Les tueurs de la républiqueلفانسان نوزيي …. كتاب يؤرخ لسجل الاغتيالات الفرنسية بشمال إفريقيا

يحاول الصحفي الاستقصائي الفرنسي Vincent Nouzille في هذا الكتاب الذي أعيد طبعه بعد إضافات مهمة، التأريخ لسياسة اغتيال أعداء الجمهورية الفرنسية منذ الخمسينات، و الذين ترى أنهم يشكلون خطرا كبيرا على أمنها القومي، ما يستدعي تصفيتهم وذلك بـ «أوامر عليا».

 

يتطرق كتاب «قتلة الجمهورية» Les tueurs de la Republique الصادر مؤخرا في طبعة جديدة منقحة متضمنة لإضافات هامة متضمنة عن دار النشر Fayard لعمليات الاغتيالات السرية التي قامت بها الاستخبارات الفرنسية والتي كان ضحيتها عدد من قادة الأحزاب والتنظيمات المناهضة للاستعمار بالمستعمرات الفرنسية في شمال إفريقيا.
ويكشف الصحافي الاستقصائي فانسان نزيي في كتابه، عمليات التصفية الجسدية التي كانت تلجأ إليها فرنسا وبقرار من أعلى مناصب المسؤولية، وكانت كلها مغلفة بتبرير واحد هو الدفاع عن النفس وعن المشروع الاستعماري الذي كانت فرنسا توطن له بشمال إفريقيا ، المغرب وتونس والجزائر والذي وصل حد وضع مخطط كان يستهدف الزعيم جمال عبد الناصر في 1965 بواسطة تفجير عن بعد، وبمساعدة الموساد الاسرائيلي حيث تم وضع 300 كلغ من متفجرات» TNT تحت الساحة الرئيسية ببور سعيد التي كان ينوي زيارتها، وذلك بسبب دعم جمال عبد الناصر لجبهة التحرير الوطني الجزائرية، قبل أن يتم إلغاء العملية بـ»أوامر عليا».
يسرد الكتاب أيضا المخطط الذي وضعته الاستخبارات الفرنسية في يوليوز 1956 لتصفية زعيم جبهة التحرير الجزائرية أحمد بن بلة بالقاهرة بواسطة سلاح كاتم للصوت قبل أن يتقرر إلغاء العملية في لحظاتها الأخيرة.
وعكس ما تروج له فرنسا بعدم استهداف الفرنسيين ممن تعتبرهم إرهابيين وقتلة، وعدم اعترافها بالقيام بعمليات من هذا القبيل لأنها منافية لأعراف القانون الدولي الذي يعتبرها نظريا جرائم واضحة تخضع للعقاب، فإن مخططاتها للتصفية والتي استمرت من 1956 الى 1962، لم تنسحب على مناضلي حركات التحرر بشمال إفريقيا فقط، بل طالت كذلك مواطنين فرنسيين وأوربيين كانوا مؤيدين لهذه الحركات ولحق الشعوب في الاسقلال، إذ تشير الوثائق غير المنشورة من قبل والمأخوذة من الأرشيف الخاص للمكلف بمتابعة المخابرات والقضايا الافريقية «جاك فوكار» الذي كان رجل الجنرال دوغول الوفي ومهندس الاستعمار الفرنسي الحديث بدول إفريقيا حتى بعد الاستقلال.
هذه الوثائق والتي اطلع الكاتب على بعض منها بالأرشيف الشخصي لفوكار، تبرز كيف قام جاك فوكار في 1958 بوضع برنامج متكامل من العمليات السرية التي كانت دائرة التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس SDECE تشرف عليها، وهي الفترة التي عرفت حدث «نقلاب الجزائر» (1961) أو ما يعرف في الأدبيات السياسية بانقلاب «الجنرالات الأربعة» والذي قام به جنرالات فرنسيون بالجيش اشتغلوا بالجزائر وكان موجها ضد الرئيس دوغول خاصة بعد بدء مفاوضات سرية بين حكومة ميشال دوبريه وجبهة التحرير الجزائرية.
