تسببت جائحة كوفيد 19 في تبعات سلبية وخيمة ومتعددة العواقب، ليس على المستوى الصحي والاقتصادي فحسب، بل شملت مختلف مناحي الحياة اليومية، خاصة خلال فترة الحجر الصحي الرسمية، والتي طالت مدّتها بالنسبة للعديد من الأسر التي جعلت منها اختيارا طوعيا تفاديا للإصابة بالعدوى. وإذا كانت عدد من الدراسات قد وقفت عند حدود الوقع الاقتصادي للجائحة وتسببها في حرمان الأشخاص من الولوج إلى الخدمات الصحية وتأثيرها على الصحة النفسية والسلوكيات، فإن البعض الآخر منها رصد جانبا آخر من قبيل الارتفاع الكبير لعدد الأطفال المشاركين في الألعاب الإلكترونية، حيث طالب عدد من الفاعلين المدنيين والجمعيات المختصة بفرض قيود أكثر صرامة لضمان أمن الأطفال وحمايتهم، بالتزامن مع اقتراب موعد اليوم العالمي للإنترنت الآمن لهذه السنة، الذي يتم تخليده مطلع شهر فبراير، خاصة وأنه تم الإبلاغ عن أكثر من 15 ألف حالة إساءة تعرض لها الأطفال خلال استعمالهم للشبكة العنكبوتية خلال شهر دجنبر 2020 لوحده.
وأكدت دراسة أجرتها “سينس وايد”، وهي وكالة مستقلة لأبحاث السوق بتعاون مع “موبايلي للرياضات الإلكترونية” و “مولن لوي”، شملت 1518 أسرة بدول منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تضم أطفالا تتراوح أعمارهم ما بين السنة الواحدة و 17 سنة، أن هناك أكثر من 100 مليون مشارك في ألعاب إلكترونية بواسطة الأنترنيت من قبيل “فورتنايت” و “أبيكس ليجيندز” في هذه المنطقة. وعبّرت 74 في المئة من الأسر عن تخوفها من الإضرار بسلامة أبنائها، الذين قضوا وقتا طويلا في المنزل بسبب الجائحة وهم يشاركون أشخاصا تجهل هوياتهم هذه الألعاب، مما قد يجعلهم عرضة للسقوط في مكائد مجرمين يحترفون العمل الإجرامي عبر الأنترنيت. ووفقا للدراسة المذكورة، فإن خُمس الأسر التي شملتها الدراسة في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، أكدت أن أطفالها يتحدثون مع الغرباء مرتين إلى 3 مرات كمعدل في الأسبوع، في حين أوضح أفراد 20 في المئة من هذه الأسر، أن فلذات أكبادهم يتواصلون مع الأجانب الذين تُجهل هوياتهم بشكل يومي.
وأوضحت الدراسة أن عددا من “مجرمي الأنترنيت” يعتمدون على حرية التواصل التي تتيحها هذه الألعاب الإلكترونية الجماعية كـ “فورتنايت وماينكرافت وأبيكس ليجيندز” لربط الصلة المباشرة مع اللاعبين في مختلف أنحاء العالم بعيدا عن كل القيود، حيث يتم استدراج الأطفال، وفقا للباحثين، من خلال لعبتهم المفضلة وذلك بإرسال الهدايا أو شحن رصيدهم من النقاط التي تتطلبها اللعبة أو غيرها من الطرق المشابهة، محاولين استغلالهم في نهاية المطاف عبر إرسال صور مخلة بالحياء، وهو ما دفع في وقت سابق حوالي 120 ألف أسرة إلى تبني عريضة أطلقتها منظمة “بارينتس توغيذر”، للمطالبة بحماية الأطفال من موجة التحرش الجنسي التي يتعرضون لها.
وتأتي توصيات حماة الأطفال واليافعين والمدافعين عن خصوصياتهم وسلامتهم من الابتزاز وغيره من الجرائم التي يمكن أن تكون الشبكة العنكبوتية سبيلا إليها، في ظل الانتعاش الكبير الذي شهده قطاع الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، الذي تقدر قيمته اليوم بـ 4.5 مليار دولار أمريكي، ويرجع سبب هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل من ضمنها إطلاق منصة الألعاب الجديدة بلاي ستيشن 5 وغيرها من ألعاب الفيديو الحديثة، بالإضافة إلى إجراءات التباعد الاجتماعي التي فرضتها الحكومات لاحتواء أزمة كوفيد 19، مما دفع الأطفال واليافعين إلى قضاء وقت أطول أمام هواتفهم أو الحواسيب أو اللوحات الإلكترونية.
أطفال ويافعون يشاركون أشخاصا مجهولي الهوية ساعات من اللعب 74 % من الأسر بدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط تخشى على سلامة أبنائها من جرائم «ألعاب الأنترنيت»

الكاتب : وحيد مبارك
بتاريخ : 03/02/2021