احتفالا برباط المجاهدين 2/1 .. من هو الولي الصالح مولاي عبد الله أمغارالذي يحج الملايين إلى موسمه كل عام؟

الدكتور أحمد الوارث: عين الفطر تخرج منها العديد من العلماء

وساهمت في الكثير من المظاهر السياسية

 

منذ أزيد من عشر سنوات ظلت جماعة مولاي عبد الله تتحمل عبء تنظيم موسم الولي الصالح محمد ابوعبد الله امغار المعروف وطنيا بمولاي عبد الله امغار قبل ان تسلم تنظيمه إلى الشركات، طبقا لدفتر تحملات دقيق، خاصة بعد أن بدأ يكبر على الجماعة وعلى العمالة وأصبح ينعقد تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتي تتطلب العديد من الملفات من اجل منح، هذه الصفة .
ولأجل توضيح الرؤى عقدت اللجنة المنظمة لموسم الولي الصالح ندوة صحافية قدمت فيها العديد من الملفات التي تهم موسم 2024 حيث أكدت اللجنة أن فضاء الموسم تمت تغطيته بالكامل بالإنارة العمومية مع تقوية الشبكة الكهربائية وربط الموسم بالماء الشروب وتهيئة وصيانة مسجد وضريح الولي الصالح، وهو ما وقفت عليه جريدة الاتحاد الاشتراكي أثناء زيارتها للموسم حيث فضاء الموسم مضاء بالكامل ومزود بكاميرات المراقبة للحد من السرقات والوقوف على كل كبيرة وصغيرة أثناء انعقاده.
مولاي المهدي الفاطمي رئيس جماعة مولاي عبد الله امغار ورئيس اللجنة التنظيمية للموسم أفاد، في تصريحه للاتحاد، أن الموسم انطلق فعليا قبل أكثر من شهرين مباشرة بعد أن تم تلقي تطمينات حول إقامة موسم 2024 لمدة عشرة أيام، واليوم نصل إلى المراحل الأخيرة، حيث تم استقبال الخيول واحصائها وتم تقسيمها على المحركين إلى سربات مع وضع الضوابط اللازمة لذلك، حيث يسهر طاقم مكون من الشركة المنظمة إضافة إلى أطر وعمال الجماعة والشركات الداعمة من أجل مرور التظاهرة في ظروف جيدة، وأضاف أنه تم لحد الآن توفير العلف من الشعير للخيول مع تغطية صحية بيطرية شاملة من طرف فريق بيطري يشتغل على مدار الساعة، وأكد أن كل الاحتياطات قد تم اتخادها سواء المتعلقة بأمن وسلامة المرتفقين أو الأمور المتعلقة بصحة الزوار، في ما يخص مراقبة المأكولات …
وأفاد بلاغ اللجنة المنظمة أن إحصاء سربات الخيل المشاركة بموسم مولاي عبد الله أمغار لسنة 2024، اسفر عن مشاركة 123 سربة، منها ثلاث سربات إناث، بنحو 2126 فارسا وفارسة، يمثلون مختلف جهات المملكة المغربية، الذين حطوا الرحال بعاصمة دكالة من أجل التباري في فن التبوريدة بأكبر موسم على الصعيد الوطني، المنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، من 9 إلى 18 غشت الجاري.
وأقدمت الجهة المنظمة على إحداث تحسينات جديدة بـ»المحرك الثاني» الذي بات يشكل متنفسا أكبر لرواد التبوريدة، وإضافة نوعية للحد من الاكتظاظ الذي يعرفه «المحرك الأول»، وذلك من أجل تقديم عروض التبوريدة في أحسن الظروف.
وأضاف البلاغ أنه جرت عملية إحصاء السربات المشاركة، التي احتضنها المحرك الرئيسي للموسم، في جو من المسؤولية والانضباط، وأشرف عليها الاتحاد الإقليمي لفن التبوريدة بالجديدة مع كافة شركائه، حيث سبقها اجتماع موسم مع كافة ممثلي السرب بحضور رئيس الجماعة لمناقشة كل الأمور التنظيمية، والاستعدادات القبلية.
