أيت مازيغ بإقليم أزيلال : تجمعات سكنية تحت وطأة قساوة الطبيعة و هشاشة البنية التحتية

 

تقع جماعة أيت مازيغ في أعالي جبال اقليم أزيلال، في منتهى سلسلة الأطلس المتوسط وبداية سلسلة الأطلس الكبير، تحدها غربا جماعة بين الويدان، وشرقا «تيلوكيت تباروشت»، ومن الجنوب مرتفعات الأطلس الكبير، أما من الشمال فتحدها جماعة واويزغت ووادي العبيد ، وقد أحدثت بمقتضى التقسيم الجماعي لسنة 1991، وتبلغ مساحتها 140 كلم2، ومناخها حار وجاف خلال فصل الصيف، وبارد خلال فصل الشتاء، يبلغ عدد سكانها حوالي 5000 نسمة. ويلاحظ أن ضعف هذا العدد قد هاجر ، في السنوات الماضية، إلى المراكز الحضرية المجاورة وخاصة دائرة واويزغت (حوالي 20 كلم من الجماعة)، وذلك بسبب عدة عوامل وإكراهات.

فلاحة بدائية

تتوفر الجماعة على 6810 من الهكتارات، لايستغل منها للزراعة سوى 1150ه. تعتمد الفلاحة على التساقطات المطرية، ونظرا لصعوبة التضاريس وفقر التربة، فلاتزال الفلاحة بدائية تعتمد على الوسائل التقليدية، وأهم إنتاج فلاحي بها هو الحبوب (القمح والشعير)، وتوجه المحاصيل الزراعية للاستهلاك الذاتي بالدرجة الأولى. ويمارس فلاحو المنطقة الرعي كنشاط أساسي، إذ تبلغ المساحة المخصصة للرعي 1210 ه، إلا أن تأخر التساقطات المطرية أثر على المراعي بشكل كبير مما جعل ثمن الأعلاف يرتفع بشكل ملموس ، إذ يتجاوز الآن ثمن القنطار الواحد من الشعير 350درهما وهو ما يزيد من معاناة الأسر ، زيادة على تهاوي أثمان المواشي، والتي تعتمد كذلك على منتوج أشجار الزيتون واللوز ، إلا ان الجفاف أثر سلبا في السنوات الأخيرة على إنتاج هذه الأشجار،رغم أنه تم إنجاز مشاريع للتشجير في السنتين الأخيرتين ، ما جعل العديد من الاسر تهاجر الى المناطق المجاورة «واويزغت، أفورار وأزيلال «

خدمات صحية دون المستوى

تتوفر الجماعة على مركز صحي بدوار آيت باخوش ساهم معظم سكانه في عملية اقتناء البقعة الارضية التي شيد عليها منذ 1993، ويتألف من قاعة للعلاج، ومكتب، وسكن خاص للطبيب، وسكن آخر للممرض، إلا أن هذا المركز لا يوجد به سوى ممرض و ممرضة وبعض الأدوية القليلة .وغياب الطبيب يفرض على المواطنين التنقل لمسافات طويلة للعلاج في أقرب مستشفى بواويزغت (20 كلم)، أو الى المستشفى الاقليمي بأزيلال حوالي (70 كلم) أو الى المستشفى الجهوي ببني ملال «80 كلم» ، مما يزيد من حجم التكاليف المادية التي تثقل كاهل الساكنة التي تعاني في الأصل من الفقر و الهشاشة، مع العلم أن الجماعة تتوفر على سيارة الإسعاف، يتحمل المرضى دفع ثمن الكازوال في حالة التنقل بواسطتها.ويطالب سكان المنطقة الجهات المسؤولة بضرورة تعيين طبيب بهذا المركز للتخفيف من معاناتهم و خاصة النساء الحوامل .

ندرة الماء أكبر الإكراهات

في السنوات الأخيرة ومع تراجع مستوى التساقطات المطرية والثلجية، نقصت كمية المخزون المائي الذي يزود العيون الطبيعية و الآبار بالماء، وهو ما كان له بالغ الأثر على بعض الدواوير وخصوصا خلال فصل الصيف ، واليوم، يعاني سكان دواوير تكنيت و ايت واحي و أيت ايشو من مشكل ندرة المياه الصالحة للشرب نتيجة نضوب عدد من الآبار والنقط المائية التي كانت تستغلها بعض الجمعيات التنموية لتزويد الدواوير بهذه المادة الحيوية ، حيث يقطع السكان مسافات طويلة على دوابهم للتزود بالماء من بئر جهزه محسن في دوار مجاور .
فقد أصبح الماء بالنسبة لهؤلاء الهم اليومي الذي يحملونه ليلا ونهارا، حيث انه خلال فصل الصيف الماضي كانت الجماعة قد وفرت شاحنة صهرجية لتزويد الساكنة بالماء، لكن السكان يطالبون السلطات المختصة بإيجاد حلول دائمة . وحسب أحد الفاعلين الجمعويين «ابراهيم» « فإن أزمة ندرة الماء التي تعاني منها هذه الدواوير و التي تتضاعف خلال فصل الصيف، تجعلنا نعاين مشاهد مؤلمة متمثلة في طوابير من الفتيات و النساء ، خاصة، على دوابهن على امتداد الطرقات بحثا عن لترات من الماء»،
مشيرا إلى أن أيت مازيغ «تقع على ضفاف بحيرة سد بين الويدان ويبعد مركز الجماعة عن هذه البحيرة بحوالي 3 كلم، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل: لماذا لا يتم إحداث مشاريع للتزود بالماء انطلاقا من هذه البحيرة ، مع العلم أن مياه هذا السد تنقل لعدة مناطق عبر قنوات كبيرة في اتجاه أقاليم:  بني ملال وقلعة السراغنة؟ «.
هشاشة البنية التحتية تعيق الإقلاع السياحي

تتوفر الجماعة على عدة خصائص طبيعية ومواقع أثرية قد تجعل من المنطقة قبلة سياحية، نذكر منها بحيرة سد بين الويدان الواقعة وسط مرتفعات جبال الأطلس، وادي العبيد الملتوي وسط المرتفعات والهضاب الاطلسية ، و وادي أحنصال الذي يصب في البحيرة المذكورة ،إضافة للحصون والقلاع أو ما يسمى بالامازيغية «إغرم « والتي يعود تاريخ تأسيسيها إلى أواخر القرن 19 و منطقة تامكة المشهورة بكاتدرائيتها القديمة… ، إلا أن هشاشة البنية التحتية تحول دون استغلال هذه المؤهلات، ونذكر هنا على سبيل المثال ، وضعية الطريق الوحيدة الرابطة بين جماعة آيت مازيغ ودائرة واويزغت، إذ أن غياب الصيانة أدى إلى تدهورها بشكل كبير.


الكاتب : مصطفى علاوي

  

بتاريخ : 05/03/2020