اتهمتها بالتغول والهيمنة والاستقواء بالمنطق العددي‮‬ … ‬المعارضة بمجلس النواب‮ ‬تتوحد للتصدي‮ ‬لانحرافات الأغلبية‮ و ‬ترصد‮ ‬17‮ ‬انزلاقا حكوميا‮‬

أصدرت فرق المعارضة بمجلس النواب (الفريق الاشتراكي / الفريق الحركي / فريق التقدم والاشتراكية / المجموعة النيابية للعدالة والتنمية)، بلاغا عبرت من خلاله عن اعتزازها بتصاعد مكانة المغرب على الساحة الدولية والإقليمية والقارية، وكذا بالمكاسب الدبلوماسية الكبيرة التي تحققها على درب الطيِّ النهائي لملف قضية وحدتنا الترابية، تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس. معتبرة أن حل النزاع الإقليمي المفتعل حول صحرائنا المغربية لا يمكن أن يكون إلا على أساس سقف مقترح الحكم الذاتي المشهود له بالجدية والمصداقية. داعية الأطراف المناوئة وخصوم الوحدة الترابية إلى الابتعاد عن نهج المناورات والاستفزازات غير المجدية تُجاه بلادنا، والتحلي بالحكمة والمسؤولية وبُعد النظر، لما فيه مصلحة الشعوب وضمان السلم والاستقرار والتنمية.
مثلما توقف البلاغ عند الظروف الاستثنائية (دوليا ووطنيا) بسبب انتشار وباء كوفيد 19، وما نتج عنه من فرضٍ لحالة الطوارئ الصحية، دون إغفال استحضار مضامين الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية الحالية، لاسيما تحميل الحكومة والبرلمان، أغلبية ومعارضة، مع جميع المؤسسات والقوى الوطنية، مسؤولية إنجاح المرحلة من خلال التحلي بروح المبادرة والالتزام المسؤول، كما عبرت فرق المعارضة الأربع عن اعتزازها بالأدوار الحيوية للمؤسسة البرلمانية، إلى جانب باقي سُلُطاتِ الدولة ومؤسساتها وكافة مُكونات الشعب المغربي، في التدبير الجماعي الجيد للأزمة الصحية، بفضل القرارات الحكيمة والاستباقية لجلالة الملك محمد السادس. مشددة على الدور الحيوي للبرلمان في الحياة السياسية الوطنية، وفي تطوير بِنائنا الديمقراطي، من خلال تَوَلِّيه سلطة التشريع وممارسة الرقابة على السلطة التنفيذية.
ملتزمة حرصها على العمل بروح التعاون والتكامل مع الحكومة لتمكين البرلمان من القيام بمهامه على أكمل وجه طبقا للمقتضيات الدستورية في مجالات التشريع والرقابة وتقييم السياسات العمومية وكذا الديبلوماسية البرلمانية.
معربة عن قلقها من ممارسات منافية لروح الدستور (الذي خول للمعارضة البرلمانية حقوقا أساسية في فصله العاشر معتبرا إياها مكونا أساسيا بمجلس النواب في فصله الستين)، منذ تشكيل الحكومة وأغلبيتها البرلمانية، حيث ساد طيلة هذه الفترة ما اعتبره البلاغ نوعا من التغول والهيمنة البرلمانية للحكومة وأغلبيتها، اللتين يَــتَمَــلَّــكُـهمـا نُـــزُوعٌ مُفرطٌ نحو الاستقواء بالمنطق العددي الضيق على حساب الاستناد إلى المنطق الديمقراطي الذي يُــعلي من شأن التعددية ويَصُونُــها. مقدمة الدليل من خلال نزوعها الهيمني في تعاطيها مع المعارضة بمناسبة هيكلة أجهزة مجلس النواب. مما جعلها تقرر المبادرة إلى توحيد جهودها والتنسيق في ما بينها، لأجل التصدي لانزلاقات وانحرافات الأغلبية، وإثارة الانتباه إلى خطورة ذلك على الخيار الديمقراطي وعلى التقيد بروح الدستور ومنطوقه، وكذا على التأويل الديمقراطي للنظام الداخلي لمجلس النواب.