وأوضح ذات البلاغ ان سعيد غيث، رئيس الاتحاد الإقليمي لفن التبوريدة، أكد أن موسم مولاي عبد الله أمغار يشكل مناسبة مهمة لكل المشاركين من مختلف جهات المغرب، والتقاء قبائل دكالة عبدة والشاوية لصلة الرحم، والحفاظ على الطابع التراثي لمولاي عبد الله الذي يتميز بتنوعه وانفتاحه على الجميع.
وأضاف غيث أنه تم التركيز على أن يكون «المحرك الثاني» في أبهى حلة لهذه السنة، وذلك للحد من الاكتظاظ الذي يشهده «المحرك الأول»، حيث ستتخلل عروض «التبوريدة» تكريمات في حق عدد من «المقدمين».
واعتبر سعيد غيث أن الاتحاد الإقليمي لفن التبوريدة، هو بمثابة صلة وصل بين الجماعة وبين السلطة المحلية لتوفير جميع احتياجات السادة «المقدمين» بما في ذلك التزود بالماء والكهرباء والبارود. حسب ذات البلاغ.
مهدي الفاطمي يطمح لتسجيل الموسم لدى اليونسكو كتراث عالمي لا مادي..
يتعلق الأمر بتظاهرة ثقافية وروحية كبيرة تنظم تحت الرعاية السامية لجلالة الملك محمد السادس، والتي تشكل مناسبة لبعث دينامية كبيرة على مستوى الاقتصاد المحلي والسياحة، كما تم التأكيد على ذلك خلال لقاء صحافي بالجديدة خصص لتقديم فقرات هذا الموعد المهم.
وحسب المنظمين، فإن المؤشرات التوقعية تشير إلى أن حوالي 4 ملايين زائر سيحجون إلى فضاءات موسم مولاي عبد الله أمغار في نسخته 2024، إضافة إلى 2000 فارس وحوالي 35.000 خيمة.
في هذا السياق أبرز مهدي الفاطمي رئيس جماعة مولاي عبد الله أن ” اللجنة المنظمة بمعية شركائها، عملوا على الرفع من مستوى الخدمات المختلفة المتعلقة بالموسم”، مضيفا أنه بعد اعتراف الإسيسكو بهذا الموسم كتراث وطني لا مادي،” طلبنا من اليونسكو تسجيله كتراث عالمي لا مادي”.
وقال إن لجنة رفيعة المستوى تزور الموسم منذ السنة الفارطة لإعداد تقرير تقييمي حول هذا الموضوع، مع العمل على رفعه إلى هيئات اليونسكو ذات الصلة.
وأضاف الفاطمي أن هذا الحدث الثقافي المتجذر بعمق في التاريخ، بتراثه المتنوع اللا مادي، والذي يمثل جزءا مضيئا من الذاكرة الوطنية المشتركة، يشكل محركا لدينامية اقتصادية وسياحية في المنطقة.
وبشأن البعد الثقافي لهذا الحدث الكبير، أشار رئيس المجلس الإقليمي للجديدة محمد الزاهيدي إلى أن “هذا الموسم هو رافعة للتنمية الاقتصادية المحلية”، لأنه يولد ” تأثيرا لا يمكن إنكاره” على مستوى النشاط التجاري في المنطقة.
مولاي عبدالله التاريخ … ورمزية المكان
تقع تيط على الساحل الأطلسي بمنطقة دكالة بعيدا عن مدينة الجديدة بحوالي أحد عشر كلم على الطريق الساحلية المؤدية إلى الواليدية. وتعرف اليوم تيط بمركز مولاي عبد الله . وتعتبر هذه الحاضرة من المراكز العمرانية القديمة بالمغرب.
لقد دلت الآثار المكتشفة في المنطقة على أن هذه البلدة عمرت في عهود مبكرة كما افترضت الأبحاث المستندة إلى علم الطوبونيميا بأن الميناء المسمى في الأدبيات القديمة باسم رتوبيس كان يوجد على الأرجح في المكان الذي شغلته تيط، وهذا يعني أن تيط من المدن القديمة في المغرب.
بعد الفتح الإسلامي صارت الأسر المالكة التي تعاقبت على عرش البلاد والأمم التي تعاقبت على السكنى في رتوبيس تبني عمارتها بجانبها أو ربما على أنقاضها، وقد صارت هذه العمارة الجديدة تحمل اسما جديدا في المصادر العربية الإسلامية هو تيطنفطر ويقال اختصارا تيط.
