تَعرض فصول كتاب «الرحالة الفرنسيون في بلاد المغرب» للفرنسي رولان لوبيل لتشكلات الرؤية الغرائبية حول بلاد المغرب وتحولاتها في الزمن، ويختص بفحص وتتبع سرديات الأدب الغرائبي حول المغرب، وضمن هذه السرديات يلتقي القارئ مع عبارات تحيل على ما يلي: طبيعة خلابة، مزروعات فوضوية، طرق غير معبدة، جسور غائبة، وندرة سكانية…ومعلوم أن الكتاب صدر عن دار الأمان سنة 2017، بترجمة من حسن بحراوي.
بالعودة إلى سياق تأليف الكتاب، فالكتاب في الأصل، عبارة عن دروس نظرية كانت قد ألقيت من طرف الأستاذ لوران لوبيل على طلبة معهد الدراسات المغربية العليا بالرباط خلال ثلاثينات القرن العشرين. وقتها كان رهان الإدارة الفرنسية تكوين طلبة يشغلون مهام إدارية في الإدارة الفرنسية.
يتقفى الكتاب أثر الرحالة الفرنسيين الذين زاروا المغرب من أواسط القرن السادس عشر إلى ثلاثينات القرن العشرين. وتبدو المساحة الزمنية طويلة جدا، وسياقات الزيارات مختلفة…يقف القارئ العربي عند أسماء أسرى ورهبان ومُخبرين وديبلوماسيين ومستكشفين ومغامرين وفنانين وأطباء ورجال أعمال وصحفيين وضباط وعلماء وسياح …وإذا انطلقنا من فكرة تفاوت الرحالة الفرنسيين من حيث المؤهلات الثقافية والفكرية…فإننا نجد تبريرا لتنوع أساليب الكتابة وجودة التعابير، وتعدد مقاييس الملاحظة والأحكام…
الأساس، أننا أمام نصوص تصدر من رؤية مغايرة، وتمزج بين هوس السرد التوثيقي والنصوص التراسلية، بالإضافة إلى مذكرات السفر والتحقيقات الصحفية والانطباعات العابرة ويوميات البوح…
من حيث التصنيف، يمكن تتبع حصيلة السجل الكولونيالي ضمن الأغلفة البحثية التالية:
مُصنف الأسر والافتداء: برز هذا المصنف في سياق نشاط ظاهرة القرصنة في الحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط على امتداد القرنين السابع عشر والثامن عشر، ويُمكن أن ندرج ضمن هذا الإطار كتابات جاك موكي 1617، والأسير السعيد لامارتينيير 1674، والسيور موويت 1682. وفيما بعد في مؤلفات عديدة مثل مؤلف فولي بعنوان: «مذكرات فرنسي غادر الأسر 1792»، وكذلك مؤلف بريسون: «قصة غرق وأسر بريسون 1789م»، وأخيرا لويس صونيي في: «مجموعة رحلات للشواطئ الافريقية سنة 1791 «.
مُصنف اليوميات السفارية: يمثل يوميات توثيقية حُررت لفائدة البعثات الرسمية نهاية القرن التاسع عشر، يمثلها الدكتور مارصي 1885، ودفيريي 1886، وغابريال شارم 1887.
مُصنف مذكرات والقناصل والديبلوماسيين: عبارة عن تقارير ومذكرات كتبها قناصل وديبلوماسيين وفدوا إلى المغرب في مهمات رسمية مثل لويس دو شينيي 1887.
مُصنف مدونات المستكشفين: اهتمت بجرد المواقع الأثرية ووصف المناظر الطبيعية والجيولوجية في المغرب مثل رحلة تيسو 1876.
مُصنف الكتابة الاستعلاماتية: عبارة عن جرد وثائقي استخباراتي اهتم أصحابه بعملية تجميع المعطيات السياسية والأمنية التي تهم ما كان ينعت ب»المغرب المجهول»، ويدخل ضمنه مؤلفات القس شارل دوفوكو وسيغونزاك ودوتي…
مُصنف الكتابة الطبية: أنتجها أطباء جالوا في بلاطات السلاطين، وحَوَّزوا سلطات معنوية داخله مثل الدكتور ليناريس صاحب كتاب «رحلة إلى تافيلالت 1883».
مُصنف الكتابات الفنية: مثل الرسام أوجين دولا كروا 1832 الذي حلَّ بالمغرب في إطار بعثة مورناي إلى بلاط السلطان المولى عبد الرحمان.
مُصنف الكتابة العسكرية: ألفها محاربون وعكسريون شاركوا في الحملة على المغرب مثل إميل نولي صاحب كتاب «رجال في المغرب 1912»، ونجد أيضا، مراسلون حربيون كانوا يغطون أحداثا عسكرية لفائدة جرائد صحفية مثل الصحفي شارل إيريارت في حرب تطوان 1860.
مُصنف الكتابة السياسية: ظهرت تآليف هذا المصنف قُبيل فرض الحماية على المغرب، وقد ترددت فكرة الانتقال من المغرب العتيق إلى مغرب الحماية كثيرا ضمن مصنف الكتابة السياسية. يُمثل هذا التأليف كل من أوجين أوبان « المغرب اليوم: 1904» والسيدة لادريت دولا شاريير « على امتداد الطرقات المغربية: 1912».