أدركنا أن بلدا آخر بدأ يتشكل بأفق حالم بالديمقراطية وحقوق الإنسان

 

لقد كانت سنوات غنية بالورشات الفكرية التشاركية مع المجتمع المدني ومع الخبراء وأيضا مع جمعيات الضحايا، كما تم إنشاء تنسيقيات جبر الضرر الجماعي في هذه الفترة التي كانت عبارة عن شبكات من الجمعيات في المناطق المتضررة

الأمر فعلا تكريم، لكنه أيضا ترسيخ وتكريس للعطاءات النضالية لخيرة من انتدبهم الوطن من مدافعات ومدافعين عن حقوق الإنسان داخل المؤسسات الرسمية أو خارجها.

 

شاركتم في تجربة الإنصاف والمصالحة، ما هو تقييمكم لهذه الفترة المهمة من تاريخ المغرب ؟

شخصيا لم أعش تجربة هيئة الإنصاف والمصالحة في بدايتها، لكنني كنت مساهما في مجال تفعيل التوصيات الخاصة بجبر الضرر الجماعي، واشتغلت في هذا الصدد بوصفي فاعلا جمعويا في البداية، ثم التحقت بالمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان حيث كنت مكلفا بمتابعة هذه التوصيات المتعلقة بحفظ الذاكرة وجبر الضرر الجماعي في المناطق 11 التي عانت من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقد حظيت بشرف الاشتغال على تنفيذه بمعية ثلاثة رؤساء للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، المرحومين إدريس بنزكري وأحمد حرزني والأستاذ إدريس اليزمي وزميلات وزملاء بالمجلس، ولكن يجب اعتبار أيضا حجم الانخراط الجمعوي والفكري في المناطق المشمولة بهذا البرنامج بالريف والأطلس المتوسط والجنوب الشرقي والأقاليم الجنوبية، وهي المناطق التي عرفت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وصفتها توصيات الهيئة بأنها ذات طبيعة جماعية تفرض تعاملا خاصا في المعالجة وهو ما أعطى برنامج جبر الجماعي وحفظ الذاكرة وهو جزء مهم من تفرد التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية.
لقد كانت سنوات غنية بالورشات الفكرية التشاركية مع المجتمع المدني ومع الخبراء وأيضا مع جمعيات الضحايا، كما تم إنشاء تنسيقيات جبر الضرر الجماعي في هذه الفترة التي كانت عبارة عن شبكات من الجمعيات في المناطق المتضررة. وقمنا بتنفيذ مشاريع بالتنسيق مع هذه الجمعيات في هذه المناطق، وتم تنفيذ العديد من المشاريع في هذا المجال. لقد كانت حقا فتره غنية بالإنتاج الفكري والعمل الميداني والمقاربة التشاركية وبناء الشراكات مع منظمات المجتمع المدني، ولكن أيضا مع شركاء دوليين وخبراء دوليين ووطنيين.
وقد علق في ذهني من هذه التجربة نوع من التفرد كفلسفة وكتغيير للنظرة إلى معنى الضحية والمواطنة، بعيدا عن المركز في المغرب العميق تشاهد الجلسات العمومية على قنوات التلفزة المغربية يحكي مختلف أجيال الضحايا عن تجربتهم المريرة مع الاختطاف أو التعذيب أو الاعتقال وغيرها من ضروب المعاملة القاسية … بعد عدة جلسات ومن مدن مختلفة وبعد التأثر ومختلف الأحاسيس التي تنتابك، تدرك أن بلدا آخر بدأ يتشكل بأفق حالم بالديمقراطية وحقوق الإنسان. أمر عالق بالذاكرة وذو دلالة عميقة خالصة حين يتم تقديم التقرير النهائي لجلالة الملك بالقصر الملكي بحضور أعضاء الهيئة ومختلف مكونات الجسم السياسي والنقابي والحقوق والمدني وبرمزية مغربية للمصالحة بحضور عائلات الضحايا. إنها إرادة حقيقية لبناء وطن لا مجال فيها للتراجع، وتؤمن أن مكانك في هذا القطار الذي يسير نحو المستقبل بثقة.