الاتحاد الاشتراكي حملت العديد من الأسئلة إلى الدكتور أحمد الوارث المتخصص في تاريخ المغرب وأحد أبرز الأسماء المتخصصة في تمحيص الأولياء وتاريخها لبسط الجانب التاريخي لعين الفطر وتيط ودفينها الملقب بمولاي عبد الله امغار، حيث أفاد أن رباط آل أمغار يعرف باسم رباط تيطُّ-نْ-فْطّرْ، أي: عين الفطر؛ وهو معدود من الرباطات القديمة في دكالة؛ وضع لبناته الأولى الشيخ الزاهد أبو الفداء إسماعيل، جد أبي عبد الله أمغار، المتوفى في بداية القرن الخامس الهجري/11م، بالتقريب، فقام أبو جعفر إسحاق أمغار، المشهور بين أقرانه بالورع والزهد، مقام والده، ثم ارتحل إلى أيير بساحل دكالة، في حدود 419هـ/ 1028م، في خضم توسع الإمارة البورغواطية في دكالة. وفي أيير رزق أبو جعفر إسحاق بن إسماعيل أمغار بولدين، سمى أحدهما محمدا هو المشهور ب(مولاي عبد الله ) أمغار.
واضاف ان أبو عبد الله تربى في أيير ، وتيط بعد عودة والده إليها، حوالي سنة 447 هـ/ 1055م، إبان ظهور المرابطين بدكالة، ثم تولى المشيخة بعد وفاة والده. في هذا الشأن تسجل المصادر أن أبا عبد الله أمغار تعلم وتصوف على يد شيوخ مشاهير، في مقدمتهم والده أبو جعفر إسحاق، والشيخ عبد الله الفيزاري الملقب بأستاذ الأمغاريين، والفقيه حجاج بن حجاج، وهو من بيت العلم بإشبيلية، وكان أبو عبد الله أمغار يحضر دروسه بقرية كيمْوَان الواقعة بساحل صنهاجة، فضلا عن اتصاله بالشيخ أبي بكر بن العربي المعافري، زد على ذلك، علاقته المبكرة والطويلة بأبي شعيب أيوب السارية المشهور بالرداد. سجل المهتمون هذا الأمر، وسجلوا معه نبوغه المبكر في العلوم الشرعية، وفي علوم الآخرة أيضا، وبلوغه في مقامات الولاية مبلغا لا يبلغه إلا الأفراد العارفون.
إلى ذلك، وافق تصدر (مولاي عبد الله أمغار) المشيخة اهتمام المرابطين بآل أمغار ورباطهم. تجلى ذلك في دعم التيار السني المالكي في دكالة خصوصا والمغرب عموما، وفي مباركة الأمغاريين السياسة المرابطية في الجهاد. كما تعكس ذلك كله الامتيازات المادية وكذا المعنوية التي خص بها المرابطـون أهل رباط تيط، من قبيل اختيار الأمير علي بن يوسف بن تاشفين المرابطي استشارة الشيخ أبي عبدالله أمغار لما عزم على بناء سور مراكش سنة522 هـ/1128م، بل الظاهر أن مكانة هذا الشيخ في العهد المرابطي بلغت مستوى جعلته يتخذ اختيارات معارضة لسياسة أولي الأمر أنفسهم، ومن ذلك على سبيل المثال تبنيه لأفكار الإمام أبي حامد الغزالي، وإقراء كتبه في رباطه. ثم تخلفه عن حضور جمع الفقهاء في مراكش، بدعوة من الأمير علي بن يوسف نفسه. وقد فطن المرابطون إلى تزايد أهمية آل أمغار في دكالة، زمن (مولاي عبد الله ) فحرصوا على التماس الدعم منهم، خصوصا بعد أن بدأ الخطر الموحدي يلوح في الأفق.
وأكد أحمد الوارث أن ذلك لم يثن خلفاء الدولة الموحدية من البداية عن ربط الاتصال ب(مولاي عبد الله أمغار). على غرار لجوء المهدي بن تومرت، زعيم الحركة الموحدية، إلى رباط تيط، فارا بنفسه من ملاحقة قوات الدولة المرابطية. في المقابل، أتى المؤرخون على ذكر تيط وأهلها، في سياق الحديث عن «الاعتراف « الذي فرضه الخليفة عبد المومن على أهل دكالة سنة 543هـ/1149 م، عقابا لهم على تمردهم ضد الحكم الموحدي، عقب وفاة ابن تومرت، تشبثا منهم بالمذهب المالكي ورفضهم المذهب التومرتي، لكن المصادر لم تسجل على الموحدين أنهم أساؤوا، إبان تلك الحملات، إلى الشيخ أو غيره من الأمغاريين في تيط ن فطر.
يتبع


الكاتب : إنجاز: مصطفى الناسي

  

بتاريخ : 13/08/2024