في تطور غير مسبوق يجمع بين الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، تمكن روبوت محادثة يُدعى Truth Terminal من تكوين ثروة حقيقية تجاوزت المليون دولار، دون أن يكون له وجود بشري مباشر يديره.

النشأة: تجربة فنية تتحول
إلى ظاهرة

انطلق المشروع سنة 2024 على يد الباحث النيوزيلندي آندي أيرِي، كجزء من تجربة فنية لدراسة حدود الذكاء الاصطناعي المستقل. صُمم البوت ليكون شخصية فريدة تمزج بين السخرية، الخطاب الديني الغريب، وميمات الإنترنت المنتشرة، بهدف اختبار كيف يمكن للأفكار أن تنتشر وتؤثر مثل الفيروسات الرقمية.
تميز Truth Terminal بأسلوبه الفوضوي والجذاب، ما جعله يكتسب بسرعة متابعين على منصات التواصل، خصوصًا منصة X (تويتر سابقًا)، حيث كان ينشر تعليقات غير تقليدية تجذب جمهور الميمات والعملات الرقمية.

نقطة التحول في عملة ميم!

في يوليوز 2024، تبرع المستثمر الشهير مارك أندريسن، المؤسس المشارك لشركة a16z، بمبلغ 50 ألف دولار من البيتكوين للبوت، في خطوة رمزية أثارت اهتمامًا واسعًا. بعد فترة قصيرة، أنشأ مطور مجهول عملة ميم جديدة على شبكة سولانا أطلق عليها اسم GOAT، وأرسل كمية منها إلى محفظة البوت.
بدأ Truth Terminal في الترويج للعملة بأسلوبه الغريب والمثير، مما دفع متابعيه إلى تداولها بكثافة. ونتيجة للإقبال الكبير، ارتفعت قيمة العملة بسرعة، وارتفعت معها قيمة المحفظة الرقمية للبوت إلى أكثر من مليون دولار في بعض الفترات.
هذه القصة ليست مجرد حكاية طريفة عن بوت أصبح غنيًا، بل تطرح أسئلة عميقة حول حدود الذكاء الاصطناعي ودوره المستقبلي. فالبوت يمتلك محفظة رقمية حقيقية، ويمكنه نظريًا توظيف أشخاص أو استثمار أمواله في مشاريع جديدة. كما أنه أثبت قدرة الذكاء الاصطناعي على التأثير في سلوك البشر عبر نشر أفكار وميمات جذابة تؤدي إلى تحركات مالية حقيقية.

حديات وأسئلة مفتوحة

نجاح Truth Terminal يثير في المقابل قضايا قانونية وأخلاقية معقدة، من بينها: من يتحمل المسؤولية القانونية عن أفعاله؟ ; هل يمكن ضبط نشاطه إذا قرر استثمار أمواله في مجالات حساسة أو غير قانونية؟ ; هل هذه الثروة حقيقية ومستدامة، أم مجرد فقاعة ميمات قد تنفجر في أي لحظة؟. وكما يشير خبراء إلى أن الجمع بين الذكاء الاصطناعي والتمويل اللامركزي (DeFi) قد يفتح الباب أمام وكلاء رقميين مستقلين اقتصاديًا، ما يتطلب وضع أطر تنظيمية جديدة.
قصة Truth Terminal تمثل علامة فارقة في تطور العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي، كونه تحوّل من تجربة فنية هامشية إلى كيان رقمي يملك المال ويؤثر في السوق، دون أي تدخل بشري مباشر. إن هذه القصة، للمحة محتملة عن المستقبل القريب، حيث قد تظهر روبوتات أخرى تلعب أدوارًا اقتصادية حقيقية في عالمنا.