«أيام التراث بالبيضاء»: احتفال جماهيري وشغف بريء يصل الحاضر بالماضي

أسدل الستار، يوم الأحد الماضي 18 ماي، على فعاليات الدورة الرابعة عشرة من أيام التراث بالدار البيضاء التي نظمتها جمعية «كازاميموار»، وذلك خلال حفل فني حافل احتضنه مسرح «كازابلانكيز». وقد شهدت هذه الدورة، الممتدة من 12 إلى 18 ماي، إقبالا جماهيريا لافتا، حيث شارك أكثر من 25ألف زائر في 60 نشاطا مجانيا.
البرنامج الغني لهذه التظاهرة الثقافية شمل زيارات موجهة، معارض فنية، ورشات إبداعية، وعروضا ثقافية متنوعة، كانت الغاية منها تسليط الضوء على غنى التراث المعماري والثقافي لمدينة الدار البيضاء . وشملت الزيارات الميدانية عدة مواقع بمدينة الدار البيضاء توزعت بين المدينة القديمة انطلاقا من الصقالة ومرورا بعدة أحياء تعتبر النواة الأولى لهذه المدينة المليونية كحي التناكر وباب مراكش وعرصة الزرقطوني وسيدي فاتح والملاح وسيدي علال القيرواني وغيرها، كما تم تنظيم زيارات إلى ساحة محمد الخامس وسط المدينة، ومحكمة الباشا بالحبوس، وبشرق المدينة كانت هناك زيارات للمجازر القديمة وبغربها نظمت زيارات إلى ساحة المهدي بنبركة أمام مارشي المعاريف، ولا كورنيش ومرس السلطان ودرب السلطان .
وتميزت هذه الدورة، بمشاركة ما يزيد عن 5 آلاف تلميذ في زيارات مدرسية استكشافية استفاد فيها التلاميذ من جولات ثقافية مميزة داخل أزقة المدينة القديمة للدار البيضاء، وشملت عدة محطات تاريخية ودينية، حيث تم تقديم شروحات مبسطة للتلاميذ حول تاريخ كل موقع، مما ساهم في تعزيز ارتباطهم بهويتهم الثقافية والمعمارية. كما مكنتهم الجولة من اكتشاف الوجه الجديد للمدينة القديمة بعد سلسلة من عمليات التهيئة والتأهيل التي عرفتها مؤخرا، إلى جانب تنظيم 12 جولة ميدانية سلطت الضوء على كنوز المعمار «آرت ديكو» التي تميز العاصمة الاقتصادية. كما نظم بالمناسبة سوق إبداعي جمع نخبة من الحرفيين المحليين، بالإضافة إلى معرض للكتاب شارك فيه 30 ناشرا مغربيا.
وحصدت هذه الفعاليات أكثر من مليون مشاهدة على منصات التواصل الاجتماعي، بمساهمة فعالة من 400 مرشد متطوع، كان من بينهم أصغر مرشدة في أيام التراث بالدار البيضاء: الطفلة ميا ذات الـ11 ربيعا، التي أبهرت الزوار بذكائها اللافت وقد ظهرت على محياها ملامح الشغف والانتماء، وهي تتنقل بين المعالم التاريخية بكل تلقائية، مستعرضة معلوماتها بثقة تُثير الإعجاب، صوت صغير برسالة كبيرة مفادها أن مدينة الدار البيضاء فخورة بأبنائها، وتُراهن على وعيهم المبكر بقيمة التراث، وحرصهم على صون ذاكرة المدينة ونقلها للأجيال القادمة، في مشهد يعكس ارتباط الناشئة بجذورهم وتطلعهم إلى مستقبل مشرق يُبنى على أساس المعرفة والاعتزاز بالهوية.
تجدر الإشارة إلى أن جمعية كازاميموار تأسست سنة 1995 بهدف الحفاظ على التراث المعماري للقرن العشرين بمدينة الدار البيضاء، وقد عبّرت في ختام هذه الدورة عن امتنانها العميق للشركاء والمشاركين، مشيدة بالنجاح الذي حققته هذه النسخة، والذي يعكس مرة أخرى فخر واعتزاز البيضاويين بتراث مدينتهم والتزامهم المتجدد بصونه.


الكاتب : n خديجة مشتري

  

بتاريخ : 28/05/2025