نظمت مؤخرا بفاس ندوة تفاعلية نظمها الفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بفاس بمقره الاجتماعي مؤخرا. عرف منطلقها قراءة الفاتحة على روح الإعلامية الفلسطينية شرين أبو عاقلة التي اغتيلت من طرف القوات الاسرائلية في جنين والصحفيين المصورين احمد برادة ونور الدين ديان،
اللقاء يدخل في إطار الاحتفال باليوم العالمي لحرية الصحافة الذي يصادف 3 ماي من كل سنة والذي يعتبر مناسبة لتذكير الحكومات بضرورة الوفاء بتعهداتها حول حرية الصحافة، كما يعد هذا اليوم فرصة للعاملين في هذا الحقل للتوقف على قضايا حرية الصحافة وأخلاقيات المهنة، وهي فرصة أيضا لإحياء ذكرى أولائك الصحافيين والصحافيات الذين قدموا أرواحهم فداءا لرسالة الإعلام .
وفي عرضه أكد الزميل محمد بوهلال أن منظمة اليونيسكو وجمهورية اوراغواي استضافتا من 2 الى 5 ماي 2022 المؤتمر العالمي لحرية الصحافة تحت شعار « صحافة قابعة تحت حصار رقمي»، حيث ناقش المؤتمرون تأثير العصر الرقمي في حرية التعبير، وسلامة الصحافيين في الحصول على المعلومات، بالإضافة إلى قضية الخصوصية .
وقد شارك في المؤتمر صناع القرار من سياسيين وصحافيين وممثلي وسائل الإعلام المختلفة والخبراء القانونيين في محاولة لوضع حد للتهديدات المتمثلة في الرقابة المتزايدة المفروضة على حرية الصحافة .
وفي هذا الصدد أكدت السيدة اودري ازولاي مديرة اليونيسكو بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة انه يجب التصدي للمخاطر التي ينطوي عليها العصر الرقمي واغتنام الفرص التي يتيحها تطويرا للصحافة، حيث طالبت شركات التكنولوجيا والأوساط الإعلامية وسائر فئات المجتمع المدني للتكاثف من اجل رسم معالم جديدة للمشهد الإعلامي الرقمي الحالي بما يضمن حماية الصحافة والصحافيين غلى حد سواء.
ومن المعلوم يضيف الزميل بوهلال أن بلدنا عرف انفجارا رقميا هائلا في الصحافة الالكترونية قبل بدء العمل بمدونة الصحافة التي تمت المصادقة عليها حيث كنا أمام 1500 صحيفة الكترونية، غير انه بذل مجهود جبار من طرف المجلس الوطني للصحافة لتحصين الولوج إلى المهنة وخاصة المادة 16 من مدونة الصحافة التي اشترطت ان يكون مدير النشر صحفيا مهنيا وحاملا لشهادة جامعية وهو ما قلص ذلك الكم،حيث أصبح المغرب يتوفر على 700 جريدة الكترونية فيها الجاد وغير الجاد، فالمشكل هذا ليس مرتبطا بالحجم بقدر ماهو مرتبط بالكفاءة والضمير المهني وأخلاقيات المهنة، ونحن في المغرب لا يتجاوز عدد بطائق الصحافة المهنية المسلمة من المجلس الوطني للصحافة 3500 بطاقة وهو عدد الصحافيين الموجودين في إحدى المؤسسات الصحافية في الضفة الأخرى. واليوم يطرح الكثير من المغاربة سؤال أخلاقيات المهنة، حيث صدرت بيانات تنبه الى تعامل الصحافة الوطنية الالكترونية مع أحداث كبرى كقضية الطفل ريان، إذ وقعت انزلاقات خلال نقل الحدث من طرف عدد من الصحف الالكترونية ، في الوقت الذي أبدع فيه عدد من الزملاء في الصحافة المكتوبة ، لذا يجب ان تكون هناك مناعة لذا المجتمع لرفض مثل هذه الممارسات .
ومما يؤسف له أن الشعبوية تنامت والمنتوج الصحافي الجيد اخذ يضيق لفائدة التفاهة وباتت هذه الأخيرة تقدم محتويات بمنطق السوق وليس بخلفية أدوارها في الإعلام والتثقيف، وان تلك الوسائل أتاحت الشهرة لأناس اقل من العاديين فيما كانت سابقا تتيح الشهرة للمثقفين والمفكرين والأدباء والسياسيين الذين يقومون بأدوار طلائعية حسب تخصصاتهم وعلى أساس جودة الأفكار والمنتوج .
