كشف المخرج الفرنسي-المغربي الشاب أبيل دانان، هذا الأسبوع في عرض ما قبل الأول بأنغوليم (جنوب-غرب فرنسا)، عن أول فيلم طويل له بعنوان «اللعينة»، وهو مزيج من «الرعب والدراما»، في إطار «تكريم للسينما المغربية» ضمن مهرجان الفيلم الفرنكوفوني.
ويحكي هذا الفيلم، الذي سي عرض بشكل متزامن بفرنسا والمغرب يوم 2 أكتوبر، قصة يارا، وهي شابة مغربية تبلغ من العمر 25 عاما، انتقلت إلى فرنسا لمتابعة دراستها، لتصل إلى باريس عشية جائحة أجبرت الناس على العزلة في منازلهم. هذه الطالبة التي تعاني من حساسية مفرطة ومن رهاب الأماكن العامة، كانت تتناول أدوية وتخشى من الخروج. وبينما تستمر تدابير الحجر، تصبح يارا أكثر عزلة، ومع التوقف عن تناول أدويتها، تبدو لها تهيئات غريبة في منزلها.
وإذا كانت خلفية الأحداث تذكر بوضعية الحجر الصحي وأزمات الذعر الناتجة عن جائحة كوفيد-19 العالمية، فإن أبيل دانان يعتبرها مجرد «نقطة انطلاق مثيرة» لكي يحكي قصة الفيلم. وتعزز الإشارة إلى جائحة أخرى ينقلها فيروس معين الطابع الخيالي للفيلم.
وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يقول المخرج، الذي يحرص على «التمسك بالأصالة» لدى التطرق لموضوع معقد يتعلق بالناس وببلده الأصلي المغرب، إن «الأمر أشبه نوعا ما بالشرارة التي تشعل نار الفيلم».
وأعرب عن اعتزازه برؤية عمله، وهو إنتاج فرنسي، ي عرض في إطار تكريم السينما المغربية، مشددا على أن الأمر يتعلق «بفيلم مغربي بالفعل، من حيث جيناته، وفريق العمل، ومكان التصوير».
وأوضح أن الفيلم يستند إلى شخصية يارا القوية، التي أدت دورها ببراعة الممثلة الفرنسية ذات الأصل المغربي، لينا العربي (التي سبق تتويجها في أنغوليم عن دورها في فيلم «Noces» سنة 2016)، مشيرا إلى أن الفيلم ص ور بالكامل في المغرب، في نهاية فترة الحجر الصحي، مع فريق يتكون معظم أفراده من تقنيين مغاربة، أبانوا عن «احترافية مدهشة».
ومنذ الصغر، كان دانان مفتونا بالقصص الشعبية التي ت حكى في بين أفراد أسرته بالمغرب عن أشياء خيالية وأحيانا مرعبة، ومن تم طور هذا المعجب بأفلام الأبطال الخارقين في سن مبكرة خيالا قويا مستوحى من الأساطير والفولكلور وثقافات أرض الأجداد.
وعلى الرغم من أنه لم يسبق أن شاهد أفلاما أو مراجع بصرية دقيقة لهذا الفولكلور، خاصة في ما يتعلق بعوالم السحر، فقد كان يرغب في تناول هذه المواضيع من خلال عالم حافل بـ»المؤثرات المدهشة وهوية بصرية تضع الفيلم ضمن مساحة بين الرعب والدراما»، مرورا بالإثارة النفسية، وهو عنصر غالبا ما يتم خلطه، برأيه، مع هذه الأجناس.
وعن حصة الواقع ضمن هذه القصص يعتبر أنه بغض النظر عن مسألة الاعتقاد في ذلك من عدمه، فإن المهم برأيه هو «سردها بشكل صادق مع الاقتراب قدر الإمكان من الواقع».
ويستمد مصادر إلهامه من عوالم أيقونة السينما الغرائبية جون كاربنتر أو سلسلة أفلام الرعب الشهيرة «Evil Dead» لسام رايمي.
ومع فيلم «اللعينة»، يوقع أبيل دنان وهو في سن 26 عاما على أول فيلم طويل في مسيرته، والذي أراد أن يكون ضمن هذه الفئة، بعد أن أخرج ثلاثة أفلام قصيرة وجرب أنواعا مختلفة في إطار أعمال سابقة.
