«إحدى عشرة حكاية من مراكش» : أنيس الرافعي يصمم دليل مراكش الخيالي

صدر، حديثا، عن دار أكورا للنشر والتوزيع طنجة المغرب،كتاب قصصيّ للكاتب المغربيّ أنيس الرّافعي، موسوم بـ « إحدى عشرة حكاية من مراكش «( ط1، 2024) ، تخللتهُ بالأبيض والأسود صور فوتوغرافية للفنّان حسن نديم ، عن عوالم ساحة جامع الفناء ذائعة الصيت ، وطقوسها راسخة الصِّلة بالتراث والذاكرة المغربيين العريقين .
الكتاب، احتفالٌ قصصيّ/ فوتوغرافيّ باختيار مراكش عاصمة للثقافة الإسلاميّة –
يقعُ المؤلَّف في 110 صفحات من القطع الصغير ، وهو يضمُّ قصصا قصيرة صاغها أنيس الرافعي عن مدينة مراكش ، بطريقة مبتكرة ، أساسُها مراكشٌ متخيّلةٌ، بوصفها فضاءً كونيًّا لتقاطع معيشٍ أسطوريّ، وتاريخٍ مُموَّه ، مع شخصيّات مشهورة، علقَت ذات يوم في الزمن الدائريّ والمتاهات المتشعّبة للمدينة، من قبيل عبّاس صلادي، بورخيس ، تشرشل، كانيتي، أورويل ، ماجوريل ، أناييس نين، غويتيسولو، جان جونيه، بول بولز، محمد بن علي الرباطي، دولاكروا، هتشكوك ، ماريا قداما، عبد الفتاح كيليطو ..جميعُ هاته الشخصيّات نُلفيها بين أطواء الكتاب حقيقيّةً ، بيد أنَّ الأحداث برمّتها من وحي الخيال، أو بالأحرى نُلفيها شخصيات مُعادة التدوير أدبيّا ، وفق مبادىء التخييل الغيريّ المضادّ للنظرة الاستشراقية المبتسرة، تطوفُ مجازيّاً في الحضرة المراكشية على متن بُراق حكائيّ، ومعراجٍ توهُّمي، ثمّ تعبرُ أبوابها الموازيّة، تلك التي اختلقها أنيس الرافعي ، كما لو كان يتصوّرُ نفسهُ دليلا سياحيا حاذقا لمدينة لامرئيّة تقعُ بجوار مراكش الفعليّة .
نُشر الكتاب بمناسبة اختيار مدينة السبعة رجال، هذا العام ، عاصمة للثقافة الإسلاميّة، حيث مدافن و أضرحة أهمّ صُلحاء المغرب وقضاته ومتصوّفته و فقهائه ( يوسف بن علي، القاضي عياض، الصنهاجي، السهيلي ، أبو العباس السبتي، الجزولي، عبد العزيز التباع ، الغزواني…)..و قد أهداه المؤلِّف إلى الناقد العراقي الدكتور عبد الله إبراهيم؛ « نَطَاسِيُّ المَغَازي وحَكيمُ المَعَاني» .
يقول الرافعي عن هذا العمل:
«نريد ، حسن نديم وأنا، أن نقدم مراكش عبر محكياتها الأكثر إدهاشا وسحرا و إثارة..تصل إلى مراكش فيستقبلك على بوابة المطار خورخي لويس بورخيس شخصيا ..تركب التاكسي مع جورج أورويل ..يتكلف بك إلياس كانيتي في الفندق..ويشرف على جولاتك السياحية داخل المدينة العتيقة خوان غويتيسولو..يقترح عليك عباس صلادي طوافا بين المتاحف و المعارض الفنية.. و يمضي بك جاك ماجوريل إلى ضواحي المدينة وطبيعتها الخلابة..يرافقك وينستن تشرشل على وجبة العشاء في المطاعم المفتوحة للساحة .. ويشرب بمعيتك ألفريد هتشكوك شايا منعنعا على إحدى السطيحات العلوية للمقاهي المطلة على ساحة العجب مثل آلاف المظلات الشمسية المغلقة المزروعة في لوحة صباغية بحجم ساحة شعبية تعادل كوكبا صغيرا للبهجة و للفرجات الماقبل مسرحية..نريد أن يفتح أحدهم هاته المظلات المطوية، كي ينهمل ظل مراكش المضمر على الكون برمته…
على ظهر الغلاف الرابع ، نقرأ المقطع التالي :
« سيبذلُ ما في وسع العزف إلى درجة سيدخل فيها جميع الحضور إلى غيابات وغياهب نفق طويل طويل طويل من ظلماتهم الداخليّة ، وسيتمنّون في قرارة أعماقهم أن لا تتوقّف نوتاته أبدا ، لأنّ على مشارف كلّ مقطع موسيقيّ كان يلفح أرواحهم بصيص نور في آخر ذلك النفق النفق النفق الطويل . سينقطعُ حسّ الموسيقى ، وستضجّ الحلقة بوابل من التصفيق والنشوة ، تحديدا تلك النشوة ، التي تندلع في الوجوه غبّ لقاء النفس بنفسها بعد ضياع طويل ، وعقب زمن غير محسوس لا ختامَ له .
جميعُ رواد الحلقة كانوا يعلمون ما الذي حدث ، فقط وحدهُ الرجل الغريب ( الذي كان يُدعى بول) لن يعرفَ أبداً أنّ العازف كان أعمى ، أنّ « الهجهوج « كان بلا أوتار ، وبأنّ الفرقة لم تكن موجودة أصلا ! « .


بتاريخ : 13/05/2024