لا شك أن خدمة الترامواي التي دخلت حيز الخدمة بالدار البيضاء منذ سنة 2012 كان لها أثر كبير في تحسين ظروف تنقل البيضاويين والمساهمة في التخفيف من الاكتظاظ ونقص وسائل النقل. ومع مرور أكثر من عشر سنوات على انطلاق هذه الخدمة، أصبحت شبكة الترامواي تمثل اليوم شريانا حيويا للحركة داخل العاصمة الاقتصادية للمغرب، حيث يقدر عدد الركاب اليومي بحوالي 220,000 راكب، فيما تجاوز عدد الرحلات السنوية ملايين الرحلات منذ البداية.
الخدمة تشمل أربعة خطوط، كان آخرها الخطان الثالث والرابع اللذان دخلا الخدمة منذ سنة تقريبا. ومع توسع الشبكة، أصبح من الممكن ربط مختلف مناطق المدينة بطريقة أكثر سلاسة، إلا أن مرور الوقت كشف عن بعض الاختلالات والمشاكل. فمن بين هذه التحديات الأعطاب المتكررة التي تُسجل خصوصًا في الخطين الأول والثاني، والتي تزيد من معاناة الركاب وتؤخرهم عن أعمالهم ومواعيدهم، كما تسبب أحيانًا حوادث خطيرة تؤدي إلى إصابات بين الركاب أو حتى الوفاة.
العربات التي بدأت تظهر على هياكلها، خصوصًا الخارجية، علامات الاهتراء والتدهور، تثير أكثر من علامة استفهام حول جودة الصيانة الدورية ومدى الالتزام بالمعايير المطلوبة للحفاظ على سلامة المركبات. هذا التدهور لا يؤثر فقط على المظهر الخارجي للترامواي، بل قد ينعكس أيضًا على راحة الركاب وسلامتهم، خاصة إذا ترافق مع الأعطاب المتكررة والحوادث التي سجلت في بعض الخطوط،
حوادث متعددة بعضها أدى إلى إصابات خطيرة أو وفاة ركاب، وتوقف حركة الترامواي التي لساعات إلى حين تدخل فرق الصيانة والإسعاف.
كما يظهر التدهور حتى في أدوات التواصل أو الإعلانات الداخلية التي تُعلم الركاب بأسماء محطات الوصول، والتي أصبحت في غالبها صامتة ولا تلبي حاجة الركاب الذين يعتمدون عليها لمعرفة وجهاتهم. وهذا الأمر يلاحظ حتى في الخطين الجديدين (الثالث والرابع). بالإضافة إلى ذلك، الكثير من الشاشات التواصلية الجديدة التي تؤثث الخطين الجديدين أصابها العطب، فتقف صورها على إعلان عن محطة مر منها الترام منذ ثلاث محطات أو أكثر، أو تتوقف عند عبارة “هذا الترامواي لا يحمل ركابًا”، بينما يكون ممتلئًا بالعشرات منهم، ما يطرح تساؤلات حول دقة المعلومات المقدمة للركاب.
المشكلة الكبرى تتمثل في التوقفات المفاجئة وسط السكة، والانطلاقات المتأخرة في أكثر من محطة، أو الوقوف المفاجئ دون إنذار، مما يعرض الركاب لخطر الارتطام..
إن الوضع يتطلب تعزيز برامج الصيانة الوقائية، وتجديد بعض العربات ، وتوفير متابعة دقيقة لجميع خطوط الترامواي لضمان استمرارية الخدمة وتحسين تجربة التنقل للمواطنين، مع التركيز على إجراءات السلامة لمنع وقوع الحوادث.
كما يعاني عدد من الركاب من ازدحام العربات خلال أوقات الذروة، ما يجعل تجربة التنقل أقل راحة، خصوصا بالنسبة للطلاب والعاملين الذين يعتمدون على الترامواي كوسيلة رئيسية للوصول إلى أماكن عملهم ودراستهم. بالإضافة إلى ذلك، تظهر أحيانا مشكلات تتعلق بالتواصل مع الركاب، مثل ضعف المعلومات حول توقيت الرحلات أو الأعطاب المفاجئة، ما يزيد من حالة الإرباك والتأخير ويضاعف مخاطر الحوادث.
إن هذه التحديات، رغم أنها لا تقلل من الأهمية الكبيرة للترامواي في تنقل سكان الدار البيضاء، تفرض على الجهات المسؤولة اعتماد خطط صيانة منتظمة، وتحسين إدارة الأعطاب الطارئة، وتعزيز التواصل مع الركاب، وتكثيف إجراءات السلامة لضمان تجربة نقل آمنة وفعّالة للجميع فضلا عن التوعية بمخاطر مرور الدراجات النارية و العادية فوق السكة المخصصة للترام وعدم احترام الراجلين و سائقي المركبات الأخرى لمرور الترام في مشاهد متكررة غير مفهومة، تعكس استهتارا متفشيا في أوساط بعض المستعملين للطريق، مما يزيد من مخاطر الحوادث ويهدد سلامة الركاب والمارة على حد سواء. .