أعادت إلى الأذهان واقعة طرد آلاف المغاربة سنة 1975 .. تفاصيل محنة تسعة صحافيين مغاربة بأرض الجزائر

 

لم يصدق تسعة صحافيين مغاربة، وهم يطأون أرضية مطار وهران الجزائري، في السادسة والنصف من مساء الأربعاء، بعد رحلة طويلة، انطلقت من مطار محمد الخامس في السابعة صباحا مرورا بتونس بسبب غلق الأجواء الجزائرية في وجه الطائرات المغربية، أنهم سيفقدون صفتهم الإعلامية ويتحولون إلى جواسيس، بعد أن حظرت السلطات الجزائرية دخولهم إلى أراضيها، «خوفا على وحدة الوطن»، وحفاظا على السير العادي لبطولة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، التي تستضيفها المدينة الجزائرية إلى غاية 06 يوليوز المقبل، حسب ادعاءاتها.
فبعد أن كان حماسهم كبيرا، لتغطية مشاركة الرياضة الوطنية في هذا الاستحقاق المتوسطي، خاب أمل الزملاء هشام بنتابت، الصحافي بيومية العلم، وإدريس دحاني من موقع هبة بريس، ومحمد العدلاني، المصور الصحافي بجريدة الأحداث المغربية، وسارة حياني من يومية «لومتان» وأمين مرجون من أسبوعية «المنتخب» الرياضية، وأمين أوباها من موقع «snrt news» وعادل الرحموني من إذاعة «مدينا أف أم» والمصطفى ياسين من يومية «لوبنيون»، فضلا عن حمزة اشتيوي عن موقع «هيسبريس»، الذي سبق له مع الأسف أن استضاف حفيظ الدراجي، معلق قنوات «بين سبور» قبل أن يصفه رفقة زملائه في تدوينة له ب»عملاء» المخابرات المغربية.
هؤلاء الصحافيون التسعة وجدوا أنفسهم عالقين أزيد من 24 ساعة بمطار وهران، قبل أن يتم ترحيلهم صوب تونس، في مشهد لا إنساني أعاد إلى الأذهان واقعة طرد آلاف المغاربة من الجزائري يوم عيد الأضحى من سنة 1975.
وفي اتصال هاتفي بالزميل محمد العدلاني، أكد أن الوفد الإعلامي المغربي عاش أوضاعا نفسية سيئة للغاية بالمطار الجزائري، حيث «طلب منا الجلوس بمكان محاذي لمخفر أمني بالمطار، وبقينا هناك حوالي ست ساعات، بعدما اعتقدنا أن الأمر لن يكلف سوى دقائق معدودة لإنهاء بعض الإجراءات، كما قيل لنا في البداية»، مضيفا أن مسؤولي المطار، وبعدما فضحهم الزي الرياضي الوطني، الذي كنا نرتديه، على غرار كامل الوفد المغربي، اضطروا تحت تكاثر أسئلة باقي الوفود المشاركة التي كانت تتقاطر على المطار، حول سبب هذا الاحتجاز، وبعدما بدأ الأمر يأخذ أبعادا دولية، حشرونا في قاعة تفتقد لأدنى الشروط، والتي قيل لنا إنها VIP، لتتحول إلى مكان احتجاز، افتقدنا فيه أدنى الشروط الآدمية، وفي مقدمتها جوازات سفرنا التي سحبت منا.»
وأضاف العدلاني أن الزملاء فقدوا الاتصال بالعالم الخارجي، اللهم أحد الزملاء الذي كان يتوفر على خط اتصال دولي، حيث اتصل باللجنة الوطنية الأولمبية، التي « أخبرتنا أنها أخذت علما بما وقع وأنها تباشر اتصالاتها مع اللجنة المنظمة والمصالح الديبلوماسية المغربية»، لكنها في نهاية المطاف «لم تتمكن من إدخالنا، لأن السلطات الجزائرية كانت مخططة للأمر، حيث مكنت جميع أعضاء الوفد المغربي من الاعتماد باستثناء رجال الإعلام، رغم أنها قامت بكل ما يلزم في هذا الشأن.»
وأشار الزميل العدلاني إلى أن الوفد الإعلامي المغربي عاش وضعا نفسانيا رهيبا بمطار الجزائر، ولمدة 24 ساعة كاملة، خاصة بالنسبة للزملاء الذي يعانون من بعض الأمراض، حيث تضاعفت محنتهم، وامتدت إلى أسرهم، التي فقدوا الاتصال معها، وارتفع هامش الخوف لدى الطرفين.
وأوضح الزميل العدلاني أن مسؤولي المطار أغلقوا كل سبل الحوار، ليتخذوا في الساعة الخامسة من مساء يوم الجمعة قرار إعادتهم إلى تونس، وأخبروهم بضرورة إخلاء المطار، عبر طائرة ستقلهم في الدقيقة الثلاثين بعد منتصف الليل، صوب تونس، التي وصلوها في الرابعة والنصف من صباح الجمعة، ووجدوا في استقبالهم أعضاء من السفارة المغربية، قبل أن يخصص لهم الأستاذ حسن طارق سفير المملكة المغربية بتونسي استقبالا، أعاد لهم بعضا من آدمتيهم التي فقدوها بالجزائر.
وختم الزميل هذا التصريح على نبره ساخرة كعادته، حيث قال « إنه بعد هذه المحنة اكتشف أنه رأفت الهجان، لكن ببشرة سوداء».


الكاتب : إ - العماري

  

بتاريخ : 27/06/2022