ارتفاع حدة التوتر بين فرنسا والجزائر

 

ارتفعت بشدة حدة التوتر بين فرنسا والجزائرفي الأيام الأخيرة، والتي كانت من أبرز تجلياتها الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى النظام الجزائري، والتصريحات التي أدلى بها قبل ذلك وزير الخارجية جان نويل بارو والتي ذهبت في نفس المنحى، وتزامن ذلك مع حملة اعتقالات طالت مؤثؤين جزائريين موالين للنظام العسكري للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد وجه انتقادات حادة للنظام الجزائري على خلفية اعتقال الكاتب الفرنسي من أصل جزائري، بوعلام صنصال.
واعتبر ماكرون أن الجزائر «تسيء إلى سمعتها» بعدم إطلاق سراحه، وقال أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه «الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج».
وتابع «نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال»، مضيفا أن هذا «المناضل من أجل الحرية… محتجز بطريقة تعسفية تماما من قبل المسؤولين الجزائريين».
وكانت السلطات الجزائرية اعتقلت في نونبر الماضي، بوعلام صنصال (75 عاما) المعارض للسلطة الجزائرية ولفقت له تهمة تعريض أمن الدولة للخطر، وهو موجود منذ منتصف دجنبر في وحدة علاج طبي.
ووجهت إلى صنصال تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعد «فعلا إرهابيا أو تخريبيا…كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي».
وبحسب صحيفة «لوموند» الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع «فرونتيير» الإعلامي الفرنسي، أكد فيها أن أراضي مغربية انتزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر.
وسبق لوزير الخارجية جان نويل بارو أن صرح بدوره، يوم الأحد الماضي، أن بلاده تساورها «شكوك» حيال رغبة الجزائر في التزام إحياء العلاقات الثنائية، معربا عن مخاوفه بشأن قضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال.
وقال بارو في مقابلة مع إذاعة «أر تي إل» الخاصة «لقد وضعنا في 2022… خريطة طريق … ونود أن يتم الالتزام بها».

وأضاف «لكننا نلاحظ مواقف وقرارات من جانب السلطات الجزائرية أثارت لدينا شكوكا حيال نية الجزائريين التزام خريطة الطريق هذه. لأن الوفاء بخريطة الطريق يقتضي وجود اثنين».
وأضاف بارو «مثل رئيس الجمهورية، أعرب عن القلق البالغ إزاء رفض طلب الإفراج الذي تقدم به بوعلام صنصال ومحاموه».
وردا على هذه الانتقادات الشديدة، نددت الجزائر الثلاثاء بـما قالت إنه «تدخل سافر وغير مقبول» في شؤونها الداخلية. وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته عبر منصة إكس «لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة».
وشددت على أن «هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة لما تمث له من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي»، معتبرة أن «ما يقدمه الرئيس الفرنسي زورا وبهتانا كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليست كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة، بل يتعلق الأمر بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري».حسب قولها.
وسخر العديد من المتابعين من هذا البيان، معتبرين أنه مجرد محاولة من طرف النظام لتبييض الوجه أمام الرأي العام الداخلي، مؤكدين أن السلطات الحاكمة في الجزائر، ومهما بلغت حدة الانتقادات التي توجه لها من باريس، لن تستطيع الذهاب أبعد من الاستنكار، كقطع العلاقات الدبلوماسية مثلا، مؤكدين أن قادة النظام مرتبطين بفرنسا بحبل صرة لا يقدرون على قطعه، لأن الأموال التي نهبوها من الجزائر في فرنسا، وأبناءهم وأحفادهم في فرنسا، التي تملك عنهم العديد من الأسرار والتي من شأنها أن تكشف حقيقتهم أمام الشعب الجزائري.
بالموازاة مع ذلك، تشن السلطات الفرنسية حملة ضد مؤثرين جزائريين موالين للنظام، اعتادوا الهجوم على المعارضين الجزائريين، وتهديدهم بالقتل.
وإلى حدود الآن، أوقفت السلطات الفرنسية ثلاثة مؤثرين جزائريين يحظون بمتابعة واسعة على منصة التواصل الاجتماعي تيك توك، للاشتباه في تحريضهم على الإرهاب ووضع منشورات تحث على ارتكاب أعمال عنف في فرنسا، ويتوقع أن يتم سجنهم أو ترحيلهم.
وفي هذا الإطار، أوقف الناشط المعروف باسم «عماد تانتان» الجمعة الماضية في ضواحي غرونوبل بعد نشره مقطع فيديو يحث المتابعين على «الحرق والقتل والاغتصاب على الأراضي الفرنسية».
وتم حذف الفيديو لكن وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو نشر مقطعا منه على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي ووصفه بأنه «وضيع».
وفي القضية الثانية، تم إيداع جزائري يبلغ 25 عاما تم التعريف عنه باسم يوسف أ. لكنه يشتهر على وسائل التواصل الاجتماعي باسم «زازو يوسف»، الحبس الاحتياطي الجمعة الماضية في مدينة بريست، وفق ما أفاد المدعي العام كامي ميانسوني في بيان.
وأوضح أنه سيحاكم في 24 فبراير القادم بتهمة «التحريض علنا على عمل إرهابي» في منشورات على حسابه الذي يتابعه مئات الآلاف. وأضاف في البيان أنه يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات وغرامة قدرها 100 ألف يورو في حال إدانته.
ومساء الأحد، أعلن وزير الداخلية برونو ريتايو عن توقيف ناشط ثالث في مدينة مونبلييه الساحلية بسبب تعليقات عنيفة استهدفت ناشطا جزائريا معارضا.
وأفادت النيابة العامة بأن السلطات المحلية أبلغت عن مقطع فيديو قال فيه المؤثر عن الناشط «اقتلوه، دعوه يعاني».
وقال مكتب محافظ المنطقة إنه يدرس سحب تصريح إقامة المدون وإصدار أمر بترحيله.


الكاتب : الاتحاد الاشتراكي

  

بتاريخ : 09/01/2025