ومن خلال تجربته في التصوير بالمغرب، يحتفظ بذكريات يحكيها بالكثير من التأثر خاصة أن فيلمه يوثق لآخر صور ملتقطة في قرية قبل أن تتعرض لزلزال الحوز.وتقع القرية، غير بعيد عن بنجرير، وتستخدم كصورة استيعادية من الماضي في حبكة الفيلم.
ومن جهة اخرى، افتتحت بلدية مدينة أنغوليم الفرنسية (جنوب غرب)، أمس الخميس، «السوق المغربي» المنظم في إطار التكريم الذي يخصصه مهرجان الفيلم الفرنكوفوني للسينما المغربية.
ويتوافد رواد المهرجان بكثافة على السوق المغربي منذ افتتاحه في ساحة بلدية المدينة، التي تم بها رفع علم المغرب، باعتباره ضيف شرف هذا الحدث السينمائي الهام الذي يميز الدخول الثقافي بفرنسا.
ولم يثن هطول المطر الزوار، بمن فيهم أفراد الجالية المغربية، عن الاستجابة لدعوة رئيس البلدية، كزافيي بونفون، من أجل الحضور لمشاهدة إبداعات «الصناع التقليديين المغاربة في هذا السوق».
وكان بونفون قد قال في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، على هامش حفل افتتاح المهرجان يوم الثلاثاء الماضي «يسعدنا أن نستقبل المغرب والسينما المغربية في أنغوليم بمناسبة الدورة 17 لمهرجان الفيلم الفرنكوفوني».
وتماشيا مع روح هذه التظاهرة السينمائية، تتيح بلدية أنغوليم، التي تتزين طيلة فترة المهرجان بألوان المغرب، الفرصة للجمهور للتعرف أكثر على السينما الوطنية من خلال الغوص في عمق الثقافة المغربية.
ويشكل «السوق المغربي» دعوة للاستمتاع ب»أصالة وسحر الصناعة التقليدية والحرف اليدوية المغربية»، من خلال عرض منتجات متنوعة كالسلال والأواني الفخارية والمجوهرات وزيت الأركان والقفطان، إضافة إلى نقش الحناء وتذوق الشاي.
وفي هذا الصدد، قالت مريم بانازول، مؤسسة جمعية «شرفة الفرنكوفونية» المكلفة بالأنشطة المتنوعة الموجهة للتعريف بالمغرب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن الهدف يتمثل في تسليط الضوء على الصناعة التقليدية وفن الطبخ والمشاريع التي تشرف عليها نساء.
من جهتها، قالت كريستيل، وهي صاحبة متجر في منطقة شارونت (التي تضم أنغوليم) تعمل مع تعاونيات في مراكش، إنها سعيدة بتقديم عرض متنوع للغاية من منتجات الصناعة التقليدية المغربية.
ويعرف جناحها إقبالا كبيرا من الزوار الراغبين في اقتناء المنتجات المعروضة (ملابس، زرابي، فخار، طاجين، زليج ..).
وبدورها، تعتمد خديجة، التي تنحدر من مدينة فاس وتقيم في أنغوليم منذ 10 سنوات، على خبرتها في مجال الخياطة للمساهمة في الترويج للقفطان المغربي، الذي يزداد الطلب عليه من قبل مختلف سكان المدينة، وخاصة المنحدرين من البلدان المغاربية.
وعلى هامش المهرجان، الذي يعد ببرمجة غنية ومتنوعة تشمل على الخصوص لقاءات تكريمية ومعارض، سيتم عرض سلسلة من الصور الفوتوغرافية للمصورة المغربية ليلى العلوي (1982-2016)، بتعاون مع معهد العالم العربي.
ويقام مهرجان الفيلم الفرنكوفوني المخصص للسينما الفرنكوفونية منذ سنة 2008 في مدينة أنغوليم، في شارونت، جنوب غرب فرنسا. وفي كل عام، في نهاية الصيف، يفرض المهرجان نفسه كتظاهرة لا محيد عنها في إطار الدخول الثقافي بفرنسا.
أنغوليم: أبيل دانان يكشف عن فيلمه «اللعينة» قبل عرض متزامن في المغرب وفرنسا يوم 2 أكتوبر
الكاتب : أمل تازي
بتاريخ : 02/09/2024