أسئلة الصحة في رمضان وأجوبة الأطباء 2 : مرضى السرطان، القصور الكلوي والحوامل… صيامهم يعرضهم للخطر

رمضان شهر الصيام والصحة على حدّ سواء، وإذا كان مسموحا للبعض بالإمساك عن الأكل والشرب، لما لهذه الخطوة من «عائدات» إيجابية على صحة الفرد، فإن أشخاصا آخرين يشقّ عليهم الأمر، ويحظر عليهم الصيام خشية تبعات صحية وخيمة قد ترخي بظلالها عليهم، علما بأن هناك من يمتثل لتوجيهات الأطباء، في حين يأبى البعض الآخر إلا أن يخالفها وأن يصوم شهره كاملا مهما كانت التداعيات.
خلال هذا الشهر الفضيل تُطرح العديد من الأسئلة المرتبطة بالصيام، جزء منها يخص الحالات التي يمكن للأطباء فيها السماح للأشخاص بالقيام بذلك، وشقّ يتعلق بموانع الصيام الصحية، وبالإجراءات والنصائح التي يتعين اتباعها والتقيّد بها.
أسئلة تؤرق بال الكثيرين، بالنسبة للحوامل، لمرضى السكري والضغط الدموي، والقصور الكلوي، وغيرها من الأمراض المزمنة… وأسئلة أخرى تخص التغذية والجانب النفسي.
تلتقون خلال هذا الشهر الفضيل مع سلسلة من الحوارات التي يتحدث عبرها عدد من الأطباء العامين والمتخصصين، كل في مجاله، مجيبين عن الأسئلة التي تطفو على السطح كلما حلّ الشهر الكريم بين ظهرانينا، وذلك إسهاما في نشر ثقافة صحية سليمة وفي تحقيق توعية شاملة انسجاما مع الغاية المثلى لهذا الشهر المبارك.

 

 

بالإضافة إلى أنه ركن من أركان الإسلام، هل للصيام أية فوائد من الناحية الصحية ؟

 

يعتبر الصيام أحد الشعائر التي اجتمعت عليها الديانات السماوية وأكدت على منافعه الأبحاث العلمية الحديثة.

لقد أصبح الصيام في عصرنا الحالي خطوة يتم الالتجاء إليها من طرف غير المسلمين، تحت إشراف طبي، بالنظر للفوائد المتعددة التي تم التأكد منها على المستوى الصحي، فهو يساعد على التخلص من السموم خارج الجسم، ويساهم في تخفيض نسبة السكريات والدهون في الدم، ويمكّن الجهاز الهضمي من الراحة، فضلا عن تعزيز الجهاز المناعي.
إلا أنه يجب التأكيد على أن الصيام يجب أن يتم في ظروف ملائمة وحسب شروط السلامة الصحية، لأنه يمكن أن تترتب عنه عواقب على صحة المرضى، خصوصا الذي يعانون من أمراض مزمنة.

ما هي طبيعة هذه العواقب؟

الإمساك خلال شهر رمضان له تأثير على أوقات أخد الأدوية والنوم، وعلى وتيرة الأكل والشرب، مما يؤثر سلبا على توازن بعض الأمراض، رغم تصنيفها من بين الأمراض غير الخطيرة، ويسهم في تعريض أصحابها لمضاعفات.
وبالعودة إلى أرقام أصدرتها وزارة الصحة في وقت سابق، نجد أن أكثر من 2 ملايين من المغاربة البالغين الذين تتجاوز أعمارهم 25 سنة يعانون من داء السكري، 50 % منهم نساء، في حين أن نسبة 50 % منهم لا علم لهم بمرضهم.
كما أن 33.6 في المئة من المغاربة الذين يفوق سنهم 20 سنة مصابون بالضغط الدموي، وترتفع هاته النسبة بارتفاع السن، إذ تصل إلى 53.8 % عند الفئة التي يتجاوز سنها 40 سنة، وإلى 72,2 % عند الأشخاص الذين يبلغ سنهم 65 سنة فما فوق.
وحسب نصف الإحصائيات، وهو ما يثير القلق، أن 13.9 في المئة من مرضى الضغط الدموي مصابون بداء السكري، و65.5 في المئة من مرضى السكري يعانون من الضغط الدموي، وهو ما يسرع من احتمال ظهور مضاعفات هاته الأمراض كالقصور الكلوي والنوبة الدماغية وفشل القلب.
لهذا فإن الصيام عند هاته الفئات الهشة صحيا، يجب إن يكون بإذن الطبيب المعالج حسب درجة تطور المرض أو احتمال حدوث مضاعفات، على أن يراعي المريض الالتزام بمواعيد الأدوية والحرص على تغيير توقيتها وفقا لنصائح الطبيب المعالج، حتى تتم ملاءمته مع توقيت الإمساك وتحقيق النجاعة، كما يجب مراقبة الضغط ونسبة السكر في الدم يوميا، وعند ظهور أي علامة تنبه لتغيرها، وأيضا تنظيم وجبات الأكل والشرب، والحفاظ على مواعيد الراحة والنوم.

هل هناك حالات لا يجب فيها الصيام نهائيا؟

بالفعل هناك حالات لا يسمح فيها للمريض بالصيام سواء بسبب عدم قدرته البدنية، كما هو الشأن بالنسبة لمرضى السرطان، الأشخاص الذي يعانون من القصور الكلوي، أو بسبب فشل القلب، أو الحمل عند النساء، وغيره، أو لاحتياجه لجرعات متعددة من الدواء خلال اليوم، أو بسبب الحاجة لضرورة شرب الماء خلال اليوم كالمرضى حاملي حصى الكلي، أو المعرضين لجفاف الجسم اثر إسهال طويل الأمد، أو بفعل قيء مفرط بما في ذلك المرأة الحامل.
ويجب التوضيح على أن هناك أمراض اجتمع الأطباء على عدم قدرة حامليها على الصيام، كحالة مرضى السكري من نوع 1 المعالجين بالأنسولين، لكن بعض المرضى المغاربة يصرون على الإمساك في شهر رمضان رغم احتمال التعرض لغيبوبة السكري إذا انخفضت نسبة السكر في الدم أو ارتفعت، ويضطر الطبيب أن يسمح بذلك إذا كانت الحالة غير متطورة وإذا كانت إمكانية تغيير نوع الأنسولين وتوقيتها وفق معايير اتفق عليها وطنيا وتحت مراقبة صارمة.


الكاتب : حاورها: وحيد مبارك

  

بتاريخ : 08/05/2019