نظم مركز العيون لتأهيل الكفاءات التابع لمؤسسة فوسبوكراع، حفل تقديم وتوقيع كتاب الناقد ابراهيم الحَيْسن «الكاريكاتير في المغرب/ السخرية على محك الممنوع» الفائز بجائزة المغرب للكتاب (صنف الدراسات الأدبية والفنية واللغوية، دورة 2019)، وذلك مساء الجمعة 06 دجنبر 2019 بقاعة الندوات والمحاضرات التابعة للمركز.
وقد شهد اللقاء، الذي أدار أطواره ذ. محمد اباك، حضور ومشاركة الكاتب الإعلامي ذ. بوشعيب الضبَّار الذي اعتبر أن هذا الكتاب جاء في توقيته تماماً، بعد أن أصبح من اللافت للانتباه، ما يسجله الرسم الصحافي الساخر، في السنين الأخيرة، من حضور متزايد في الصحافة المغربية، مكتوبة وإلكترونية، وفي مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، وهو الأمر الذي يعني، في ما يعنيه، أن هناك وعياً بأهمية هذا الفن الذي استطاع أن يفرض نفسه من خلال تفجيره لمجموعة من الملفات المسكوت عنها، عبر تنوُّع التجارب، وتعدُّد التعبيرات والأنماط والأساليب الفنية، مضيفاً أنه في الماضي البعيد، وفي إحدى الفترات الحسَّاسة من تاريخ المغرب، كان هناك نوع من الحذر من طرف بعض ناشري الصحف في التعامل مع الكاريكاتير، مخافة الزجِّ بهم في متاهات لا أحد يعرف سبل الخروج منها، فكان الاكتفاء غالباً بقص رسوم من جرائد ومجلات فرنسية ومصرية، ولصقها لأداء وظيفة واحدة، هي ملء الفراغات البيضاء في الصفحات. اليوم، يكاد أن يكون تقريباً، لكل منبر إعلامي مكتوب أو موقع إلكتروني، رسام كاريكاتير خاص به، يمدُّه يوميّاً بما تجود به ريشته من لذعات حادَّة، تنتقد تقلُّبات الأوضاع السياسية، والتحوُّلات الاجتماعية، مع تفاوت ملحوظ، إن جاز التعبير، في مساحات حرية التعبير، حسب خطوط التحرير.
وقد أشار الأستاذ الضبَّار في مداخلته كذلك إلى أن الحضور المتزايد لفن الكاريكاتير في المغرب، لم يأتِ من فراغ، بل جاء نتيجة تراكم تضحيات كتيبة من الفنانين، خاصة منهم أولئك الرواد الذين وضعوا بصماتهم على أسس البدايات، وكانوا بمثابة علامات مضيئة على الطريق، بعد أن نال كل واحد منهم نصيبه من المعاناة والإقصاء والتهميش، في لحظات مفصلية من تاريخ المغرب السياسي، وخاصة خلال سنوات الرصاص. ليخلص إلى معطى مفاده أن ما يطمئن الخاطر إلى أهمية التسجيل لتطوُّر هذا الفن الساخر، ومواكبته لكل الانعطافات التي شهدها المغرب، بروز مؤشرات تحفز على المضي بمشروع التوثيق نحو مداه الرحب، من بينها كتب لبعض الرواد، مثل ابراهيم لمهادي، والعربي الصبان، ومحمد ليتيم وغيرهم، وتتضمَّن مجموعة من الرسومات النابضة بالسخرية، ولمحات من المنجز الفني والسيرة الذاتية. ولم يكتف الكاريكاتير بذلك، بل امتد ليشمل الملتقيات والمعارض الفنية، حتى أصبح له مواعيد سنوية يتمُّ الاحتفاء فيها برموزه وفنانيه ومبدعيه..
بعد ذلك أعطيت الكلمة لمؤلف الكتاب ابراهيم الحَيْسن الذي نوَّه بالحضور الكريم وثمن جهود الزميلات والزملاء بالمركز وحرصهم على إنجاح اللقاء الذي كان بهيَّاً وتفاعليّاً، ليشير عقب ذلك إلى أن للكاريكاتير في المغرب ذاكرة وتاريخ بفضل ما راكمه مبدعوه من تجارب وإنتاجات عديدة ومتميِّزة بعد أن عاش البعض منهم لحظات محنة واختيارات في فترات سياسية وثقافية واجتماعية مختلفة، حيث ظلَّ فن الكاريكاتير في المغرب معرَّضاً للتضييق والخناق بسبب انعدام حرية التعبير لسنوات وظل أيضاً غير معترف به داخل النسيج الثقافي الوطني ولم يكن يهتم به سوى ممارسيه وقلة قليلة من المثقفين. ورغم ذلك، فقد تبوأ الرسم الكاريكاتيري في المغرب مكانة متقدِّمة على المستوى العربي وصار منافساً لمجموعة من التجارب الرائدة التي يحفل بها تاريخ الكاريكاتير العربي
وازداد تفاعل الحاضرين مع وقائع اللقاء لاسيما بعد أن تمَّ عرض وتحليل مجموعة من الصور التي تؤرِّخ لمسار فن الكاريكاتير في المغرب بالتركيز على رسومات رواده ومؤسسيه ومبدعيه المخضرمين والشباب.
وبعد أن فتح باب المناقشة، وفي التفاتة مفاجئة، قدَّمت مجموعة من قدماء إعدادية التعاون بالعيون (جيل التسعينات) باقة ورود جميلة ذات دلالات لأستاذهم السابق الناقد ابراهيم الحَيْسن عربون وفاء وإخلاص على منصة التوقيع، وقد استحسن الحاضرون هذا الفعل النبيل وصفقوا له طويلاً في مشهد مؤثر يحمل أكثر من معنى..
احتضنه مركز العيون لتأهيل الكفاءات .. توقيع كتاب «الكاريكاتير في المغرب»
الكاتب : العيون: مراسلة خاصة
بتاريخ : 11/12/2019