إدريس لشكر في المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بشيشاوة .. الأوراش الكبرى التي قادها جلالة الملك لا يمكن أن تكون موضوع استغلال سياسوي

يجب أن نقر ونعترف، أن الأوراش الكبرى التي قادها جلالة الملك، والتي ساهم فيها كل المغاربة، لا يمكن أن تحسب لهذه الحكومة أو تلك، بل هي تراكم تم بإرادة وحرص شخصي من جلالته، لا يمكن أن تكون موضوع استغلال سياسوي من هذه الجهة أو تلك

إذا كان الهدف من تنظيم كأس العالم هو التنمية البشرية، فينبغي، في السنوات القادمة التي تفصلنا عن هذه التظاهرة الكبرى، إنصاف هذه المناطق وترسيخ حق المواطنات والمواطنين بها، في التنمية

 

ترأس إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، مساء يوم الجمعة 26 شتنبر الجاري، المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بإقليم شيشاوة الذي انعقد بقصبة القايد الكندافي بجماعة بوابوض تحت شعار «نضال مستمر من أجل تنمية مجالية عادلة ومنصفة لجميع روافد الإقليم»، وسط حضور جماهيري لافت، وانخراط حماسي للمناضلات والمناضلين.
وفي بداية كلمته التوجيهية التي ألقاها في افتتاح المؤتمر دعا إدريس لشكر المشاركين إلى الوقوف لقراءة الفاتحة على أرواح شهداء الزلزال الذي عرفته المنطقة.
وأكد الكاتب الأول في كلمته أنه إذا كان الراحل المرحوم الملك الحسن الثاني قد قطع بالبلاد مراحل مهمة في ما يتعلق بالاستقرار والأمن والوحدة الترابية، وفي ما يتعلق كذلك بتأسيس القاعدة الأساسية للانطلاق نحو التقدم والتنمية، فإن جلالة الملك محمد السادس حرص على انطلاق المغرب في مصالحة حقيقية شمالا وجنوبا، سمحت للمغاربة بالتوجه نحو المستقبل، مضيفا أنه إذا كان هناك حزب يُعتبر أنه انخرط في مسلسل هيئة الانصاف والمصالحة من أجل مصالحة وطنية، فهو حزب الاتحاد الاشتراكي بدليل ما تؤكده الخلاصات العامة للهيئة التي نصبها جلالة الملك، والتي بينت أن أكثر من 80 في المائة من ضحايا سنوات الرصاص هم من أبناء الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وقال في هذا الصدد :
«كم سرني في المؤتمرات التي انعقدت، أن التقيت من بين المؤتمرين محكومين بالإعدام في سنوات الرصاص، وصدر في حقهم العفو بعد قضاء مدد طويلة في السجن، لكنهم عندما يتحدثون عن بلدهم، يتحدثون بدون حقد أو ضغينة، منخرطين في المشروع الديمقراطي التنموي الذي يقوده جلالة الملك.».
وذكر لشكر بسياق التحضير للتناوب وتنصيب الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي وزيرا أول بغاية واضحة هي إنقاذ المغرب من السكتة القلبية، حيث اختار الاتحاد المساهمة مع جلالة الملك في هذا المشروع بدون مزايدة، مشيرا إلى أهم الأوراش التي تم الاهتمام بها في السنوات الخمس الأولى من حكم جلالة الملك، و في مقدمتها الحكامة والحريات الفردية والجماعية والمصالحة وقضية المرأة ومجموعة من القضايا الحيوية الأخرى. موضحا أن جلالته اختار بعدها استراتيجية الاشتغال على البنيات الأساسية والأوراش الكبرى التي أحدثت نقلة نوعية.
وقال في هذا السياق» يجب أن نقر ونعترف، أن الأوراش الكبرى التي قادها جلالة الملك، والتي ساهم فيها كل المغاربة، لا يمكن أن تحسب لهذه الحكومة أو تلك، بل هي تراكم تم بإرادة وحرص شخصي من جلالته، لا يمكن أن تكون موضوع استغلال سياسوي من هذه الجهة أو تلك.»
