أكثر من ألف طبيب يقاطعون مهامهم بالمؤسسات الصحية العمومية

غيابهم يؤجل علاجات المرضى ويرفع الضغط على زملائهم

أكدت مصادر طبية لـ «الاتحاد الاشتراكي» أن هناك أكثر من ألف طبيب مغربي لا يتوجهون إلى المؤسسات الصحية العمومية التي يشتغلون بها بمختلف مستوياتها وذلك منذ مدة ليست بالهيّنة، مبرزة أن المعنيين بالأمر الذين يحجمون عن أداء مهامهم ويتخلّفون عن المساهمة في تخفيف آلام المرضى، ليسوا بـ «الأشباح» لأن المسؤولين يعرفونهم حق المعرفة، ولم يفعّلوا أية مساطر إدارية في هذا الصدد لأن المعنيين بالأمر اتخذوا هذا القرار من أجل التشطيب عليه.
وأوضحت مصادر الجريدة أن الأطباء الذين يقاطعون العمل قرروا الإقدام على هذه الخطوة بعد أن ألغيت الأحكام القضائية الابتدائية التي كانت في صالح العديد منهم، من أجل الحصول على الاستقالة بعد أن رفضت مصالح وزارة الصحة والحماية الاجتماعية التأشير عليها، فطرقوا أبواب المحاكم ورفعوا دعاوى قضائية ضدها، لكن في مرحلة لاحقة تم الحكم برفض استقالاتهم بسبب الحاجة إلى خدماتهم، خاصة في ظل الخصاص الكبير الذي تعرفه الموارد البشرية الصحية، سواء تعلق الأمر بالأطباء أو الممرضين أو تقنيي الصحة.
واقع يفرض نفسه اليوم على العديد من المؤسسات الصحية، التي لا تستفيد من خدمات أكثر من ألف طبيب وطبيبة، الذين حسموا الأمر وفرضوه على الوزارة الوصية، فانصرفوا لحال سبيلهم رغم استمرار العلاقة الوظيفية التي تربطهم بالوزارة، وتركوا زملاءهم المتبقين يواجهون حجم الضغط وارتفاع الطلب الذي وبالنظر لمثل هذه الوضعية لا يمكن تلبيته بالشكل المطلوب. وأكدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» أنه في الوقت الذي اختار هؤلاء الأطباء اتخاذ هذا الموقف، فإن أطباء آخرين آثروا تسديد ما عليهم من مستحقات مادية للوزارة، والتي تندرج ضمن مصاريف التكوين، للقطع بشكل قانوني ونهائي مع الوظيفة العمومية، حيث تم التشطيب عليهم واتجهوا لمزاولة المهنة في القطاع الخاص، مشددة على أن هناك العشرات من الأطباء الذين أقدموا على هذه الخطوة خلال هذه السنة، وهو الأمر المرشح لمزيد من الارتفاع.
وضعية ترخي بظلالها الصعبة على المنظومة الصحية التي تنتظرها تحديات كبرى، خاصة في ظل تعميم التغطية الصحية، وهو ما سيرفع من حجم الطلب الصحي في الوقت الذي يفتقر فيه العرض للعنصر الرئيسي للمنظومة المتمثل في الموارد البشرية، وهو ما جعل عددا من الفاعلين والمهتمين بالشأن الصحي، ينبهون من خلال الجريدة، لتبعات هذا الوضع غير السليم، والذي تتسع رقعة تداعياته باحتساب أعداد الأطباء الذين يغادرون المغرب كل سنة للعمل في دول أخرى وكذا الأطباء المحالين على التقاعد. وشدّدت مصادر «الاتحاد الاشتراكي» عن أن الوضع تتفاقم حدته يوما عن يوم، وهو ما يعكسه كذلك نفور أطباء الغد عن المشاركة في المناصب المالية التي تفتحها الوزارة بسبب غياب التحفيز وظروف العمل التي تعرف العديد من المشاكل، مبرزة أن فتح باب المزاولة الطبية في وجه الأطباء الأجانب الذي تمت المصادقة على قانونه لم يقدم القيمة المضافة التي كان ينتظرها البعض منه، وهو ما يعني استمرار الأعطاب التي تحول دون ولوج عادل ومتكافئ وسلس للمواطنين إلى العلاجات؟


الكاتب : وحيد مبارك

  

بتاريخ : 16/09/2022