أشرف حكيمي .. المدافع الجسور عن مربع النجمة الخماسية

(1)
وضعت فنجان سيرته أمامي،
رميت ارتباك بدايتي خلفي،
ثم أخذت هاتفي النقال بيدي اليسرى،
تلك التي تطلب المدد من قدمه اليمنى،
وذهبت نحو الوقوع في غرامه !
ومن كان منكم بلا عشق لحكيمي، فليرمه بوردة بلون فؤاد، يحيل على محبة أمة. أو فليدثره بعَلَم شعب، يحمل توقيعا بالأخضر، ويجسد اسم كل مغربي !
أتراني أهذي،
لأن توالي الانتصارات
في (مونديال المغرب) ،
أتلف عقل حبري،
أو ذهب بحبر عقلي ؟!
دعوا الأجوبة جانبا، حتى يكتمل عرس الأحمر والأخضر، ثم رددوا معي، بل اجهروا ملء أحلامكم، حجم ٱمالكم، شسوع انتصاراتكم، يا أمة هزمت الأمم:
أشرف حكيمي
رجل النجمة الخماسية !

(2)

«لا يوجد ما يخجلني
في الحديث عن ماضي أسرتي.
والدي كان بائعاً متجولاً،
والدتي كانت خادمة بيوت،
لقد تعذبا من أجلي، وكانا يضحيان
كي أتدرب وألعب كرة القدم…
اليوم هما مصدر طاقة وحماس بالنسبة لي».
ما أصعب أن تكون نجما متصالحا مع نفسك، غير أن العسير هو أن تكون لاعبا متصالحا مع ملايين من معجبيك. الفارق بين العسرين، يكمن – كما أرى – في قلب يدرك حجم حقيقة سيرته، وفي قدم تعلم شسوع سريرتها !
إن هذا الرجل،
الذي هو على شكل حائط،
يقبل يد أمه، عند كل انتصار،
لأنه يعلم أن «بركة» أي انتصار،
توجد عند قبلة كل أم !

(3)

هذا لاعب مدهش،
منتج لأشهر المهارات،
مشهور بأقوى التصريحات،
ومعروف بعبارة «لن يمر».
وضع حياته رهن فضول محبيه، كما وضع براعته في خدمة ملحمة الكرة المغربية. في الأولى: تخطى ما هو ذاتي صوب ما هو عام. في الثانية: انخرط في إبداع المجموع، كي تلمع فردانيته. بينما رأس الوطن ينطح السحاب !
في الأمرين، معا،
قام، هو وزملاؤه المهرة،
بجعل جماهير العالم كله
تنحني أمامهم، دهشة وذهولا،
وتطلب «التسليم» من المستديرة المغربية !
ها هي جموع الشعب البطل، سواء الذين ذهبوا إلى قطر، أو الذين حجزوا قلوبهم على موائد المقاهي، بلغ إلى مسمعهم، بل ووصل إلى أنظارهم، صوت الزئير، مدويا كالرعد، فرضوا عن أسودهم، وباركوا معجزة أقدامهم !

(4)

عبر خطوات ثابتة،
موارة بعشق الكرة،
وبقلب شجاع،
مؤمن بانتظارات الوطن،
يلج اخضرار الميدان
وهو مكتظ باحمرار القميص.
وحين يعلو النشيد الوطني في مسمع العالم، يضع يده على قلبه، ويشرع – همسا، حبا، وخشوعا – في ترديد ما به نكون، ما عبره نسود، وما فيه نرتفع.
«منبت الأحرار، مشرق الأنوار
مُنتدى السؤدد وحمـاه
دُمت منتداه وحمـاه».
عيناه، الٱن، مغمضتان. قلبه ينبض أسرع من المعتاد. وثمة قشعريرة تسري في كل بدنه. تكاد دمعة حبيسة في ساحة تأثره، أن تفر هاربة من لهيب انتمائه، لتنزل ساخنة، وتردد، معه، فيه، وحواليه:
«هب فتـاك
لبـى نداك
في فمي وفي دمي
هواك ثار نور ونار».