هناك من يرى أن تجربة الإنصاف والمصالحة محطة مهمة وفريدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ وهناك من يعتبرها تجربة عادية في المسار الحقوقي للبلاد. ما تعليقكم على ذلك؟

إن عناصر تفرد التجربة المغربية في مجال العدالة الانتقالية هو أنها جرت في ظل نفس النظام السياسي أي أنه لم يكن هناك تغيير النظام السياسي أو انقلاب أو حرب، إلى غير ذلك، هذا هو العنصر الأول. العنصر الثاني أنها كانت أول تجربة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط تلتها سنوات عديدة بعد تجربة تونس. العنصر الثالث أن التجربة المغربية أعطت الأولوية لشق جبر الضرر الفردي وأبدعت جبر الضرر الجماعي.
بالنسبة للرعاية الاجتماعية فقد حصل الضحايا وأقربائهم على تعويضات عن مدى الأضرار الجسدية والمعنوية التي لحقت بهم وكان في هذا الشق عمل مهم، أولا لهيئة التحكيم المستقلة للتعويض ثم هيئة الإنصاف والمصالحة واللجنة التي تكلفت بتتبع تنفيذ التوصيات، حيث أرست معايير دقيقة وشفافة في هذا المجال،  وأيضا كان هناك شق الإدماج الاجتماعي بما فيه إرجاع الذين طردوا من عملهم أو الذين لم يكن لهم أي عمل. كما كان هناك شق التغطية الصحية  والتكفل بعلاجهم أو ما يعانون منه جراء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وهذا معترف به دوليا لأن التجربة المغربية أولت الكثير من الأهمية للجانب الاجتماعي. اليوم بعد 20 سنه نرى أن التجربة المغربية أصبحت تجربة يستلهم منها في العديد من الدول سواء منها الإفريقية أو غيرها أو على الصعيد العالمي.

ما هي في نـظركم عناصر تفرد هاته التجربة التي خاضها المغرب في الدعاية الاجتماعية. وكيف ترونها من على بعد عشرين سنة؟

من نافلة القول أن تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب غير مسبوقة من وجهة نظر خبراء متخصصين في المجال واللواتي والذين كان لبلادنا شرف استضافتهم. ولعل من أبرز معالم التفرد التي يمكن إبرازها بعجالة تتمثل، على سبيل المثال وليس حصريا، في:
• من عناصر التفرد أسباب التأسيس لكونها داخلية محضة وليس بإيعاز أجنبي كمحطة تلاقي تاريخية بين إرادة الدولة والمجتمع بدءا من المناظرة الوطنية حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والتي انخرط فيها مجمل الطيف الحقوقي والسياسي والنقابي الوطني وما عقبها من التجاوب الخلاق للملك محمد السادس مع توصية المجلس الاستشاري لحقوق الانسان بشأن إنشاء هيئة للمصالحة بالمملكة رغم معارضة أطراف سياسية عن الأمر؛
• حين اشتغالها كانت أول آلية للعدالة الانتقالية من قامت بتغطية أطول فترة تاريخية من الانتهاكات من الاستقلال إلى حدود نهاية التسعينيات؛
• تركيبتها تتكون من أكبر عدد من ضحايا الانتهاكات الماضية لحقوق الانسان بما فيه رئيسها، فضلا عن أكاديميين وقانونيين من طراز رفيع؛
• الانفتاح غير المسبوق على المجتمع الأكاديمي- العلمي من خلال تعبئة مئات الباحثين والباحثات في مختلف مراحل أشغالها؛
• اعتبارها للبعد الثقافي كأولوية في توصياتها عبر إيلاء أهمية خاصة للأرشيف والتاريخ الراهن؛
• فلسفتها في جبر الضرر الجماعي كبناء مجتمعي للمصالحة مساهم في تقوية الانتقال إلى المواطنة المسؤولة والجميل في الأمر أن ورشة الانطلاق كانت بجوار قلعة الاعتقال بأكدز ؛
• مباشرة بعد الموافقة الملكية على التقرير النهائي والإذن بنشره تمت مباشرة تنفيذ التوصيات وخاصة المتعلقة بجبر الضرر والتعويض الفردي للضحايا في كل الجهات وبالقرب منهن ومنهم؛
ويعد أبرز تفرد بعدي للهيئة هو تضمين توصياتها ذات الصلة بضمانات عدم التكرار في دستور المملكة الجديد المعتمد في 2011.