الزميلة بشرى بهيجي اعتبرت أن الموضوع شاسع ومتشعب ويصعب الالمام به في وقت تواصلي وجيز، لكن يمكن ملامسته عبر العناصر الآتية
مستقبل مهنة الصحافة، طرح أسئلة المستقبل؟ تجاوز التحديات، هل نستطيع؟ فمستقبل المهنة حسب خبراء الإعلام، فإن الحاضر المعقول والمستقبل المشرق لمهنة الصحافة يكمن في وجود العوامل التالية، تطورها ومرونتها وقدرتها على مواكبة التغيرات المستمرة في عالم التكنولوجيا ومطابقتها مع مجال الاعلام والصحافة ومنها.
الاندماج الكامل بين وسائل الإعلام المختلفة والتكامل بينها وهذا يتطلب صحافيين بمواصفات جيدة وجديدة ومهارات مختلفة .
إنتاج محتوى يعتمد على الوسائط المتعددة برامج وتطبيقات حديثة ومتطورة وغرف أخبار إذاعية وتلفزية وقاعات تحرير مدمجة ومتطورة .
الاعتماد على محركات البحث والمواقع المفضلة في وسائل التواصل الاجتماعي لمعرفة ما يريده الجمهور وما ينبغي ان تقدمه وسائل الاعلام من خدمات .
ضرورة امتلاك رؤية إستراتيجية من قبل المؤسسات الإعلامية للتعامل مع التكنولوجيات الحديثة وتوظيف توحش الهواتف الذكية وانتشارها كمنصات لتوزيع خدماتها والتفاعل مع الجمهور.
تشريعات قوية واتباع نماذج اقتصادية جديدة والدمج بين التحرير والإعلان .
طرق تمويل المؤسسات العلمية لمواكبة تقنيات ومناهج العصر الحديث تحقيقا للمعادلة القديمة الجديدة مع توجيه المستثمر للاستثمار في هذا المجال .
وخلصت الزميلة بشرى في مداخلتها متسائلة كيف يمكن إعداد صحافيين وإعلاميين بهذا المستوى وبأدوات متطورة ومتجددة للتفاعل مع الجمهور بشكل دائم ؟ وكيف يمكن مواكبة تطور سرعة الانترنيت في أجيالها القادمة؟ .. برامج وتطبيقات حديثة من جيل لآخر يعني أن نكون في حالة دائمة للاستقبال والاستعداد للاستقبال.. الإعلاميون والإعلاميات الذين واكبوا الندوة تفاعلوا مع العرضين مقترحين مجموعة من الآراء، من بينها حماية الصحافيين المهنيين في زمن طغت فيه وسائل التواصل الاجتماعي لترويج الأخبار الكاذبة .
العمل على التكامل بين وسائل التواصل الاجتماعي والصحافة المكتوبة وصولا إلى إعلام مغربي قوي في خدمة المتلقي.
الحفاظ على الهوية المغربية مع احترام خصوصيات الشعوب الأخرى.
ضرورة الضرب على أيادي منتحلي الصحافة ومحاربة الظواهر المشينة لمهنة الصحافة. تحريك المساطر القانونية من طرف وكلاء النيابة العامة وضرورة تعامل المسؤولين مع المهنيين مع الاهتمام بالتكوين وإعادة التكوين.
وفي ختام الندوة التفاعلية أعلن الإعلامي ذ عبد السلام الزروالي الناشط الصحافي والأدبي المندوب الجهوي السابق لوزارة الاتصال بفاس عن إحياء جائزة فاس للإعلام والإبداع بتنسيق مع وزارة التواصل والثقافة وكلية الآداب سايس بفاس ومعهد صروح للثقافة والإبداع والفرع الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بفاس .
أدار الندوة التفاعلية باقتدار الزميل ادريس العادل حيث كان يسلط الضوء بين الآونة والأخرى على عدد من الانزلاقات التي سقطت فيها بعض المواقع جهويا ووطنيا مناشدا السلطات المحلية على التعامل مع الصحافة الجادة ووضع حد لأصحاب الهواتف الذين يسيؤون للمهنة والتعاون بين كل الفاعلين من رجال الأمن والنيابات العامة لتفعيل القوانين المؤطرة لمهنة الصحافة والواردة في مدونة الصحافة .