إيمانويل ديبوي: الرئيس إيمانويل ماكرون شكر الملك محمد السادس كما ينبغي على وساطته

إيمانويل ديبوي هو رئيس المعهد الأوروبي للأمن والاستشراف (IPSE) ، وهو متخصص في قضايا الأمن الأوروبي والعلاقات الدولية، وأحد كبار الخبراء في العلاقات الفرنسية المغربية.
في هذه المقابلة، يشاركنا رأيه حول الوساطة التي قام بها جلالة الملك محمد السادس من أجل تحرير الرهائن الفرنسيين المحتجزين في بوركينا فاسو.

o o ما هو تعليقك كايمانويل ديبوي على الوساطة المغربية من أجل تحرير أربعة مواطنين فرنسيين كانوا محتجزين في بوركينا فاسو منذ عام؟

n n أعتقد أن الرئيس إيمانويل ماكرون شكر الملك محمد السادس كما ينبغي على هذه الوساطة. كانت فرنسا تواجه صعوبة في الحصول على أي شيء من نظام إبراهيم تراوري، إذ كان هناك تباين في التفسير بين نسخة واغادوغو ونسخة باريس. باريس كانت ترى وضعهم على أنهم رهائن تم اعتقالهم بشكل غير مبرر، بينما كان إبراهيم تراوري يعتبرهم عملاء للمخابرات الفرنسية (DGSE) جاءوا إلى بوركينا فاسو لتهيئة محاولة لزعزعة الاستقرار. لذا، كان الملف سياسيًا بحتًا. من المهم أن نرحب بالجهود التي بذلها الملك محمد السادس، بفضل قدراته وعلاقاته الجيدة جدًا مع السلطات في بوركينا فاسو علاقات لا نملكها نحن بالطبع منذ عام2022 ومع وصول النظام العسكري إلى السلطة حيث استطاع التدخل بفعالية في هذه القضية. ويجب أيضًا التأكيد على أن فرنسا أصبحت الآن قادرة على الاعتماد على المغرب للحصول على نتائج في مواقف لا يمكنها فيها التفاوض مباشرة مع بعض الدول، خاصة بعد الانقلابات العسكرية في مالي في عام 2020، وفي بوركينا فاسو في عام 2022، وفي أماكن أخرى.

o o هل تم ملاحظة هذه الوساطة المغربية لتحرير أربعة مواطنين فرنسيين من قبل الطبقة السياسية الفرنسية؟ وهل تم استقبالها بشكل إيجابي؟

n n لقد مرت هذه الوساطة دون أن تلاحظ تقريبًا، لأن الطبقة السياسية الفرنسية كانت مركزة على مواضيع أخرى. أولًا، كانت الأزمة المأساوية والدراماتيكية في مايوت، بالإضافة إلى الأزمة السياسية المرتبطة بصعوبة تشكيل الحكومة، تشغل الاهتمام. لم يعد الساحل هو البداية والنهاية في الحياة السياسية الفرنسية. وفي الوقت نفسه، أصبحت العلاقات مع المنطقة متناقضة. لذا، يُنظر إلى هذا الموضوع على أنه هامشي في دبلوماسيتنا. ومع ذلك، لا يسعنا إلا أن نرحب بالنتيجة التي أسفرت عنها هذه الوساطة. ويكتسب ذلك مزيدًا من التقدير لأن مصير هؤلاء المواطنين الأربعة كان يختلف حسب التفسير الزائف الذي قدمته بوركينا فاسو.

o o هل تعكس زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لجنود فرنسا في جيبوتي، إحدى القواعد الكبرى في إفريقيا، وزيارته لإثيوبيا، اهتمام فرنسا بمنطقة شرق إفريقيا التي تشهد العديد من التوترات (السودان، الصومال، دون التطرق إلى اليمن)؟

n n هذا يؤكد أن وجودنا العسكري لا يقتصر على غرب إفريقيا أو خليج غينيا. لدينا حاليًا ما يقرب من 1200 جندي في جيبوتي، وقد تم تجديد اتفاق الدفاع الذي تم توقيعه بعد استقلال جيبوتي في عام 1977. تم تأكيد وجود قواتنا العسكرية وخمس قواعدنا العسكرية في الأراضي الجيبوتية بعد مفاوضات طويلة.
هناك قضية أخرى تتعلق بالانتخابات المقبلة لرئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، حيث يُعد محمد علي يوسف، وزير الشؤون الخارجية في جيبوتي، مرشحًا جادًا. لذلك، تعتبر هذه الزيارة أيضًا وسيلة لتعزيز هذا الدعم، حتى لو كانت فرنسا لا تستطيع التدخل رسميًا في هذا العملية.
وأخيرًا، لا ينبغي نسيان أن شرق إفريقيا، وخاصة إثيوبيا، تحتضن مقر الاتحاد الإفريقي. مع ذلك، لا تعكس هذه الزيارة تحولًا كبيرًا في الدبلوماسية الفرنسية نحو شرق إفريقيا. إذا كان من المتوقع أن يتم توجيه السياسة الفرنسية نحو منطقة أخرى بسبب الفشل الأخير في الساحل، فسيكون ذلك بشكل أكبر نحو إفريقيا الجنوبية، حول دول مثل أنغولا، ناميبيا، جنوب إفريقيا، وموزمبيق.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى التوترات الجيوسياسية في المنطقة، وخاصة مع جزر القمر، حيث ينتقد رئيسها «ازدواجية المعايير» التي تمارسها فرنسا. على إثر ضرب الإعصار «تشيدو» بشدة جزيرة مايوت، وكذلك شمال شرق موزمبيق وجزر القمر، مما يضيف إلى تعقيدات الى الوضع الدبلوماسي.

o o هل ستواجه فرنسا علاقات أكثر تعقيدًا مع جميع الدول الإفريقية؟

n n ستطور فرنسا علاقات جديدة مع الدول الإفريقية. إن اختصار هذه العلاقة إلى وجود عسكري سيكون رؤية قاصرة. بالتأكيد، نواجه صعوبات في ثلاث دول (مالي، بوركينا فاسو، غينيا)، وهذه الدول ليست ديمقراطيات في الأصل. لكن العلاقة بين فرنسا والقارة الإفريقية لا تقتصر على هذه السياقات الخاصة. فرنسا تظل شرعية في تواجدها متعدد الأبعاد في إفريقيا. تنتقد حقيقة أن هذه الأنظمة غير شرعية منذ ما يقارب الخمس سنوات، ولكن ذلك لا يُؤثر على رغبتها في إقامة شراكات قوية مع دول إفريقية أخرى.


الكاتب : باريس: مقابلة أجراها يوسف لهلالي

  

بتاريخ : 23/12/2024