وأكد لشكر أن جلالة الملك كان حكيما جدا، عندما تحدث عن المسار التنموي باعتباره يسير بسرعتين في بلادنا. مبرزا أن المناطق الداخلية كشيشاوة والحوز وأزيلال والمناطق الجبلية والمغرب الشرقي، لم تأخذ حظها من التنمية بالسرعة التي تمت بها على امتداد الشريط المتوسطي والأطلسي. مؤكدا أنه إذا كان الهدف من تنظيم كأس العالم هو التنمية البشرية، فينبغي في السنوات القادمة التي تفصلنا عن هذه التظاهرة الكبرى، إنصاف هذه المناطق وترسيخ حق المواطنات والمواطنين بها في التنمية. وأضاف قائلا « من الصعب أن نستسيغ، أن تنظم منافسات كبرى بمراكش، وبالقرب منها بشيشاوة مثلا، توجد دواوير تعاني العطش.» مشددا على ضرورة الاهتمام بالبنيات التي تهم المواطن مباشرة.
وأكد في السياق نفسه أن الاتحاد الاشتراكي سينكب على إعداد برنامج دقيق لما ينبغي القيام به لإنصاف المناطق، ولكي يسير المغرب بسرعة واحدة.
وبخصوص استحقاقات 2026، شدد لشكرعلى ضرورة أن تكون خالية من التلاعب في صنع الخرائط السياسية والتحكم فيها كما حدث في شيشاوة، داعيا المواطنات والمواطنين إلى الحرص على صيانة هذه الاستحقاقات من كل التلاعبات التي يمكن أن تشوبها بتحمل مسؤوليتهم بصدق و صفاء.
وشدد إدريس لشكر على ضرورة الابتعاد عن العدمية، مؤكدا أن المغرب رغم ذلك، قطع مسارات في التنمية أحدثت فارقا في مستوى عيش المغاربة في العقود السابقة من القرن العشرين، ومستواهم اليوم. وعبر عن تفاؤله بخصوص القضية الفلسطينية والدعم الدولي لحل الدولتين، وابتعاد مكونات الصف الفلسطيني عن المزايدات بعد أن اقتنع أنه لا يمكن هزم عدو متفوق عسكريا بالقوة، ولكن يمكن هزمه بالرأي العام الدولي. حيث قال في هذا السياق:» أمام ما رآه في غزة والضفة الغربية ، كل العالم يضغط من أجل حل الدولتين. اليوم بعد البشاعة التي عاينها في تقتيل الأطفال والنساء، أصبح الجميع يتحدث عن جريمة واضحة ضد البشرية، جريمة إبادة شعب . فصار العالم كله مع القضية الفلسطينية، وإسرائيل صارت معزولة على الأقل على مستوى الرأي العام الدولي والمنظمات الدولية.»
و أشاد الكاتب الأول في كلمته، بما يقوم به المغرب ملكا وشعبا وحكومة لدعم القضية الفلسطينية، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لإنقاذ الأرواح والدفاع عن الحق في الحياة.
وفيما يتعلق بملف الوحدة الترابية، أشاد الأستاذ إدريس لشكر بالمستوى التنموي الذي وصلت إليه الأقاليم الجنوبية، وبتضحيات القوات المسلحة الملكية في الدفاع عن حرمة الوحدة الترابية وفرض سيادة المملكة على ترابها وتأمين حدودها، مبرزا أهمية التحول في الرأي العام الدولي الذي يساند مبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، معربا عن قناعته بأنها بداية المسار للحل النهائي بهذا المشكل.
من جهته استحضر الكاتب الجهوي للحزب بجهة مراكش آسفي عبد السلام كريم، في كلمته التي ألقاها في افتتاح المؤتمر الإقليمي الرابع للحزب بشيشاوة، سياق انعقاد هذه المحطة التنظيمية المنخرطة في الدينامية التي يعرفها الحزب، بتنظيم أزيد من ستين مؤتمرا إقليميا في عموم تراب المملكة، معتبرا ذلك دليلا على التجذر الشعبي لحزب القوات الشعبية، مضيفا أن الاتحاد الاشتراكي بالجهة يعرف نفسا جديدا.
وأشار عبد السلام كريم إلى تداعيات ما عاشته جهة مراكش آسفي من توالي سنوات الجفاف وكذا زلزال شتنبر 2023، وهي تداعيات تزداد عمقا بحكم أن 75 بالمائة من ساكنة الجهة تعيش في العالم القروي بفعل المعاناة المستفحلة للقطاع الفلاحي، مؤكدا أن الجهة تحتاج إلى إجراءات المستعجلة رصد مزيد من الاستثمارات العمومية لمواجهة الاحتياجات المتفاقمة.
كما استحضر ما يحصل بقطاع غزة من إبادة جماعية، توازيها رسالة من شعوب العالم التي تدين هذا العدوان وتساند حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته على أرضه.
