في أفق أن تشكل مكونات المجتمع المدني قوة اقتراحية نوعية
«إن ضمان تقاطعية الحقوق الفئوية في السياسات الترابية، يقتضي توحيد جهود المجتمع المدني المعني والعمل بمنهجية مبتكرة» يقول الأستاذ عبد المالك أصريح، الخبير في مجال الإعاقة والمجتمع المدني والسياسات العمومية ذات الصلة بالمجال، مضيفا في حديث، لوكالة المغرب العربي للأنباء وقناتها الإخبارية M24، «أن المقصود بتقاطعية الحقوق الفئوية في السياسات الترابية والسياسات العمومية هو تشبيك برامج المجتمع المدني المهتم بالفئات الهشة وتوحيد المشاريع والمطالب، بطرق ممنهجة ومقاربات عملية، للدفاع عن الفئات الاجتماعية المعنية، التي لم ينل جزء منها حظه من الاستراتيجيات والمخططات التي تتبناها الدولة بالرغم من الجهود الكبيرة المبذولة»، لافتا إلى « أن هناك سياسات عمومية ليست دائمة الأثر على الفئات الاجتماعية الأكثر تضررا، والأمر يعني فئة من النساء في وضعية صعبة والشباب والأشخاص في وضعية إعاقة»، مشددا على «ضرورة الاشتغال بشكل موحد بين كل مكونات المجتمع المدني والبحث عن أرضية مشتركة واضحة وناجعة».
ومن الناحية المنهجية، أكد المتحدث على «أنه يجب أن تعمل مكونات المجتمع المدني على إثراء السياسات العمومية، محليا وجهويا ووطنيا، والمساهمة في وضعها وصياغتها، و تفكر بطريقة علمية في كيفية توجيب هذه السياسات وضمان الحقوق للفئات لتحدث الأثر الفعلي»، مقرا «بأن العمل على تحقيق هذه الغاية ليس بالمسألة السهلة، على اعتبار أن كل هذه المواضيع والقضايا اللصيقة بالفئات المعنية تحكمها تمثلات في أحيان كثيرة سلبية، إذ هناك من يعتقد أن معالجة القضايا التي تهم الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة لا علاقة لها بالقضايا الاجتماعية الفئوية الأخرى، وبالتالي ليس بالضرورة أن تجمعهما سياسات واستراتيجيات عمومية ترابية واحدة. وهكذا أيضا في ما يتعلق بقضايا النساء والأطفال في وضعية صعبة وفاقدي الأسرة والمرشحين للهجرة»، مجددا التأكيد «على أن تشبيك الجهود يقتضي مقاربات عمل خاصة ومناهج عملية ذات أهداف محددة والتقائية أكثر وعملا ميدانيا دؤوبا».
وحسب المتحدث ذاته، فإن «المجتمع المدني مدعو للبحث عن ملتقيات تقاطعية لأشكال متعددة من التمييز، مثلا قد نجد أمامنا نساء في وضعية إعاقة هن من جهة نساء يعانين من التمييز الجنسي ومن جهة أخرى هن معاقات ويقطن بالعالم القروي الذي يعاني إلى حد ما من العزلة والهشاشة»، علما بأن «بعض البرامج والمخططات والسياسات الترابية تحتاج الى مقاربات أخرى، تسمى بـ «المقاربات التقاطعية»، والتي تستوجب تطوير آليات مواجهة الظواهر المعنية وتجاوز التمييز المتعدد الأبعاد».
واستحضارا لكل ما سلف فقد «آن الأوان لكي يشتغل المجتمع المدني على القضايا الفئوية الاجتماعية المختلفة برؤى براغماتية ومناهج تواصلية مبتكرة ويفكر بصوت واحد، لأن هناك تقاطعات موضوعية تمكن التجاوب مع المصالح الاجتماعية للفئات المعنية التي تدافع عنها وتضعها في صلب اهتماماتها وأجنداتها العملية المشتركة ومساهمتها في صنع القرار، كما عليها تشكيل قوة ضاغطة وقوة اقتراحية نوعية وتطور قدراتها الترافعية وتضبط معا عقارب الساعة في ملامسة القضايا ذات الاهتمام المشترك وقدراتها المعرفية في المجال»، يضيف الخبير في مجال الإعاقة والمجتمع المدني، مشيرا إلى «أن المجتمع المدني مطالب بتقديم اقتراحات مضبوطة والتجاوب مع التطور المؤسساتي والقانوني والحقوقي الذي يعرفه المغرب، وبناء علاقات تعاونية مع المؤسسات المهتمة بالقضايا الفئوية المجتمعية ومع صناع القرار ومع السياسيين والفاعلين العموميين ومع القطاع الخاص لربح الرهان المجتمعي المشترك، وتقديم القيمة المضافة الذي يحتاجها العمل التنموي وخاصة النموذج التنموي الجديد في سياق تثمين الرأسمال اللامادي وتطوير الحكامة والاستعمال الجيد للذكاء الجماعي». ومن ثم «على المجتمع المدني عامة، تجاوز المنطق الضيق للمطالب الى بناء سياقات عمل جماعية متعددة الأطراف تضمن نتائج أفضل. والمدخل الأساسي لتجسير العلاقات بين مكونات المجتمع المدني وضمان الثقة بين كل الفاعلين هو الحوار والتشاور واستحضار واعتماد المقاربات التشاركية ومواكبة النسق التطوري للمجتمع وللواقع وتطور القوانين والتأسيس للممارسات الجيدة والاستفادة من نتائجها»، داعيا «إلى اعتماد آليات ممأسسة لتبادل التجارب على الصعيد الوطني وتوحيد مداخل الاشتغال وايجاد إطار معياري يؤطر آليات العمل الجماعي، وكذا المساهمة في إغناء القوانين المؤطرة للجماعات الترابية لتعزيز الدفاع عن القضايا الاجتماعية الفئوية».