ما هي الأدوار التي لعبها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في هذه الفترة؟ وكيف تقيمون أهميتها ومدى تأثيرها في المسار الحقوقي العام؟

يجب التذكير أولا أن أكثر من سبعين بالمائة من الضحايا الذين تمت معالجة ملفاتهم كانوا ينتمون إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية من أزمنة وأجيال مختلفة وكان من بين القوى السياسية المساندة لهذا المسلسل. فقد ساند حركة الضحايا المتمثلة في منتدى المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف، سواء أثناء التأسيس أو في المناظرة الأولى للانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي انعقدت سنة 2001. كما أن الاتحاد الاشتراكي كان له دور مهم في الدعم السياسي سواء من خلال البرلمان أو الحكومة أو من خلال مناضليه وزعمائه السياسيين لدعم هذه التجربة سواء من خلال المفاوضات من أجل إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة وأثناء اشتغالها، أو من خلال الضحايا الذين كانوا ينتمون إلى الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والذين ساهموا من داخل المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف في بلورة المقترحات ومواكبة أشغال الهيئة كقوة اقتراحية لإيجاد الحلول للضحايا من خلال المذكرات والترافع، وأيضا من خلال دعم هذا مسلسل المصالحة في المغرب والتجاوز انتهاكات الماضي وبناء المستقبل على أسس ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وإرساء ضمانات عدم التكرار.
وبعد خروج توصيات الهيئة، يحسب للفريق الاشتراكي بمجلس النواب الذي كان يرأسه الأستاذ ادريس لشكر أنه من نظم يوما دراسيا بعض أعضاء الهيئة لتقديم هذه التوصيات داخل المؤسسة التشريعية.
وبشكل عام، كانت مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة التناوب التوافقي، بعد انتخابات 1997، والتي ترأسها المرحوم الرحمن اليوسفي، كوزير أول، جزءًا من الانتقال الديمقراطي الذي مهد الطريق لتبني سياسات إصلاحية كبرى، ولعب الحزب دورًا مهمًا في عملية العدالة الانتقالية في المغرب، خاصة خلال فترة التسعينيات وما بعدها. كما لعب الاتحاد الاشتراكي دورًا في دعم الإصلاحات الدستورية والقانونية التي هدفت إلى تعزيز حقوق الإنسان والحريات المدنية، زمنها الإصلاحات الدستورية لسنة 2011 والتي منحت المزيد من الصلاحيات لرئيس الحكومة والبرلمان.

ما هي وجهة نظركم في الوضع الحقوقي منذ بداية العهد الجديد، وما هي التطلعات التي ما زالت قائمة؟

إجمالا يمكن القول أن المسار الحقوقي، في العهد الجديد، تميز أولا بتجربة هيئة الانصاف المصالحة كآليه للعدالة الانتقالية مكنت من المصالحة مع الماضي وجبر أضرار الضحايا وأيضا بناء ضمانات عدم التكرار. وقد كانت توصيات هيئة الإنصاف المصالحة من أقوى الوثائق من الناحية الحقوقية والسياسية، حيث جاءت بالعديد من التفاصيل التي تهم البناء الديمقراطي، بما فيها ضمان الحقوق والحريات واستقلال القضاء وفصل السلط والضمانات الدستورية، وهذا ما كرسه خطاب 9 مارس الذي أوصى بدسترة التوصيات الوجيهة لهيئة الانصاف والمصالحة. هذا من جهة،  ومن جهة ثانية، عرفت المملكة استكمال المصادقة على العديد من الآليات الدولية من المعاهدات والبروتوكولات الاضافية المرتبطة بها وايضا اصدار العديد من القوانين المرتبطة بالحقوق والحريات. ثم عرفت هذه الفترة بعد حراك 20 فبراير اعتماد دستور 2011 الذي جاء بمثابة صك للحقوق والحريات، حيث تميز بالمقاربة التشاركية، حيث قدمت العديد من المنظمات الحقوقية والسياسية جميعا مذكراتها ومقترحاتها للجنة صياغة الدستور،  وجاء دستور 2011 يحمل العديد من الضمانات الحقوقية منها ما يقرب من 60 مادة تتحدث عن الحقوق والحريات، تم تجريم الاختفاء القسري والاعتقاد التعسفي والجرائم ضد الانسانية الى غير ذلك من المواد المهمة المرتبطة بحقوق الانسان، وايضا استقلال القضاء وفصل السلط ، وهذا مسار جد مهم حيث تم اعتماد الدستور جديد نحن لا زلنا الآن في صدد تنفيذه. هذا دون أن ننسى مراجعة مدونة الأسرة في نسختها الأولى، والمبادرة الملكية الأخيرة لإعادة النظر في المدونة لتطوير مقتضياتها وتعزيز حقوق النساء. وأيضا الحقوق اللغوية والثقافية التي ترجمها خطاب أجدير في ما يتعلق بالأمازيغية وتقوية التماسك اللغوي والثقافي الوطني.
المسار الحقوقي ليس مسارا مكتملا وهو مبني على التراكم مجال الحقوق والحريات سواء منها الحقوق السياسية والمدنية او الحقوق الاقتصادية والاجتماعي والثقافية والبيئة،  هو مسار تراكمي. يمكن أن نقول اليوم بكل فخر أننا قطعنا نهائيا مع جريمة الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي، ولازلنا نواجه بعض التحديات في مجال ضمانات المحاكمة العادلة وحرية التعبير، وهو ما يتطلب القيام بالمزيد من الجهود من أجل ضمان الحقوق والحريات،  كما لا زلنا نتعثر في مجال تعديل القانون الجنائي والمساواة بين الجنسين،  ومدونة الأسرة الى غير ذلك من المسارات ولا زالت تواجهنا العديد من التحديات منها ايضا الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية.