(5)

هو ذا
الأسد أشرف حكيمي.
الصوال، الجوال، المسيطر، المقتحم، البارع، والمبدع، «عطر كل لسان»، الذي يبدو لي كأن مبدع النشيد الوطني، الشاعر علي الصقلي، كان يعنيه هو، ويعني الوطن، معا !
ما يثير العجب في عجبي، أن هذا الظهير الأيمن، يأتي بغير المتوقع، يبدع في غير المتاح، يتخطى المعمم نحو المغاير، ويخلق ما لا نعرف من بديع المهارات، بشكل يسبي جماهير الكرة في العالم.
حكيمي، الذي يلعب في صفوف الفريق العتيد «باريس سان جيرمان» بالدوري الفرنسي، والذي لا يتجاوز ربيع عمره، في بدائعه، 24 سنة / حلما، يزخر بقدرات ثلاثية البراعة: يلعب في مركز الظهير الأيمن، ويلعب في مركز الظهير الأيسر، كما يلعب عبر الجناحين.
وأبدا، وبالتوكيد،
لم يأخذ لقب:
أفضل الأظهرة في العالم،
عبثا، أو مجاملة !

(6)

«لا يهم الخصم
الذي سنواجهه،
لأن الركراكي نقل لنا
عقلية الفوز».
حكيمي، هذا المدافع المغربي الفذ، الذي يشكل جدارا صلبا، ليس من السهل اختراقه من قبل أكبر المراوغين، لا يهاب أي خصم، مهما تمادت خطورته. ولا تنتابه أية هواجس، إذا هو دخل إلى ميدان مباراة كبيرة، وعسيرة.
ويتبدى قاسيا، عنيدا، جبارا، إذا «تجرأ» لاعب على المساس بحرمة النصف المغربي من الملعب. مثل أسد غضوب، يقف،  شامخا، في موقعه، وكل ما فيه متوثب للانقضاض، وعرينه محروس، ومصان، إلى غاية الثانية الأخيرة من عمر شراسة المباراة، أية مباراة !
والٱن، نصغي إلى عراب الأسود، وليد الركراكي، وهو يتكلم عن حكيمي، من موقع الخبير العارف، وبقلب الأب المعجب، وعبر لسان الملاحظ الألمعي:
«إنه لاعب لا يصدق.
يتحدث الكثير من الناس
عن حكيمي كرجل يصعب تدريبه،
والتعامل معه،
لكن ما أراه أنا
هو أنك عندما تمنحه الحب والثقة،
سوف يموت من أجلك».

(7)

هذا المدافع الجسور
عن أربعين مليون مرمى !
يوم الثلاثاء 6 دجنبر 2022، عندما طرد المنتخب الإسباني من مونديال قطر، عبر تسديدة جزاء مبهرة، ومصيرية، قام أشرف حكيمي بإنجاز (رقصة البطريق)، البديعة في ذهول رسائلها، والمثيرة في توقيت غنجها، والمذهلة في الشواظ الذي انتشر فيها، وحولها، وطال كل أرجاء الكون !
صحيح أن هذا المبدع الكبير، تعود على تنفيذ تلك الرقصة، الاحتفائية المثيرة للضجة، كلما هزه الفرح بالأهداف القاتلة في مرمى الخصوم، في أغلبية مبارياته مع الفرق الأجنبية، تلك التي لعب في صفوفها.
غير أن حكيمي / البطريق،
هذه المرة، بذاتها، بحالها، وبمٱلها،
رقص بشكل مختلف، وفاتن لكل الأنظار،
ليس – فقط – ليقول:
(هذا أنا)،
بل – كذلك – ليؤكد:
(هذا المغرب) !
ولا أدري، لماذا حين شاهدت، بقلب مأسور ومخطوف، تلك الرقصة العلوية، تخيلت صاحبها يعبر بكامل حركات جسده، وبكل شبوب النشوة في دخائله، ويجهر ملء حناجر أربعين مليونا من المغاربة:
نُشهد الدنيا
أنا هنا نحيا
بشعار
الله
الوطن الملك».

(8)

ما بين تمريرات قدمه،
غير المتوقعة حتى بالنسبة لزملائه،
وتمريرات يدي،
المتوقعة بالنسبة لمحبي البورتري،
وقف قلمي عاجزا عن تدبيج خاتمة،
تليق بوثوق نجاحه،
وتنقذني من شكوك فشلي !
هو اعتاد أن ينحاز إلى الخيار الأصعب، الذي لا يخطر على بال المهاجمين، كي يخذل مطامعهم.
بينما أنا اعتدت اللعب الحر في عتبات يسار الصفحة، لكي أكسب يمين المجاز.
من منكم، يا قراء البورتري،
يملك رقم هاتف انتصاره،
كي يتصل بتفوقه،
ويرجوه، باسم الوطن،
أن يكتب لي في وتساب جماهيريته،
عبارة واحدة يقول فيها:
ما أروع ما كتبت عني يا حسن


الكاتب : حسن بيريش

  

بتاريخ : 13/12/2022