وبدوره أكد عبد السلام بن سعيد رئيس اللجنة التحضيرية في كلمته، أن المؤتمر ينعقد في ظل طموحات مناضلات ومناضلي الحزب وساكنة الإقليم في الانعتاق من أوزار الهشاشة التي فرضتها عليهم السياسات الحكومية المجحفة وغير العادلة. مشددا على أن ذلك يفرض عليهم التحلي بروح المسؤولية الكافية لمواجهة كل التحديات بما يتناسب والوزن السياسي التاريخي للحزب.
و دعا المناضلات والمناضلين إلى رفع تحدي إعطاء انطلاقة حزبية واعدة بنفس جديد سواء على مستوى حكامة التدبير الحزبي أو على مستوى ابتكار بدائل تنموية عادلة ومقنعة للرأي العام الإقليمي والمحلي، مؤكدا أنها انطلاقة إذا كانت صحيحة ستكون كفيلة بوضع الحزب في المرتبة التي يستحقها تاريخيا على المستويين الإقليمي والجهوي، وهو المبتغى الذي يسعى المؤتمر الإقليمي إلى تحقيقه .
و أكد عبد السلام بن سعيد أن اختيار شعار المؤتمر ليس من باب الصدفة بل هو تعبير عن إيمان الاتحاديين والاتحاديات الراسخ بكون تحقيق التنمية المستدامة لا يمكن أن يتم دون عدالة اجتماعية توزع فيها الثروات بشكل عادل، مضيفا أنه بدون عدالة مجالية لا يمكن إنهاء مسلسل التهميش الذي تعانيه العديد من المناطق في إقليم شيشاوة، لكون التنمية الحقيقية هي التي تلامس حياة المواطن البسيط وتضمن له الحق في التعليم والصحة والشغل والبنية التحتية اللائقة.
وأشار عبد السلام بن سعيد إلى أن تجربة الحكومة الحالية زادت من تعميق الفوارق الاجتماعية برهان برامجها على النمو الاقتصادي الذي صب في تركيز أغلب مشاريعه على إغناء الأغنياء وتفقير الفئات الهشة والعريضة من المجتمع المغربي وخاصة في المناطق القروية التي زاد توالي سنوات الجفاف في إضعاف قدراتها الشرائية وحرمانها من فرص الإنتاج والدخل المعتمدة أساسا على الفلاحة التقليدية والمعيشية، في ظل غياب أي التفاتة حكومية لخلق بدائل حقيقية، والاكتفاء بالتعويضات الاجتماعية الهزيلة المهددة باستمرار بوهم ارتفاع وانخفاض المؤشر، دون تحقيق أي تحسن يذكر على عيش الساكنة.
عصام الوازي الذي تحدث باسم النقابة الوطنية للصحة العمومية (فدش)، أكد في كلمته بأن أي إصلاح للمنظومة الصحية لا يمكن أن ينجح إلا عبر التعاون الوثيق بين الفعل السياسي والفعل النقابي، لأن المعركة في جوهرها واحدة، هي معركة من أجل الكرامة والعدالة الاجتماعية وضمان الحق في الصحة كحق دستوري لكل المواطنات والمواطنين. وأكد أن الفدرالية الديمقراطية للشغل ستظل وفية لهذا النهج الوحدوي من أجل بناء مغرب متضامن ديمقراطي وحداثي، يكون فيه المواطن في قلب كل السياسات العمومية.
الجلسة الافتتاحية للمؤتمر سيرها بأناقة أحمد بومعيز الذي أكد أن بهذه الدينامية التي يعرفها الحزب، يعلن الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية انخراطه وانسجامه مع منطوق ودلالات الخطاب الملكي السامي الأخير حتى لا يسير المغرب بسرعتين، موضحا أن منطقة شيشاوة التي كانت تعتبر نائية، تدخل اليوم في قلب اهتمام وأجندة حزب القوات الشعبية من أجل تنمية مجالية عادلة ومنصفة لكل تراب الإقليم والمنطقة.
وانتخب المؤتمر عبد السلام بن سعيد كاتبا إقليميا للحزب، والطيب هرويد رئيسا للمجلس الإقليمي.
وعرف المؤتمر حضور عضوي المكتب السياسي بديعة الراضي ومحمد ملال، وأعضاء الجهة بالمجلس الوطني للحزب، وأعضاء الكتابة الجهوية، والكتابات الإقليمية بالجهة.

*************

انتخب المؤتمر عبد السلام بن سعيد كاتبا إقليميا للحزب والطيب هرويد رئيس للمجلس الإقليمي


الكاتب : n عبد الصمد الكباص

  

بتاريخ : 29/09/2025