حميد ..الفنان المصور، صاحب الببغاوات لـ «الاتحاد الاشتراكي»:
إنها مثل أبنائي وقد تموت بعد حجزها
طيور الجمال بشفشاون أين اختطفت ؟؟؟
وأين ذهبت بها أمزجة مصالح المياه والغابات التي حرمت ساكنة مدينة شفشاون من نعمة الجمال التي وهبها لها الله .
فمصالح المياه والغابات بدل أن تزرع كل يوم شجرة، في الجبل وتقوم بتحسين الغابات المتدهورة والحفاظ على النباتات وحماية التربة ومصادر المياه بالإقليم التي تشكل جزءاً من النظام الإيكولوجي للغابات ، ها نحن نراها اليوم بمزاجها، تسلط مجهرها وسلطتها على أجمل مدينة في العالم وبصفة خاصة على طيور الببغاوات، والتي هي في الأصل طيور الزينة، لتحرم السياحة المحلية من أيقونة الجمال والذكريات الجميلة التي تؤرخ للحظات ممتعة وسط جبال شفشاون الشامخة. فتقوم بالحجز على هذه الطيور بعد أن ألفناها بساحة وطاء الحمام لما يقارب من ربع قرن من الزمان.
وهذا ما سيؤثر على السياحة المحلية فتفقد جاذبيتها بساحة وطاء الحمام الشهيرة. غير أن الطامة الكبرى هي أنها حجزت كل الطيور، ورحلتها إلى مكان مجهول، ناسية أنها تحتاج إلى عناية خاصة تعودتها من صاحبها الذي كان يعتبرها مثل أبنائه مما صار يهددها بالموت أو الانتحار، حيث تحتاج إلى غذاء مميز وعناية يومية فائقة .
لقد كان من الأجدر بمصالح المياه والغابات أن تعمل على إحداث محميات غابوية بإقليم شفشاون للحيوانات التي انقرضت بفعل الحرائق الغابوية المهولة التي شهدها الاقليم، على مدار عقود طويلة، بدل تطبيق قرارها الجائر غير المفهوم، فهناك حيوانات وأنواع من الثعالب والكواسر مهددة بالانقراض.
كما أن بعض هذه الحيوانات أصبحت تهاجم بعض المداشر وتفترس الدجاج، وتحتاج بالتالي إلى محميات خاصة .وهناك نباتات وأعشاب طبية مهددة بالانقراض، وهناك مافيا تأتي لاستغلال الزعتر الشفشاوني وتهريبه إلى مناطق أخرى قبل نضجه .
****
ماهو أجمل شيء في العالم؟
الكل يقول شفشاون من أجمل مدن العالم .
مدينة زارها كبار الفنانين والمشاهير، وقادة وزعماء دول وسياسيون ورجال دول وسفراء فضلا عن أمراء ومشاهير كرة القدم .
شفشاون صارت مثالا ناجحاَ للصورة والقنوات الفضائية والإعلام.
فهل تعلمون كيف تحققت لشفشاون هذه الشهرة العالمية .. الأمر بسيط للغاية فليس وراء ذلك شركات كبرى للدعاية السياحية، وإنما مبادرات محلية وإبداع إنساني رفيع المستوى، فضلا على أن الحاجة هي أم الإبداع والاختراع .
وبعد ..أين هجرت مصالح المياه والغابات طيور الببغاوات ؟
وفي أي سجن أو قفص أو منتزه أو فيلا اعتقلت ؟ وكيف تمت عملية اختطاف طيور الجمال من شفشاون .. المناضلة والكادحة ؟ومن نفذ قرار الاختطاف ؟ هل سماء شفشاون وساحتها لم تعد تسع الجمال ولا تستحقه؟
هل نقول وداعا للببغاوات .. وأنها لن تعود .. وحتى إذا لم تعد إلى صاحبها فالذاكرة المحلية ستبقى يقظة ولن تنسى ما أقدمت عليه مصالح المياه والغابات وستبقى الواقعة تحكى من جيل لجيل .
****
هل ستعود طيور الجمال والفرح إلى حيّنا ..وحاراتنا العتيقة وساحاتنا التاريخية، ولو في الأحلام والأمنيات، وتفصح عما سمعت ورأت عند اختطافها ؟
****
صاحب هذه الطيور هو حميد بن سعيد ، أحد أبناء مدينة شفشاون، تجاوز عقده الخامس، فنان فوتوغرافي عصامي، تحدى البطالة وضنك العيش، وابتكر لنفسه مهنة جديدة من خلال صنع الفرح والجمال، من خلال طيور الببغوات الجميلة بألوانها الزاهية التي اختار لها ركنا يعرضها فيه بساحة وطاء الحمام التي اعتداد السياح الأجانب والوافدون على مدينة شفشاون، في المواسم السياحية التقاط صور تذكارية معها مقابل دراهم معدودة . وهذا الدخل الزهيد ، يقتسمه حميد مع هذه الطيور في أكلها اليومي إلى جانب عدد من أفراد أسرته، وبالتالي منذ أن تعرض حميد لحادثة سير، صار شبه عاجز عن العمل، وبذلك انضم إليه أفراد من أسرته لمساعدته في الاعتناء بطيور الببغاوات وعرضها بشكل يومي بساحة وطاء الحمام.
اليوم بعد حجز هذه الطيور وفرض غرامة باهظة على حميد أصبح يهدده التشرد والبطالة فهل من منقذ ومن مغيث لشفشاون التي اختطفت منها طيور الجمال والفرح .
والحديث عن قصة مصالح المياه والغابات بإقليم شفشاون مع الساكنة قصة صراع دائم حيث لاتصالح ولااستسلام. لعقود كثيرة وهي تضايق ساكنة المناطق القروية . وللأسف الشديد هكتارات من الأشجار تعرضت لحرائق، مهولة بالإقليم، ولعدة أسباب أتلفت أشجار نادرة بسبب عدم العناية بها ، وإذا تم تعويضها علينا أن ننتظر سنوات وسنوات لتعود للإقليم شفشاون جاذبيته وجاذبيته الطبيعية . هذا موضوع آخر لطالما تحدثنا عنه وقلنا إن الغطاء الغابوي في شفشاون لعقود مقبلة مهدد بالاندثار.