وقد بلغت هذه العمليات حسب تقدير «كونستونتان ميلينك، مستشار رئيس الوزراء للشؤون الاستخبارات(1959-1962)، 140 عملية في 1960 وحدها، حيث تشير وثيقة مؤرخة بـ 5 غشت 1958 الى ملف يضم لائحة بأسماء 9 أشخاص حُددوا كأهداف يتعين تصفيتها وقد تم تصنيفهم ، حسب الوثيقة، الى ثلاث فئات:
1-فئة الفرنسيين المؤيدين لجبهة التحرير الجزائرية وضمنهم الصحافي جاك فافرال الذي كان مقيما بالعاصمة الجزائر.
2- فئة المهربين وتضم 6 أسماء لأشخاص كانوا يمتهنون بيع الأسلحة للجبهة وضمنهم نميساوي وألماني وفرنسي.
3-الفئة السياسية وضمت اسم الناشطة السشياسية أرميل كروشمور.
هذه الوثيقة السرية تحمل توقيع جاك فوكار مع الموافقة بتفعيلها من طرف الأميرال «كابانيي» رئيس أركان الدفاع الملحق بالجنرال دوغول أنذاك.
الوثيقة الثانية التي تطرق إليها الكتاب تتعلق بجدول وضعه المؤلف، فانستان نوزيي، يضم كل العمليات التي أنجزتها الاستخبارات الفرنسية منذ فاتح يناير 1956 الى غشت 1958 ( تخريب، تصفيات، اعتداءات، تفجيرات). كما فصلت الوثيقة بإسهاب أسماء الاشخاص المستهدفين والوسائل المستعملة في تنفيذها ونتائج هذه العمليات، مشيرا الى أن من بين 38 عملية، نجحت 17 وألغيت 17 بتعليمات من الدوائر العليا بسبب أخطاء أو ثغرات أمنية، بالاضافة الى فشل 4 عمليات.
يقدم فانسان نوزيي نماذج للعمليات الفاشلة والتي وقعت في عهد جاك فوكار كاعتقال أحد العملاء الفرنسيين من طرف الشرطة التونسية بعد أن كان في طريقه لتنفيذ عملية تصفية، وفي نفس السنة 1957 تعرضت عائلة مغربية بمكناس للموت بواسطة طرد ملغوم كان أحد أفرادها هدفا للمخابرات الفرنسية، كما استهدف أحد مكاتب شركة «أوتو شلوتر» التي كان مالكها يزود جبهة التحرير الجزائرية بالاسلحة، فكان أن تم قتل شريكه وإصابة والدته بدله عن طريق تفجير بقنبلة.
يشار الى أن الفترة التي يتحدث عنها مؤلف الكتاب، تحيل على الفترة التي أنشئت فيها منظمة «اليد الحمراء» في الخمسينات (1952) وهي منظمة عسكرية فرنسية كانت على علاقة بجهاز التوثيق الخارجي ومكافحة التجسس الفرنسي وهي التي كانت مسؤولة عن عدد من العمليات التي استهدفت رموز الحركة الوطنية بشمال إفريقيا ومنها اغتيال الزعيم النقابي التونسي فرحات حشاد، واعتقال صديق المغرب»لوميغر دوبري» مؤسس جريدة «Maroc Presse »  ورجل الأعمال المغربي الذي كان يمول الحركة الوطنية والمقرب من حزب الاستقلال الطاهر السبتي، والمحامي عمر السلاوي والصيدلي أحمد الديوري، فيما نجا المحامي جاك فيرجيس من عمليات هذه المنظمة.
الكتاب يتطرق الى استمرار هذه العمليات ضد «الأعداء» الحاليين للجمهورية بسوريا والعراق وفي منطقة الساحل الإفريقي، خاصة بعد اعتداءات باريس في 21015، وعمليات اختطاف الرهائن الفرنسيين بمنطقة الساحل الافريقي، حيث استهدفت كوادر تنظيم الدولة الإسلامية بهذه الدول ومنهم الفرنسيين أيضا، في تغير واضح لسياسة الجمهورية خاصة في عهد فرانسوا هولند.

 


الكاتب : إعداد: حفيظة الفارسي

  

بتاريخ : 05/10/2020