وأنه على أساس هذا المنطق، ودفاعاً عن المكتسبات التي راكمتها المؤسسة البرلمانية في تحصين التعددية السياسية وصون حقوق المعارضة وحماية التوازن المؤسساتي، تقدمت فرق ومجموعة المعارضة بمجلس النواب، في إطار مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2022، بتصور مشترك ومقترحاتٍ موحدة. مسجلة أسفها أمام رفض الحكومة، بشكل ممنهج، تعديلات المعارضة، رغم حرص هذه الأخيرة على تقديم مقترحات ترمي إلى إقرار تدابير تُعزز المنظومة الاجتماعية والاقتصادية، على الرغم من البرمجة المقلصة التي دفعت بها الحكومة وأغلبيتها البرلمانية مُتحججةً بضغط الأجندة الدستورية لمسطرة التصويت والمصادقة.
ودعت فرق المعارضة في بلاغها إلى ضرورة صيانة التعددية السياسية والتوازن والتكامل المؤسساتيين خدمة للأفق الوطني المشترك. مبدية قلقها الشديد إزاء النقط الآتية:
التضييق على فرق ومجموعة المعارضة، بعدم تمكينها من المساحة الزمنية الكافية واللازمة لممارسة مهامها التشريعية وأدوارها الرقابية، مع استحواذٍ يكاد يكون كُــلِّــياًّ للحكومة والأغلبية البرلمانية.
التخلف عن الموعد الدستوري لعقد جلسة المساءلة الشهرية للسيد رئيس الحكومة في مجال السياسة العامة، إذ لم تنعقد إلاَّ جلستان طيلة أربعة أشهر كاملة، وذلك في استخفافٍ تام بمقتضيات الدستور، وبمكانة مجلس النواب وبأدواره الرقابية الأساسية.
عدم تجاوب الحكومة مع طلبات المعارضة للتحدث في مواضيع عامة وطارئة تستلزم إلقاء الضوء عليها وإخبار الرأي العام الوطني بها، وذلك طبقا للمادة 152 من النظام الداخلي للمجلس.
غياب عدد من الوزراء عن جلسات الأسئلة الشفهية، واكتفاء الحكومة بتقديم عددٍ هزيل جدا من الأجوبة عن الأسئلة الكتابية التي تَوَجَّــهَ بها أعضاءُ مجلس النواب.
التعطيل العملي لأشغال اللجان الدائمة، من خلال رفض الحكومة، بشكلٍ ممنهج وغير مفهوم وغير مبرر، حضور الاجتماعات التي تطلب فرق ومجموعة المعارضة عقدها لمناقشة قضايا ذات أهمية وراهنية.
تجاهل الحكومة للمبادرات التشريعية المهمة المتمثلة في مقترحات القوانين التي تقدمت بها المعارضة، والتي بلغت 59 مقترح قانون، بما يفوق 85 في المائة من مجموع المقترحات، علما أن الفصل 82 من الدستور ينص على تخصيص يوم واحد على الأقل في الشهر لدراسة مقترحات القوانين.
هزالة الأداء التشريعي للحكومة خلال الدورة الخريفية، إذ أن عدد مشاريع القوانين المصادق عليها بمجلس النواب لم يتجاوز ثلاثة نصوص تشريعية (قانون المالية لسنة 2022، قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية للسنة 2019، القانون التنظيمي للتعيين في المناصب العليا) و14 اتفاقية.
إقدام الحكومة على سحب مشاريع قوانين ذات أهمية بالغة دون تفسير أو تبرير أو توضيح أو تشاور، من قبيل مشروع القانون الجنائي، ومشروع قانون التغطية الصحية، ومشروع قانون الاحتلال المؤقت للملك العمومي للدولة ومشروع قانون المناجم، وذلك من غير تحديدِ مصير هذه النصوص الهامة ولا أيِّ أفق زمني لإعادة إيداعها في ظل عدم توفر الحكومة على مخطط تشريعي.