ماذا عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية؟ وما هي المكتسبات التي حققتها المغرب؟ والإكراهات التي لازالت موجودة على هذا المستوى؟

حقوق الإنسان هي كل لا يتجزأ، سواء منها الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية، ولا يجب أن نقول إننا انتهينا من العمل على الحقوق السياسية والمدنية، وبقي لنا الشق الاقتصادي والاجتماعي، بل على العكس حتى في الشق المدني والسياسي هناك تطور عالمي يطرح حقوقا جديدة ومنها مثلا اليوم الحق في المعطيات الشخصية الذي يطرح العديد من الخروقات، بسبب الوسائل التكنولوجية،  ومن هنا يجب تطوير الوسائل والنصوص المؤطرة لهذه الحقوق والتي تضمن حماية كافية،  والمنظومة الحقوقية  بشكل مطرد وسريع، وعلينا أن نكون جاهزين لمتابعة هذه التطورات وضمان حماية الحقوق الجديدة وضمان آليات التظلم الخاصة بها طبعا
طبعا هناك تحديات كبيرة فيما يخص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية وأيضا الثقافية. وقد أنجز المغرب خطوات مهمة في مجال الحقوق الثقافية، لكن تواجهنا اليوم ظرفية دولية تفرض علينا تحديات في المجال البيئي لمواجهة تأثيرات التغيرات المناخية. كما أن هناك أزمة ندرة المياه في بلادنا، ويتعين اليوم التطرق لهذه الحقوق بإيجاد مخططات حكومية وأيضا سياسات عمومية تضمن الحماية الاجتماعية والحقوق الاقتصادية والحقوق الثقافية والبيئية. العديد من المناطق اليوم تواجه جفافا قويا وحرائق في الغابات وأيضا حرائق في الواحات، وعلينا أن نكون مستعدين لمواجهة  التغيرات المناخية وما تطرحه من تحديات على مستوى الحقوق.

كيف ترون الحضور المغربي على المستوى الدولي في ما يتعلق بتعزيز حقوق الإنسان والنهوض بأوضاعها؟

