‭ ‬أمران‭ ‬يهمان‭ ‬مضامين‭ ‬القرار‭ ‬وشروط‭ ‬المفاوضات‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬الدعوة‭ ‬إليها‮…‬‭…‬

في‭ ‬عدد‭ ‬قادم‭‬‮ (‬مضامين‭ ‬القرار‭ ‬و‭ ‬شروط‭ ‬التفاوض‭ ‬‮..).‬

الكاتب : عبد الحميد جماهري hamidjmahri@yahoo.fr - بتاريخ : 05/11/2018