حرمان الرأي العام من متابعة أشغال اللجان الدائمة برفض رفع السرية عن اجتماعاتها في حدود المقتضيات القانونية الجاري بها العمل.
عدم اتخاذ إجراءات عملية لتفعيل الترجمة الفورية إلى اللغة الأمازيغية، لتمكين كافة الشعب المغربي على قدم المساواة من حق متابعة أشغال المجلس.
غيابُ تَوَاصُــلِ الحكومة مع المؤسسة البرلمانية والفرقاء الاجتماعيين والرأي العام، واتخاذها لإجراءات غير مفهومة تسببت في توترات واحتقانات اجتماعية، في ضربٍ تام للمقاربة التشاركية والعمل الجماعي المشترك.
تَعَمُّــد رئيس الحكومة تَجاهل وتجاوز المؤسسة التشريعية باستعمال الإعلام العمومي في تقديم “حصيلة عمل” حكومته خلال 100 يوم، في الوقت الذي كان من اللائق،ديموقراطيا ورمزياً، تقديمه أمام البرلمان، وعبره إلى الرأي العام.
نهجُ الحكومة لسياسة التبرير إزاء المنحى المُقلق لارتفاع أسعار المحروقات وأثمنة معظم المواد الاستهلاكية الأساسية، وعدم مبادرتها إلى استعمال صلاحياتها في التدخل الناجع لضبط الأسعار وتخفيف تأثير تقلبات السوق الدولية، بغاية حماية القدرة الشرائية لعموم المواطنات والمواطنين، وخاصة الشرائح المُستضعفة.
قصور المقاربة الحكومية لأزمة التشغيل ولجوئها إلى برامج ترقيعية محدودة الأثر، غير كافية لامتصاص البطالة وتوفير مناصب شغل قارة خاصة في وسط الشبابّ والنساء.
تقاعس الحكومة عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين الأمن الطاقي والمائي والدوائي والغذائي، ولتدبير المخزون الاستراتيجي لبلادنا في كافة هذه المجالات، وتجاهلها، على وجه التحديد، لمسؤوليتها في إيجاد حل شامل ونهائي لمعضلة مِصفاة “لاسامير”.
عدم مبادرة الحكومة إلى اتخاذ ما يلزم من إجراءاتٍ ملموسة لدعم الفلاحين الصغار الذين يُعانون من تداعيات الجائحة ومن انعكاسات الجفاف وغلاءٍ في أثمنة البذور والأعلاف والأسمدة.
تأخر الحكومة عن اتخاذ إجراءات عملية استباقية لمعالجة أزمة الماء التي تلوح في الأفق القريب سواء تعلق الأمر بمياه السقي أو بالماء الصالح للشرب في عددٍ كبير من مناطق بلادنا.
ليخلص البلاغ، تأسيسا على ما سبق، إلى أن الحكومة لا تحترم المؤسسة التشريعية واختصاصاتها، وترتكن إلى مفهومٍ عددي ضيق للممارسة الديمقراطية. منبهة إياها وأغلبيتها إلى عواقب سلوكها ونهجها وسياساتها، كما تثير انتباهها إلى المخاطر التي تضع فيها بلادَنا، نتيجة ابتعادها عن التوجه نحو الأفق المشترك بوضع الأسس الصلبة للتفعيل الأنجع للنموذج التنموي الجديد، والإقدام على مبادرات إصلاحية جريئة ومتشاور بشأنها مع مختلف الفاعلين المجتمعيين. داعية إلى التجاوب مع مطلبها الآني في إجراء تعديل عاجل وعميق للنظام الداخلي لمجلس النواب، بما يحفظ حقوق المعارضة ويصون التعددية. مؤكدة عزمها على مواصلة التنسيق المُحكَــمِ والفَعَّال بينها كمعارضة، من أجل المصلحة الوطنية ودفاعاً عن قضايا المواطنات والمواطنين، في أفق كسب التحديات الديمقراطية والتنموية للمغرب.


بتاريخ : 08/02/2022