فيما يخص القضايا الحقوقية في ارتباطها بالمؤسسات الدولية،  هناك تفاعل مع هذه المؤسسات سواء من الجانب الحكومي او من جانب البرلمان، وهناك تفاعل وتبادل للمعلومات فيما يخص ما تنجزه بلادنا وما يتعين إنجازه،  لكن تظل الآلية المتخصصة في مجال التقييم الدقيق حول مدى تقدم المغرب في المجال الحقوقي هي الآليات الأممية التابعة لمجلس حقوق الانسان بحنيف، حيث أن المغرب يقدم تقاريره بشكل دوري عن مدى تنفيذ التزاماته الدولية، كما يتفاعل مع الإجراءات الخاصة وأيضا مع توصياتها ويخضع كباقي الدول لآلية الاستعراض الدوري الشامل،  وهناك العديد من التوصيات حيث تسمح هذه الآليات  لكل الدول برفض بعض التوصيات، والمغرب يكاد لا يرفض إلا التوصيات التي تمس بالوحدة الترابية، لكن المملكة تتفاعل بشكل إيجابي مع التوصيات التي لها ارتباط مباشر بحقوق الإنسان وليست موضوع مزايدات حقوقية تمس بوحدتنا الترابية.
في بعض الأحيان يتم تسييس بعض الآليات التابعة لبعض المؤسسات،  وقد قدمنا أجوبتنا في الوقت المناسب أمام هذه الآليات فأرسلنا إليها جوابنا لأنها ليست مؤهله لتقديم تقييم شامل لمدى تقدم حقوق الإنسان في المغرب وليست لديها الآليات المناسبة لتقييم ما تنجزه المملكة ولا لإصدار التوصيات المناسبة.  المغرب بلد منفتح على الآليات الأممية ويتقبل توصياتها ويعمل على تنفيذها، ويقدم التقارير المناسبة بالتزاماته في إطار الاتفاقيات وأيضا في إطار الإجراءات الخاصة،  كما يشتغل مع وكالات الأمم المتحدة  على مشاريع متعددة تهدف إلى ترسيخ حقوق الإنسان.

يتولى المغرب العديد من المسؤوليات  الدولية في علاقة بحقوق الانسان لعل أهمها المجلس التابع للأمم المتحدة ، كيف تقرأون هذا التكريس أو التكريم الدولي للمغرب،  وما هو تقديركم لمن يتكلم عن «ردة» حقوقية في البلاد؟

الأمر فعلا تكريم، لكنه أيضا ترسيخ وتكريس للعطاءات النضالية لخيرة من انتدبهم الوطن من مدافعات ومدافعين عن حقوق الإنسان داخل المؤسسات الرسمية أو خارجها.
إنه تكليف مشرف للمملكة لو اعتبرنا كم الخبراء المغاربة الذين حظوا بعضويتها كأشخاص مستقلين ؛ وإن كان الأمر يتعلق برئاسة مجلس حقوق الإنسان الأممي فما هو سوى تكريس للتطور الحقوقي السابق ذكر التساؤل عنه سالفا لأن بلدنا قامت في بداية إنشاء هذه المؤسسة وبعد انتخابها في عضويتها بتنسيق أشغال إعداد مسطرة الاستعراض الدوري الشامل الذي يحظى اليوم بإشادة من قبل المجتمع الدولي.
أما من يدعي «الردة الحقوقية»، فأن نصادق على المواثيق الدولية وأن توفر على ترسانة حقوقية قوية منها دستور يضمن حقوق الانسان وأيضا نصوص تشريعية قوية، لا يعني أنه سنصبح مغربا بدون خروقات لحقوق الإنسان، ونظام حقوق الإنسان تم إيجاده للتصدي لأي خرق من الخروقات، وأيضا لمعاقبة مرتكبيها، فجميع الدول مطالبة بتوفير ترسانة للحماية أيضا للوقاية، فمثلا صادقنا على الاتفاقية الدولية لمنع التعذيب، ولكن أيضا صادقنا على البروتوكول الاختياري الذي ينص على آلية للوقاية من التعذيب،  بمعنى أنه إذا قضينا على ظاهرة التعذيب، يجب أن نوفر أيضا الوسائل الكفيلة للوقاية منه، ووسائل الاستباقية، وأيضا وسائل التظلم، ولا يمكن أن نقول إن هناك ردة حقوقية، فمغرب الأمس ليس مغرب اليوم، لكننا علينا أن نبقى يقظين وحذرين وإيجاد ضمانات عدم التكرار كما جاء في توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ومنها أساسا الترسانة التشريعية التي تضمن الحماية والوقاية ومعاقبة المرتكبين.

 

* عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية
رئيس الفريق الاشتراكي – المعارضة الاتحادية بمجلس النواب


الكاتب : عبد الرحيم شهيد *

  

بتاريخ : 29/07/2024