«إدوارد سعيد: من تفكيك المركزية الغربية إلى فضاء الهجنة والاختلاف»

أصدر الباحث والمُترجم المغربي محمد الجرطي، كتابا عنونه بـ»إدوارد سعيد: من تفكيك المركزية الغربية إلى فضاء الهجنة والاختلاف».
الكتاب هو عبارة عن مجموعة من المقالات والأبحاث باللغة الفرنسية التي تناولت محطات نقدية مُختلفة من حياة إدوارد سعيد. من الأدب إلى الاستشراق، فضلا عن إشكاليات الخطاب والمعرفة والسُلطة، أيضا أخلاقيات العنف، وأحاديث وأفكار المنفى، ووصولا إلى دور المثقف المُلتزم. نتناول بإيجاز أبرز الخطوط الفكرية التي جاءت في هذا الكتاب.
في الفصل الأول من الكتاب، يطرح الباحث توماس بريسون، مقارنة لما أهم ما جاء به المفكران المصري أنور عبد الملك، والفلسطيني محل الحديث إدوارد سعيد، عن أزمة الاستشراق.
يوضح توماس ماهيّة التناول، التقاربات والاختلافات، حيث طرح أنور عبد الملك كتابا تفكيكيا «الاستشراق في أزمة» عام 1963، إبان وجوده بفرنسا، وقبل صدور كتاب الاستشراق لسعيد عام 1978.
يتناول بريسون، لماذا أخذ كتاب إدوارد صدى أوسع وأشمل عالميا، بينما لم تنل أطروحة عبد الملك هذا الصدى، ناهيك عن التقاربات والاختلافات بين الحقلين الأكاديميين الفرنسي والأمريكي.
كذلك يضم الفصل الأول، دراسة للباحثة سونيا دايان هَرزبرون، عنوانها «الاستيهام الكولونيالي من فرانز فانون إلى إدوارد سعيد».أما في الفصلين الثاني والثالث، فقد طُرحت عدة موضوعات متقاربة وُمتشابكة، منها سؤال ما هي الهُوية، إذ يرى سعيد أن الهُوية الإنسانية ليست فقط غير طبيعية وغير ثابتة، بل هي نتاج لبناء فكري حين تكون بمنأى عن الاختراع المُختلق. يرفض سعيد بشدة الثنائيات المَانوية، والتي اعتمد عليها الاستشراق، إذ وضع نفسه كمركزيّة، وصنّف ما يحكي عنه بالآخر المُتدنّي، كذلك يرفض إدوراد وصف الغرب من قبل الشرق بالآخر.
يناقش الفصل الثالث، وجودية المنفى في رحلة سعيد الحياتية، تحديدا كتابه «تأملات في المنفى» وهو كتاب يحوي 50 مقالة كُتبت بين عامي 1967 و1999.
ناقشت بعض الدراسات التي نُشرت لمجموعة من الباحثين، عن حيوات سعيدة المُتعددة من فلسطين إلى مصر والولايات المتحدة الأمريكية وعمّان وبيروت. كيف ينظر سعيد إلى المَنفى، وكيف فَككه في كتاباته.
لم يهمل الكتاب أيضا، أطروحة سعيد حول المثقف والإمبريالية، حيث اتخذ سعيد في مقالاتٍ كثيرةٍ له، فضلا عن كتابه «الثقافة والإمبريالية» موقفا مُلتزما، حول دور وواجب المثقف حيال قضايا الإنسانية بشكلٍ مُجرّد.
وهذا ما يأخذنا أيضا إلى تأثر سعيد بكتابات الفيلسوف الإيطالي أنطونيو غرامشي، حول المثقف العضوي والمثقف التقليدي (التابع للسُلطة). كذلك ما سطّره غرامشي عن الهيمنة الثقافية، تفكيكها من خلال استراتيجيات عدّة، أهمّها حرب المواقع الفعّالة في المؤسسات الثقافية للدولة والمُجتمع.
نهايةً يوضّح الكتاب، تأثر سعيد بكتابات ميشيل فوكو عن السُلطة، بكافة تنوعاتها، وهذا ما ساعده على بلّورة هيمنة منظومة الاستشراق، وعلى صعيد آخر مآخذ سعيد عن استسلام الفوكوية التامة لهذه السُلطة، ومحو ذاتية الآخر/المُستعمَر/المُستبَد، الذي لا يُمكنه المقاومة للسُلطة المُهيمنة.


بتاريخ : 23/08/2022