أنام واقفا مثل حجارة

 

هذا خريف آخر
وعامٌ آخر
لم أتلق دعوة من أحد
ولا حضرتُ في عرس
ولا سرتُ على ممشى أخضر
رغم ذلك، أشعر بالانتماء إلى أشياء مهمة:
ورقة منزوعة من دفتر
خاتم مسروق من أصبع ميّت
فردة جورب عالقة بأغصان مزهرية
أو مزبلة تتنفس في سفح عمارة،
وأستلهم الحياة عندما أصعد إلى نفسي
وأدفع إلى الحفرة أشخاصًا كثيرين
وأتراجع إلى الخلف لأضحك على أمراضي
وعلى ملوك وأنبياء وشعراء في ظلام الحفرة
على المدينة التي تبدو بحجم ظفر أصبع
وبيوتٍ مثل بثور على ظهر سائح مفلس
والشوارع التي صارت عروقا في ألواح الرخام
وثعابين أنهارٍ ميّتة وسط الأحجار
وبحار كأنّها لطخات رسّام
ترعبني هذه الأشياء الضئيلة
فأحتمي بمقصورة نفسي
تاركا لكم الأرض بما اكتظت
والكراسي على مقاس مكائدكم
تركت لكم العمر الطويل
لتحرصوا عليه بأعياد الميلاد
والفواكه المجففة
والشّوارع النظيفة كي تلمع فوقها أحذيتكم
وتدخنوا أفراحكم على أرصفتها
فقط أتركوا لي طريقا متربة
أعبرها بسلام إلى الضفة الحزينة من وطني
وسيّارة نقل أموات أركبها بهدوء
إذا متُّ سريعًا بسبب سوء أحوالي
وسوء التغذية أيضًا
خذوا ما تحتاجونه من عتادٍ
المجانيق لتتراشقوا بالحجارة على مسافة بعيدة
المقالع المطاطية حين تضمحل المسافة
والسّيوف المعقوفة ومدارى بأسنانٍ حادة
فقط أريد هواءً قليلا
كي أنتعش فأنام واقفا مثل حجارة،
حجارة قبري
التي أسند عليها جثة حياتي
التي تتبوّلون عليها مثل سكارى
فأتحسّس الملوحة بحواسي الناشفة، وأصمت
ذاك كرمٌ منكم
وهذه شاعريتي الجديدة.


الكاتب : حسن بولهويشات

  

بتاريخ : 10/01/2020